القيادي في حركة الجهاد للرسالة نت:

البطش: نسعى لتنظيم مؤتمر وطني بعد الإجماع على مبادرة شلح

غزة-حاوره محمود فودة

كشف القيادي في حركة الجهاد الإسلامي خالد البطش، أن جهود حركته بعد حصولها على الإجماع حول مبادرة الأمين العام للحركة رمضان شلح، تنصب في سبيل عقد لقاءات وطنية تمهيداً لعقد مؤتمر وطني في الداخل والخارج لكل الجهات المهتمة بالقضية الفلسطينية.

وقال البطش في حوار موسع مع الرسالة: "إن المبادرة التي طرحها الأمين العام لخصت المطلوب لإدارة الصراع مع العدو "الإسرائيلي"، مؤكدا أنها حازت على موافقة جميع الأطراف الفلسطينية والعربية ذات العلاقة بما فيها حركة فتح التي أكدت أن المبادرة تصلح أساسا للحوار للخروج من الأزمة الراهنة.

وكان شلح قد أطلق مبادرة في مهرجان ذكرى انطلاقة الجهاد بغزة، أهم نقاطها مطالبة عباس بإلغاء اتفاق أوسلو، وسحب الاعتراف بـ(إسرائيل)، وإعادة بناء منظمة التحرير، وإعلان أننا في مرحلة تحرر وطني من الاحتلال، وإنهاء الانقسام، وصياغة برنامج وطني، وملاحقة المنظمة لدولة الكيان وقادتها أمام المحاكم وإطلاق حوار وطني شامل.

وأوضح البطش أن ممثل حركة فتح في اجتماع الفصائل بغزة أكد الموافقة على مبادرة شلح، مؤكدا عدم وجود أي بند مقدس في المبادرة لا يمكن مناقشته في إشارة إلى البند الأول المتمثل في إلغاء اتفاق أوسلو.

الانسجام بين المقاومة وأمن غزة أعطى أريحية للإعداد

وأشار إلى أن الجهاد أرسلت المبادرة إلى أطراف عربية وإسلامية ومسيحية، أبرزها رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يوسف القرضاوي، والشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة التونسية، وحزب العمل الإسلامي بالأردن، وأحزاب مصرية وجزائرية ومغربية، وأبرز الوجوه المسيحية كالأب مانويل مسلم، فيما كانت جميع ردود الجهات إيجابية.

وأكد أن غالبية الأطراف دعمت القضية من ألفها إلى يائها، وكان في مقدمتها حركة حماس التي أعلنت أنها تتبنى المبادرة وتنسجم مع رؤيتها للمرحلة المقبلة، فيما دعت بعض الفصائل إلى مناقشة المبادرة أكثر.

ودعا البطش الجهات التي رأت في المبادرة أنها غير منطقية في الوقت الحالي خصوصا ما يتعلق بالبند الأول، إلى القدوم إلى طاولة النقاش الوطني؛ للخروج برؤية تنقذ القضية الفلسطينية من التدهور الحاصل.

وعن الخطوات العملية اللاحقة للمبادرة، قال البطش إن جهود الحركة بعد حصولها على الإجماع حول المبادرة، تنصب في سبيل عقد لقاءات وطنية، فيما ستكون الخطوة الأولى عقد ورشة عمل وطنية في غزة لمناقشة المبادرة بشكل موسع. وأوضح أن الخطوة التالية ستتمثل بعقد مؤتمر وطني في الداخل والخارج لكل الجهات المهتمة بالقضية الفلسطينية، والتي وافقت على دعم المبادرة كحل للأزمة السياسية الراهنة

التحولات الإقليمية

وأكد القيادي في حركة الجهاد أن الوضع السياسي للقضية الفلسطينية يمر في أدق وأصعب مراحله، لأسباب متعددة، أهمها التحولات الإقليمية، وعدم وضوح الرؤية في الساحة الداخلية طيلة السنوات الماضية.

دول عربية تسعى للتطبيع مع الاحتلال بالمجان

 وأوضح البطش أن تأثير التحولات الاقليمية أدى إلى عدم اعتبار القضية الفلسطينية في نقطة المركزية أو ذات اهتمام على طاولة الأولويات، فيما أصبحت بعض الدول العربية لا ترى في (إسرائيل) عدوا مركزيا للأمة. وقال إن دول الأمة باتت تبحث عن قضايا مركزية بديلة عن القضية الفلسطينية كالطائفية والتماهي مع الرؤية الأمريكية للفوضى الخلاقة، مما أدى لتراجع مكانة القضية.

وفي الوضع الداخلي، أشار إلى أن عدم وضوح الرؤية في الساحة الفلسطينية فيما يتعلق في البرنامج الوطني، أدى إلى تراجع مستوى الاهتمام الخارجي بفلسطين، مؤكدا أن البعض يسعى إلى أن تتبنى فصائل المقاومة مبدأ سلام الشجعان بدلا من الطلقة الشجاعة التي لا رجعة عنها.

وشدد على أن المرحلة المقبلة تحتاج إلى لم الشمل والاتفاق على رؤية وطنية استراتيجية مبنية على الشراكة وترتيب البيت الفلسطيني.

وفي ملف المصالحة الفلسطينية، أكد البطش أن حركته كانت تأمل أن ينتج عن لقاء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس برئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، خطوات عملية في سبيل إنهاء الانقسام. وأوضح أن اللقاء بحد ذاته يعتبر خطوة إيجابية أولى بالنظر إلى التقاء رئيسي الهرم في حماس وفتح، إلا أنها تحتاج لإبداء كل طرف تنازلا؛ للسير في طريق المصالحة التي بتنا في أحوج الأوقات إليها.

انتفاضة القدس

وعن انتفاضة القدس المندلعة في الأراضي الفلسطينية منذ عام، قال البطش إن الانتفاضة ما زالت مستمرة بعملياتها النوعية، رغم أنها تخفت تارة وتتصاعد في أخرى، مشيرا إلى أن هذا التذبذب حالة طبيعية لكل انتفاضات الشعب الفلسطيني.

وأكد أن الأهم من العمليات أن الحالة الشعبية الرافضة للاستيطان ولانتهاكات الاحتلال "الإسرائيلي" ومستوطنيه" آخذة في التصاعد، ولم تنكسر؛ في ظل الإجراءات القمعية التي يمارسها الاحتلال بحق المواطنين في الضفة والقدس.

وأضاف: "الانتفاضة شعبية بامتياز ويتخللها عمليات نوعية، في حين ترتفع وتضعف وتيرتها، والمهم أن تبقى الحالة الشعبية مستمرة، ومن ثم العمليات".

وحول عملية "بيت إيل" الأخيرة التي نفذها أحد عناصر أجهزة أمن السلطة، شدد البطش على أن العملية مثلت تحولا نوعيا بأن يدخل سلاح السلطة وعناصره في حالة الاشتباك مع الاحتلال.

وقال: "عملية بيت إيل جاءت تصحيحا للمسار، بدلا من الإلتهاء في التنسيق الأمني والحفاظ على أمن المستوطنات، بأن يصبح رجل الأمن يقوم بدوره في حماية المواطنين والتصدي للمستوطنين".

وبعد أن شهدت الضفة حملة اعتقالات غير مسبوقة بحق كوادر حركة الجهاد، قال البطش إنه "للأسف الشديد بعض الأجهزة الامنية تحلم بدور أمني على حساب المقاومة، وهذا ما يضعها في موضع الشبهة، ونشاطها لن يكون لصالح القضية". وشدد على أن حركته سترفع دعاوي في اللحظة الوطنية المناسبة ضد كل منْ تورط في التنسيق الامني أو قمع حرية المواطنين أو اعتقال المقاومين، في إشارة لانتهاكات السلطة المتواصلة منذ 10 سنوات في الضفة.

مقاومة غزة

وعن وضع المقاومة في غزة، أكد البطش على أنه لا تراجع عن خيار المقاومة التي تمثل الطريق الوحيد للعودة، مشدداً على أن الانسجام بين المقاومة والأجهزة الأمنية بغزة أعطى الفصائل الأريحية الكاملة للإنجاز في مشروع الإعداد للمرحلة المقبلة. ونبه إلى أن هناك فرقا كبيرا بين العقيدة الأمنية التي تحكم الأجهزة الأمنية في غزة ونظيرتها في الضفة.

وعن إمكانية اتجاه الاحتلال لشن عدوان على غزة، قال البطش: "العدو لديه مغامرات وحسابات قد تدفعها لشن عدوان على غزة، أو في حالة طلب الإقليم لتغيير الواقع في غزة او ارتأى توجيه ضربة حتى لا تتضخم المقاومة".

سنحاكم كل من تورط في الاعتداء على المقاومين في الضفة

وأضاف: "المقاومة كانت وما زالت في أفضل مراحلها منذ 30 عاما حيث العدوان الإسرائيلي على بيروت 1982 وخروج الفصائل منها، فاليوم أصبح رأس غزة مقابل رأس (تل أبيب)".

وأكد على أن المعادلة بين المقاومة والاحتلال "الإسرائيلي" باتت واضحة، فلا مجال لمناقشة الرد على اعتداءات الاحتلال، فالقرار جاهز لدى المقاومة في كل الحالات.

الإقليم

وعن الوضع الاقليمي المحيط بالقضية الفلسطينية، أوضح البطش أن بعض الدول العربية والاقليمية باتت تبحث عن التطبيع بالمجان، وعن حل للقضية بأبخس الأثمان، فيما يحقق أهدافها فقط. وأضاف: "كنا نشعر بالعيب عن حديثهم عن الحل وفق حدود 67 التي لا نقبل أن ننطقها بألسنتنا، لكن اليوم بات التطبيع مباشرا والتفاوض لحل القضية بإقامة دولة في غزة، ومناقشة وضع الضفة".

وأكد على أن الإقليم بات في قمة التراجع وفي أسوأ أوضاعه، بعد أن اتجه إلى تسعير الصراع المذهبي والطائفي، مشيرا إلى أن أبرز معالم هذا التراجع أن (إسرائيل) باتت تعتبر نفسها جزءاً من المحور السني. وشدد على أن المقاومة لم ولن نعتمد على أي من الدول العربية، فيما يتعلق الاعتماد الأبرز على الله من ثم الحاضنة الشعبية التي تصمد في وجه المؤامرات الدولية، وتدعم خيار المقاومة.

وأوضح أنه لا يمكن لأي دولة عربية أن تؤثر على المقاومة وعلى حركتي حماس والجهاد؛ لأنها لم تنطلق بقرار عربي كما بعض الفصائل، بل كان مصدرها  الحاجة الوطنية في الشارع الفلسطيني المنتفض في وجه الاحتلال. وأشار إلى أن الدول التي دعمت المقاومة لا يمكن لها أن تغير مبدأها، ومن يحاربها لن يغير موقفه بسهولة.

وأكد على أن العلاقة بين حماس والجهاد في أفضل مراحلها منذ تأسيسهما، قائلاً: "حماس والجهاد في مركب واحد اسمها فلسطين والمجداف فيه البندقية والربان فيه مشروع المقاومة الذي يجمع الحركتين".

التسهيلات المصرية

وبعد الأحاديث الإعلامية عن تسهيلات مصرية في طريقها لغزة، أكد البطش ترحيب حركته بكل جهد مصري وبكل خطوة تؤدي إلى انهاء الحصار أو تخفيف معاناة الشعب الفلسطيني في غزة.

وشدد على أن مصر لن تعجز عن التوفيق بين الأمن القومي المصري ودعم غزة، مشيرا إلى أن القيادة المصرية باتت تدرك مدى الحاجة إلى تخفيف الحصار، مبدياً أمله أن يكون مفتاح فك الحصار عن غزة بيد الأشقاء المصريين.

ندعو عباس لرفع اليد الغليظة عن المقاومة في الضفة

وأشار إلى أن الوضع الإنساني في غزة ما زال على حاله منذ 10 سنوات، بعد أن ظلمت كل مكونات غزة؛ لانتخابها حركة حماس في الانتخابات، فيما لم تعط الحركة فرصتها للحكم، بفرض حصار مشدد، صمتت عليه المؤسسات العربية والإسلامية كالجامعة العربية ومنظمة التعاون الاسلامي.

وفي نهاية حديثه، وجه البطش رسالته إلى الرئيس عباس بأن الوقت لم يعد كافيا، وعليه أن يسرع الخطى في خطوات إنهاء الانقسام وانقاذ القضية الفلسطينية من التدهور؛ لأن مآلات ذلك صعبة. ودعا عباس إلى رفع يد أجهزته الأمنية الغليظة عن المقاومة، في ظل استمرار القبضة الأمنية ضد كل كوادر المقاومة بكافة أطيافها، وازدادت مع اندلاع انتفاضة القدس.

البث المباشر