بعد أشهر قليلة تمر علينا الذكرى الثلاثون لانطلاقة حركة المقاومة الإسلامية حماس كحركة إسلامية مجاهدة وطنية حملت لواء تحرير أرض فلسطين المباركة من بحرها إلى نهرها، وتجاهد على التراب الفلسطيني متمسكة بالثوابت والمبادئ الفلسطينية، وإن القدس والمسجد الأقصى المبارك تعد البوصلة الرئيسية في جهاد حماس ودورها في المقاومة والفكر التربوي والعمل السياسي، ولا يخفي على أحد القوة العسكرية لحركة حماس والمتمثلة بالجهاز العسكري كتائب الشهيد عز الدين القسام الذي يمتلك سلاح وصواريخ وأنفاق استراتيجية تشكل خطورة على الكيان الصهيوني. ويشدد كاتب المقال على أن لكل مرحلة زمنية سياسية تجلياتها وتطوراتها في العمل السياسي والعمل الميداني والعسكري، خاصة أن الظروف والوقائع التي تحيط بنا أصبحت مختلفة، والمرحلة التي تمر بها القضية الفلسطينية مرحلة دقيقة وخطيرة وتتطلب حنكة سياسية في التعامل مع الأمور والمستجدات المستقبلية في ظل التطورات الحاصلة في العالم والإقليم من حولنا، وقد أصبح لحركة حماس تجربة ثرية في الحكم بعد أن قادت الحكومة منذ عشر سنوات وسط حصار دولي وعالمي على هذه الحكومة، كما أن الحركة واجهت العدو الصهيوني في ثلاثة حروب كبيرة استطاعت الصمود وحماية قطاع غزة من مخاطر الاحتلال البري وعودة السيطرة للكيان على هذا القطاع، لكن هذه الحروب زادت من قوة حركة حماس وإصرارها على مواصلة الجهاد ومقاومة الاحتلال الصهيوني . ويرى الكاتب أن الظروف السياسية والميدانية في العالم والمنطقة العربية غاية في التعقيد، وهناك قضايا إقليمية وعالمية يجب أن يكون لحركة حماس موقفا منها وهي تحمل لواء الدفاع عن شعبنا الفلسطيني ومواجهة مخططات الكيان الصهيوني من أجل اقتلاع وتهجير أبناء شعبنا الفلسطيني. ويشدد كاتب السطور على أن حركة المقاومة الإسلامية حماس وجيشها كتائب القسام ورجالاتها الفكرية والسياسية لهم تصورات عميقة لمستقبل القضية الفلسطينية، وهم يؤكدون في كل خطاب سياسي وفكري على أن أرض فلسطين إسلامية من بحرها إلى نهرها وأنها لا تقبل تجزئة الحلول أو الحلول الوسطية في تحرير أرض فلسطين، وأن الصراع مع الكيان الصهيوني هو صراع طويل، والمعركة تحتاج إلى زاد وصبر وعناء من أجل تحرير أرض فلسطين من دنس المحتلين. إن حركة حماس اليوم ومن مقتضيات مصلحة أبناء شعبنا الفلسطيني، وفي إطار تاريخها الجهادي الطويل على أرض فلسطين تعلن عن وثيقتها السياسية الجديدة والبرنامج السياسي لإدارة الصراع مع العدو الصهيوني. إن وثيقة حماس السياسية الجديدة -بحسب مصادر إعلامية مقربة من الحركة – تتحدث عن معالم ومسارات العمل الجهادي والسياسي لحركة حماس في المرحلة القادمة، وعن علاقات حركة حماس بدول الجوار والإقليم والعالم من حولنا. إن الوثيقة السياسية الجديدة لحركة حماس تؤكد على الثوابت الفلسطينية الأصلية ولا تعترف بالكيان الصهيوني ولا تعترف بالاتفاقيات الموقعة معه، ولا تعترف بحدود فلسطين عام 1967م ولا تتنازل عن أي شبر من أرض فلسطين التاريخية، بل تؤكد الحركة في وثيقتها السياسية على " أن فلسطين بحدودها التاريخية المعروفة من نهر الأردن شرقاً إلى البحر الأبيض المتوسط غرباً، ومن رأس الناقورة شمالاً إلى أم الرشراش جنوباً وحدة إقليمية لا تتجزأ، وهي أرض الشعب الفلسطيني ووطنه، وإن طرد الشعب الفلسطيني وتشريده من أرضه، وإقامة كيان صهيوني عليها، لا يلغي حق الشعب الفلسطيني في كامل أرضه ولا ينشئ حقاً مشروعاً للكيان الصهيوني الغاضب فيها". كما تحدثت حركة حماس في وثيقتها عن الشخصية الفلسطينية أنها صفة أصيلة، لا تزول، وهي تنتقل من الآباء إلى الأبناء؛ ولا تفقد النكبات التي حلّت بشعبنا الفلسطيني، بفعل الاحتلال الصهيوني وسياسة التهجير-لا تفقد الفلسطيني شخصيته وانتماءه، وشددت على عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم التي هجّروا منها في نكبة عام 1948م، وأكدت على أنّ العودة حق غير قابل للتصرّف من قبل أي جهة كانت، فلسطينية أو عربية أو دولية. وشددت حركة حماس في وثيقتها عل أن مقاومة الاحتلال الصهيوني، بالوسائل والأساليب كافة، حق مشروع كفلته الشرائع السماوية والأعراف والقوانين الدولية، وفي القلب منها المقاومة المسلحة التي تعد الخيار الاستراتيجي لحماية الثوابت واسترداد حقوق الشعب الفلسطيني، ورفضت حماس المساس بالمقاومة وسلاحها مشددة على حق شعبنا في تطوير وسائل المقاومة وآلياتها، وأكدت أن إدارة المقاومة من حيث التصعيد أو التهدئة، أو من حيث تنوع الوسائل والأساليب، يندرج كله ضمن عملية إدارة الصراع، وليس على حساب مبدأ المقاومة. كما تحدثت حماس في وثيقتها السياسية عن جهودها في إقامة علاقات متوازنة مع الدول العربية والإسلامية و نتبنى سياسة الانفتاح على مختلف دول العالم بما يخدم القضية الفلسطينية ومشروع تحرير أرض فلسطين، كما ترفض حركة حماس التدخل في الشؤون الداخلية للدول والدخول في النزاعات والصراعات بينها، مشددة على استقلالية القرار الوطني الفلسطيني وعدم ارتهانه لجهات خارجية. إن حركة المقاومة الإسلامية حماس بوثيقتها السياسية أوضحت ملامح المقاومة في المرحلة القادمة ورؤيتها الفكرية والسياسية في إدارة الصراع مع العدو الصهيوني، مشددة على جهادها على أرض فلسطين وجهودها الخارجية في توسيع علاقتها الدولية مع الإقليم والعالم في إطار مشروع مقاومة الاحتلال الصهيوني وتحرير فلسطين من دنس المحتلين وإقامة الدولة الفلسطينية على أرض فلسطين وعاصمتها القدس.