قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: فلسطين بحاجة إلى بيئة عربية نظيفة وقوية

مصطفى الصواف
مصطفى الصواف

مصطفى الصواف

خمس سنوات مرة على ملحمة حجارة السجيل، عدوان 2012، والتي شكلت مرحلة فاصلة في كيفية مواجهة الاحتلال الصهيوني، فقد نقلت المعركة من أرض العدو في المفهوم الصهيوني إلى داخل الكيان نفسه، وهي المرة الأولى التي يُضرب فيها الاحتلال في عقر داره، وكان الاحتلال يسعى دومًا إلى أن تكون معاركه خارج حدود ما يسمى دولته أو أراضيه، فالاحتلال دائمًا يعمل على نقل المعركة إلى أرض خارج أرضه، الأمر الذي سجل نقطة إيجابية للمقاومة التي فرضت معادلة جديدة على الاحتلال لم يعهدها سابقًا إلا بعض الصواريخ التي أطلقها صدام حسين في حرب الخليج الثانية.

عدوان 2012 والذي بدأ بعد عملية اغتيال الشهيد القائد أحمد الجعبري رحمه الله والشهداء جميعا وظن العدو أن المقاومة ستبتلع الضربة ولن ترد على الاحتلال ظانًا أن إمكانيات المقاومة لن تتجاوز المنطقة المحيطة بقطاع غزة وما يطلق عليها غلاف غزة ؛ ولكنه صعق عندما قصفت المقاومة تل أبيب ومحيط القدس بل وأبعد من ذلك فكانت المفاجأة التي أربكت الاحتلال وخلطت الأوراق على جبهته الداخلية وغيرت حساباته التي كان يسعى إلى تحقيقها من خلال عملية الاغتيال والعدوان الذي استمر لمدة أيام ثمانية.

معركة حجارة السجيل عندما نقول شكلت مرحلة فاصلة بين مرحلتين بعد أن كانت المعارك التي تصنعها ( إسرائيل ) خارج حدودها باتت المعركة داخل حدودها ثم أن ما بعد حجارة السجيل كان واضحًا في عدوان 2014 وما سيكون في أي عدوان قادم مختلف أيضًا عما سبق لذلك كانت معركة حجارة السجيل معركة فاصلة في بعدها العسكري وفي ميدان المعركة وجبهتها وكان فيها تحول كبير رغم اختلال موازين القوى.

ما أردته ليس معركة السجيل وما صنعته؛ ولكن أردت الحديث عن البيئة العربية خلال معركة السجيل حيث كانت بيئة مختلفة للقضية الفلسطينية والمقاومة جعلت من عمر المعركة قصيرًا جدًا بالقياس لما سبقها من عدوان أو معركة الفرقان، أو ما جاء بعدها من معركة العصف المأكول، هذه البيئة العربية كانت بيئة مقلقة للاحتلال وضاغطة عليه وجعلت حساباته مختلفة، فكانت الثورات العربية ( الربيع العربي ) على أوجها وكانت مصر في وضع مختلف عما كانت عليه في عدوان (2008-2009) حيث حاول نظام مبارك انتزاع الاستسلام من المقاومة لحساب الاحتلال، ونفس الأمر في عدوان 2014 كان المطلوب من المقاومة الاستسلام وإعلان الهزيمة والتسليم لشروط الاحتلال، بينما خلال عدوان 2012 كان الرئيس المصري محمد مرسي يتحدث بلهجة مختلفة وكانت له مواقف مختلفة دعمًا للشعب الفلسطيني ومساندة لمقاومته ووقوفًا إلى جانبه بدليل فتح الحدود ووصول الوفود وعلى رأسها رئيس الوزراء هشام قنديل ودخول وزراء الخارجية العربية وإدخال قوافل المساعدات حتى باتت غزة تعج بالمسئولين العرب والدوليين وكان التعاطف مع غزة كبيرًا جدًا، وأصبح موقف الرئيس المصري محمد مرسي أحد الأسباب التي جعلت عمر المعركة قصيرًا إلى جانب فعل المقاومة وتغييرها لقواعد اللعبة ثم الثورات العربية، عوامل ثلاث لعبت دورًا كبيرًا في المعركة وأكدت على حقيقة أن البعد العربي الحقيقي الداعم للحقوق والثوابت عنصر مهم وضروري للقضية والشعب والتحرير.

اليوم الموقف العربي في حالة انهيار غير مسبوقة ومختلفة عما كانت عليه في 2012 كان الخوف ينتاب الزعماء العرب فكانوا بين صامت أو يظهر التأييد للمقاومة وأنه ضد العدوان وذلك خشية أن تطال رؤوسهم الثورات العربية لأنهم يدركون أن موقف الشعوب موقف مساند للمقاومة وللشعب الفلسطيني.

اليوم البيئة العربية مختلفة تمامًا بعد أن تم القضاء على الثورات العربية ( الربيع العربي ) وبعد الوقاحة التي وصل لها النظام العربي من الإعلان عن النية لإقامة علاقات مع الاحتلال والاعتراف به حتى لو كان على حساب حقوق الشعب الفلسطيني، وبات الحديث أبعد من التطبيع والعلاقات السرية حتى وصل الأمر إلى بناء تحالفات سياسية وأمنية وعسكرية وبات عدو الاحتلال هو عدو لبعض النظم العربية ذات النفوذ وباتت مقاومة الشعب الفلسطيني إرهابًا تمامًا كما يراها الاحتلال، والمطلوب اليوم هو العمل على تصفية القضية الفلسطينية ونزع سلاح المقاومة وخدمة الاحتلال وبقائه بل وحمايته.

في ظل هذه البيئة الرديئة والمنحطة علينا أن نعمل كفلسطينيين على الحفاظ على القضية من خلال الحفاظ على الثوابت والتمسك بالحقوق والحفاظ على المقاومة وتنميتها والبعد عن التحالفات، وفتح الباب أمام الجميع لدعم القضة الفلسطينية.

البث المباشر