قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: انتفاضة ما قبل الربيع العربي الجديد

كتب: عماد عفانة

الانتفاضة التي دعت لها حركة المقاومة الإسلامية "حماس" كانت المبادرة الحقيقية الوحيدة الأكثر أهمية التي اتخذت على كافة المستويات الفلسطينية العربية والاسلامية، تبعها بدرجة أقل أهمية مبادرة الرئيس التركي أردوغان بقطع العلاقات الدبلوماسية مع "اسرائيل"، ثم توالت المبادرات الأقل شأنا على أهميتها والتي توضع في خانة ردات الفعل التي عودتنا عليها شعوب الأمة بنزولهم في تظاهرات احتجاجية في الشوارع لعدة أيام دون أن تتخذ الحكومات أي مبادرة لرد فعل حقيقي يمكن أن يلفت نظر الإدارة الأمريكية التي تتميز بكثير من الصلف والاستكبار لخطورة القرار المتهور الذي اتخذه ترامب بالاعتراف بالقدس كعاصمة أبدية "لإسرائيل".

المقاومة الفلسطينية التي تقودها حركة حماس قرأت المشهد مبكرا وأدركت أهمية التقاط اللحظة لجهة إعادة بوصلة الأمة التائهة بين البنادق المتحاربة باتجاه القضية المركزية الأولى للمسلمين والعرب، وحتى للمسيحيين.

ليس غريبا أن يتحرك هؤلاء جميعا في وقت متزامن وبكلمة واحدة ترفض قرار الاعتراف بالقدس عاصمة للعدو الصهيوني، كما ليس مستغربا أن تساند بندقية المقاوم المتحفز في الثكنات انتفاضة الشعب الأعزل الذي يقاوم المحتل بالصدر العاري.

 لكن الغريب أن يظهر الرئيس الفلسطيني بخطاب باهت دون أي قرار بالتبرؤ من عار أوسلو ومن كل تبعاته، وأن يواصل رئيس مخابرات عباس ماجد فرج وعلى قدم وساق تعاونه مع الاحتلال لإحباط الانتفاضة وقمع حتى حركات الاحتجاج السلمي بمزيد من الاعتقالات التعسفية التي لا تستثني أحدا.

 وكي لا تصبح هذه الدعوة لإشعال الانتفاضة محصورة في الداخل الفلسطيني فقط، وكي لا تبقى التظاهرات التي تعم الشارع العربي والإسلامي مجرد ثورة مؤقتة لتفريغ الغضب الكامن الذي يعتمل في الصدور، ثم يعود الجميع إلى حالة الاستكانة والعجز السابقة، حسبما تتوقع دوائر الاستخبارات الصهيوأمريكية.

فإنه يقع على عاتق دوائر التخطيط في قوى المقاومة العمل على استخلاص العبر من كل الانتفاضات والهبات الجماهيرية السابقة بدءً من انتفاضة 1928 مرورا بانتفاضة 1936 وانتفاضة البلديات 1976 وهبة 1982 وانتفاضة 1987 وهبة 1996 وليس انتهاءً بانتفاضة 2000 وهبة 2015، ووضع خطة متكاملة لتوظيف طاقات أبناء الأمة حكومات وشعوب، وحتى طاقات الأحرار المناصرين للحق الفلسطيني حول العالم، خطة ذات جدول زمني محدد وأهداف وغايات محددة واقعية وقابلة للتحقيق، تأخذ بعين الاعتبار الوقائع على الأرض، وتمتاز بالجرأة والتوازن.

إن السلاح الذي يقتل به العرب والمسلمين بعضهم على مرمى حجر من فلسطين المحتلة، والصواريخ والطائرات التي يتقاذفونها في اليمن وسوريا والعراق وليبيا، الأولى أن تعمل المقاومة على تصحيح بوصلتها كي تشير فقط إلى الكيان الصهيوني الغاصب، وكي لا يكتفي أبناء الأمة بالهاشتاغات والمنشورات والتغريدات عبر مواقع التواصل فقط.

ليس عبثا أن يعتبر البعض قرار ترامب فرصة من ذهب أمام كل من يحمل هم القضية الفلسطينية ليس لإجبار ترامب التراجع عن قراره فحسب، بل لتكف أمريكا يدها عن مساعدة العدو الصهيوني في وجه المقاومة التي عليها الزحف لاقتلاعه من أرض الإسراء.

الشرق الأوسط من فلسطين حتى اليمن قابل للانفجار، وبات على المقاومة التقاط اللحظة وتوجيه هذا اللهب في وجه العدو الصهيوني وكل ما يسانده.

لا يكفي أن تخرج كل الشعوب العربية والإسلامية في الشوارع رفضا لقرار ترامب مالم تنجح هذه الشعوب في طرد سفراء وقناصل أمريكا من بلاد العرب والمسلمين.

وما لم تنجح هذه الشعوب في طرد وإغلاق المصالح والشركات والمؤسسات الأمريكية من بلاد المسلمين.

وما لم تنجح هذه الشعوب في مقاطعة أمريكا سياسيا واقتصاديا وثقافيا، ومقاطعة كافة منتجاتها وإلغاء كافة صفقات السلاح معها.

فلسطين ليست ملكا لأي نظام عربي أو إسلامي لتمنحها على موائد البيت الأبيض في صفقات مشبوهة، كما لا يجب أن يكون الرئيس الكوري كيم جونغ اون الذي لا يعترف "بإسرائيل" أكثر وطنية وانتماء لقضايا الأمة من أبناءها.

 

البث المباشر