قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: حماس امتداد لمنهج التحرير

مصطفى الصواف
مصطفى الصواف

مصطفى الصواف

اليوم 14-12-2017 يوم مشهود سجله التاريخ بماء من ذهب ذكرى ميلاد الحبيبة والتي جاءت على قدر من الله لتعيد البوصلة للشعب الفلسطيني وللقضية الفلسطينية، اليوم الذكرى الثلاثون للإعلان عن انطلاق حركة المقاومة الإسلامية حماس، هذا الانطلاق لم يكن زيادة رقمية بل كان حاجة ضرورية فرضتها المعادلة الاقليمية العربية والدولية والتي أرادت أن تفرض رؤيتها لتمكين الاحتلال الصهيوني على أرض فلسطين بعد أن نزعت عذرية منظمة التحرير الفلسطينية من خلال اعترافها بالاحتلال وإعطائه حقا على الأرض المسلوبة والمنكوبة.

جاءت حماس كامتداد لمنهج التحرير، تحرير الأرض كل الأرض والعمل على إقامة الدولة على كامل التراب دون تنازل أو تفريط، ولذلك التفت الجماهير حول حماس كمشروع مقاوم هدفه التحرير للأرض الفلسطينية بكل الوسائل المتاحة، ولذلك عملت حماس على تطوير أدواتها، وأكدت على أن انطلاق مسيرة التحرير لن تكون من خارج فلسطين، بل قاعدتها الاساسية الارض الفلسطينية وتعلمت حماس من التجربة السابقة للمقاومة الفلسطينية والتي حاولت جعل انطلاق المقاومة والتحرير من خارج الساحات الفلسطينية ما أفقدها الحاضنة الشعبية وهي خط الدفاع الأول للمقاومة.

حماس أدركت حتى قبل الميلاد أن المقاومة المسلحة هي طريق التحرير وقد عملت على الإعداد والتدريب وجمع السلاح ولم تنس الأمن وأهميته ولم تلغِ التربية والاعداد الايماني والثقافي والمعرفي سارت في كل الاتجاهات، لأن الجاهل وإن كان قويا في عالم المعرفة هو أول الخاسرين ولكن المثقف أول من يقاوم وآخر من ينكسر.

نعم حركة حماس حددت منهجها ورسمت طريقها وسارت على أسس وقواعد متينة مكنتها من مواجهة كل المؤامرات والاعاصير والكيد من القريب والبعيد ولكنها لم تحد وبقيت على ثوابتها ورسخت هذه الثوابت في نفوس الشعب الفلسطيني الذي آمن جزء كبير منه بنهجها والتحق في ركبها وباتت اليوم واحدة من أكبر القوى الفلسطينية على الساحة؛ وليس ذلك فحسب بل بات يحسب لها الف حساب ويعتد بدورها وكلمتها ومكانتها على الساحة الفلسطينية .

حماس آمنت بضرورة وحدة الشعب الفلسطيني على قاعدة المقاومة في مواجهة الاحتلال وعملت على ذلك رافضة كل مشاريع التصفية للقضية الفلسطينية وما قبلت بالبديل او التوطين بل ما زالت تؤكد أن فلسطين كل فلسطين هي حق مشروع للشعب الفلسطيني وأن الباطل مهما كبر او انتفش فهو إلى زوال ولن يدوم.

اليوم وبعد ثلاثين عاما وصلت فيها حماس إلى مرحلة من النضج السياسي والقوة العسكرية التي مكنتها من أن تكون حاضرة في الساحة الفلسطينية والاقليمية واعتمدت سياسة الانفتاح على الجميع وتصفير المشاكل مع الآخرين، فكان التقارب مع مصر لوجود مصالح مشتركة كدافع اساسي والتأكيد أن حماس غير معنية بعلاقة مأزومة مع مصر إدراكا منها لدور مصر ومكانتها وأهميتها للشعب الفلسطيني، وكذلك نفس الأمر مع إيران، فكانت حماس مع من يمد يدها لفلسطين حبا ودعما وليس من باب الاحتواء أو الهيمنة، مع ضرورة الحفاظ على استقلالية قرار الحركة.

حماس لم تؤمن يوما بالمحاور والتحالفات كونها تعتقد أن القضية الفلسطينية في هذه المرحلة وهي مرحلة التحرر تحتاج مساعدة الجميع وأن المحاور تضر بالمصلحة الفلسطينية لأنها تكون مع طرف على حساب طرف آخر والقضية ليست بحاجة إلى خلق أعداء.

حماس تسعى اليوم إلى تعزيز الوحدة الوطنية وقدمت التنازلات ما ظن البعض أنها من منطلق الضعف والحاجة، ولكن ظني ان حماس تدرك الواقع وكانت تسعى للوحدة الوطنية لمواجهة مشروع التصفية للقضية الفلسطينية التي يسعى الغرب وأمريكا وبعض الاقليم لتصفيتها لصالح الاحتلال الصهيوني وقد بدا ذلك واضحا بقرار ترامب باعتبار القدس عاصمة للاحتلال، ولذلك قدمت الكثير لصالح الوطن والقضية والمشروع الوطني، ولكن المؤسف أن حركة فتح ومحمود عباس لم يفهما ذلك فهما صحيحا إما توجسا أو نتيجة فهم خاطئ لخطوات حماس.

الحالة الراهنة تتطلب المصالحة والشراكة السياسية وبناء استراتيجية وطنية شاملة متفق عليها بين الكل الفلسطيني بما يحقق مصالح الشعب الفلسطيني ومن لا يقبل يتم العمل على عزله سياسيا عبر تفعيل الشارع الفلسطيني لأن الحالة لا تقبل التسويف.

البث المباشر