قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: حماس 30

الأسير جمال الهور

ولدت في مهد النبوات مع ميلاد حجر فتدحرج بنا الهدف إلى ميدان الجهاد، فالتحمنا في خنادقه معًا، لتلتحم الرصاصة مع الفكرة ولنرتقي سلم الكفاح بالتضحيات، فنصير جيشًا يزاحم على حدود خارطة الدنيا فسمونا حماس ولما بلغنا الثلاثين قلدونا وسام العز "بندقيتين ومصحف".

حماس الثلاثين تنظر بعيني الياسين وترقب ببصيرة ثاقبة أسوار القدس، وتدق بواباتها بزند الرنتيسي وتعيد تشييد ماضيها المجيد وحاضرها المشرق بأرواح الشهداء، وتسرج قناديلها بدمائهم الطاهرة.

حماس.. زرع الله في أرض الله بثلاثين سنبلة خضر، في كل سنبلة ألف مقاوم وشهيد ويزيد، كلهم يمشون على درب القسام الأول، ويتدرعون بجبة التحرير ويهتفون بلسان الشيخ الياسين وبصوت الرنتيسي والجمالين فلتسمع الدنيا غربها وشرقها نداءها.. إنها زرع الله في أرضه وزاد المظلومين والمقهورين وحصاد الثورة والتحرير، فلا يعدو على زرع الله ولا يقع في حماه إلا جاهل جهول ومضل غرور.

حماس الثلاثين أم المساكين والمستضعفين وملجأ المشردين من شر الطغاة وراء الحدود.

حماس بأرقامها الثلاثين هي معادلة الموازنات العسكرية، وبوصلة تصحيح خطوط الاعوجاج بطولها وعرضها على رقعة السياسة الدولية العالمية والإقليمية والمحلية، وصخرة الصمود العصية على التحطيم بمعول الحصار والتجويع، وهي قبلة التائهين الضالين في عصر انحراف الفكر والعقائد.

حماس الثلاثين بقناع وعصبة وبندقية ثلاثية فخر الأمة وعزتها وشعار تحرير أقصاها ودثار اللاجئين المنفيين.

حماس الخضراء برايتها الخافقة على أجنحة الريح طائفة الأمة الباقية على سنان الجهاد والمقاومة لا يضرها من خالفها وخذلها فهي شامة الشام الواضحة البينة في صحراء الضباب والسراب.

حماس الثلاثين اسم وقول وفعل.. اسم ينفي ويبدل عجز الأمة وقول يخط فكرة التحرير، وفعل يعيد الحق المغتصب ويجسد حدوده بفعل القوة ووزنها في واقع متمرد على سنين الكون.

لقد كانت حماس شعلة الانتفاضة المباركة ووقودها المتأجج الذي لا ينضب، ولطالما تألق أبناؤها بفنون الشهادة والتضحية، ولقد كبرت اليوم لتماهي حجم قضيتها المقدسة فخلفت جبهة صلبة وعنيدة في ميادين النزال أسمتها "القسام" توقف عند أقدامهم الراسخة  مد الصهيونية، وتحطمت عند فوهات بنادقهم أحلام اليهود الكبرى، وأعادوا بعنفوانهم البطولي واستبسالهم الجريء برمجة الوقائع السياسية والعسكرية وحساباتها المفروضة بفعل الاغتصاب والعربدة الدولية المنحازة وغسلوا بصمودهم وصمود شعبهم المقاوم عار الهزيمة ونفضوا غبار الذل المنكوس على جبين أمة الخيرية.

حماس الثلاثين استلهام الأرض من جفن السماء لتكون حارسة بوابات بلد النبوات وملهمة المرابطين والمرابطات تحت أسوار القدس العتيقة المزنرين بحد السكين وسورة الأنفال.

حماس الثلاثين فتح الله العظيم الضارب دفوف النصر من  خلف  خط "48" على نغمة زغاريد قوافل الحجيج الى بيت المقدس الحادين أنشودة النصر المظفر على دوي صورايخ القسام وأزيز رصاصه.

حماس الثلاثين رغم الحصار والإمكانيات المتواضعة باتت على خطوة من قرع أبواب السجون، وتحطيمه حصونها وقيودها وسلاسلها وإشعال فتيل صفقة أحرار ثانية بلهب الحرية المتوهج من عيون الأسرى وحناجرهم الثائرة.

حماس اليوم.. تضيء بثلاثين قنديلًا تسرجها بزيت الشهداء والجرحى والجوعى المحاصرين وآهات اللاجئين، وتنثرها في أرجاء المعمورة لتكون منارات الأرض لعين السماء، ولتنير بها عتمة الظالمين السديمة الهابطة على الإنسانية المصادرة والمأسورة، ولتهدي بمصل شعاعها عيون التائقين إلى التحرر من عبودية الذل والخلاص من مهانة احتلال العقل والفكر والحرية.

حماس اليوم.. ثلاثون آية في الثورة والجهاد والصمود منقوشة بحبر الدم الخالد، لا تمحوها بممحاة الإقصاء والرفض ولا تمتص لونها إسفنجة المخادعات السياسية والمخاتلات الفكرية، إنها آيات بينات الحكم والنص.. نص قضية مقدسة لا تقبل نقاشًا ولا شبهة، وحكم عدل لا يقبل استئنافًا أو تعديلًا، فمن ناطح انكسر ومن التحق ودعم نجا وسلم فحماس القسام ماض سلاحها عدل جهادها بين دربها فمن انتمى عز وبز، ومن نكص وتخلف هان وذل.

"وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنًا"...

إنها ذكرى حماس الشهداء وجند القدس وحرائرها، فَطيِّب ذكرُها وعطر إكليل زهراتها الثلاثين على عنق صخرة الرسول وعلى هلال محراب الأنبياء في قدس الأقداس..

الثلاثون: إنها ذكرى حماس نداء السماء الخالد.

البث المباشر