قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: حماس والهجوم الثاني نحو المصالحة

مصطفى الصواف

إدراكا من حركة المقاومة الإسلامية حماس بخطورة المرحلة، وإدراكا منها بالمسئولية اتجاه القضية الفلسطينية، والمشروع الوطني، وحرصا على وحدة الصف الفلسطيني في مواجهة المخاطر التي تحدق بالقضية والشعب،  ورغم علمها أن محمود عباس لا يريد مصالحة وطنية حقيقية قائمة على الشراكة وتحمل المسئولية ما زالت حماس تواصل هجومها نحو تحقيق مصالحة فلسطينية حقيقة من أجل وحدة وطنية تحمي المشروع الوطني وتحافظ على حقوق وثوابت الشعب الفلسطيني في ظل تآمر دولي وإقليمي لتصفية القضية الفلسطينية لصالح المشروع الصهيوني وعلى حساب حقوق الفلسطينيين.

حماس في هجومها الأول غير المسبوق والذي فاجأ الجميع نحو المصالحة ولاقى ترحابا كبيرا شعبيا وفصائليا ومن دول إقليمية مختلفة وتمكنت حماس من إلقاء الكرة في ملعب محمود عباس وحركة فتح كونهما من يسيطر على حكومة الحمد لله وقطعت عليهم الطريق بما قامت به من خطوات ظن البعض أنها نابعة عن ضعف وليس عن إدراك ووعي سياسي بالمخاطر التي تحيط بالمشروع الوطني الفلسطيني.

في هجوم حماس الأول نحو المصالحة خلقت اصطفاف فصائلي واضح في المواقف وفي الخطاب تجاه ضرورة تطبيق اتفاق القاهرة 2011 كما أتفق عليه وباعتراف كل القوى وحتى بعض حركة فتح أن حماس قدمت خطوات متقدمة في مجال تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام، والمطلوب أن تقدم السلطة وفتح خطوات مماثلة ، ولكن خطوة حماس لم تجد من السلطة وفتح إلا التسويف والمماطلة بعد أن استلمت الوزارات والمعابر ثم أدارت ظهرها لتنفيذ الاتفاق الذي وقع في القاهرة في أكتوبر الماضي وبدأت في وضع العراقيل ضمن مفردات لا معنى لها كالتمكين والأمن والشرعي وغير الشرعي ، وعلى رأس ذلك تلك التصريحات الاستفزازية حول المقاومة وسلاح المقاومة والقائمة طويلة.

 

رغم كل ذلك وبشهادة الشهود داخليا وخارجيا إلا أن حماس أصرت على أن تمضي بالمصالحة إلى أبعد مدى،  وذهبت مرة أخرى إلى القاهرة ؛ ولكن مع الأسف العقلية الإقصائية لا تزال تحكم تصرف فتح والحكومة، وعندما يكون هناك إشكالية ما كان أو المتحدثين فيها حركة فتح لرسم السياسة لحمد لله ثم يبني الحمد لله موقف الحكومة وتبقى ديكتاتورية القرار في يد محمود عباس متفردا في كل أمر، ومحمود عباس لا يريد مصالحة وعليه لازلت المصالحة تراوح مكانها وهي أقرب للفشل منه للنجاح لأن سياسة الحب من طرف واحد لا يمكن أن تنتج زواجا ناجحا والمصالحة حتى اللحظة هي من طرف واحد.

كان الهجوم الثاني لحماس وهو ما يؤكد حرص حماس على الوحدة وتجاوز الانقسام وتحقيق الوحدة هو الالتقاء بمفاصل العمل الوطني بعد القوى والفصائل هو اللقاء بالشرائح المجتمعية والشبابية والمؤسسات المختلفة ووضعها أمام الحقيقة والتي كان آخرها لقاء قطاع من الشعب الفلسطيني يدخل كل البيت وهو الوجهاء والأعيان والمخاتير ووضعهم في صورة الوضع العام وما تتعرض له القدس،  ووضعهم فيما آلت إليه المصالحة والمخاطر التي تحيط بها، وأن استمرار هذه المخاطر قد يضع المصالحة في خطر إن لم يتحرك الجميع في الضغط على من يعطل تنفيذ المصالحة مع تأكيد حماس أنه لن تسمح بفشل المصالحة لأن ذلك يشكل خطرا كبيرا على المشروع الوطني.

وبعد هذا الهجوم الثاني نحو المصالحة هناك سلاح مهما لابد أن تتحرك حماس نحوه وهو السلاح المعطل رغم قوته وتأثيره وهو الشارع الفلسطيني المواطن الفلسطيني الأكثر تضررا لم يستخدم، ولم يتم تحريكه حتى الآن، ولذلك أتوقع أن تواصل حماس هجومها وستكون الخطوة التالي هي تثوير الشعب الفلسطيني في وجه المعطل للمصالحة، وهناك وسائل كثيرة بمكن استخدامها وأولها وضع الناس امام الحقائق المجردة بعيدا عن المجاملات والتلطيفاتِ حتى يكون الناس على بينة بكل ما يجري وعندها من المفترض أن يكون هناك موقفا حاسما وحازما يضع النقاط على الحروف، كل ذلك من أجل حماية المشروع الوطني، والمصلحة الوطنية العليا، والحفاظ على حقوق وثوابت الشعب الفلسطيني، واعتقد أن الكل الوطني وشرائح المجتمع ستكون هي الحاضنة والداعمة لذلك الموقف بعد إشراكها واطلاعها على الحقيقة حتى ولو كانت مرة.

البث المباشر