وأنت تتجول في جنبات معرض الفنانة التشكيلية هناء حمش "أوائل النساء" ستفاجأ بالفلسطينيات الرائدات، فعلاوة على رسمها لشخصيات معروفة بنضالها، ستجد لوحات مرسومة لنساء غيبهن التاريخ، أمثال فاطمة برناوي أول أسيرة فلسطينية، وكريمة عبود أول مصورة وجوهرة قعوار مؤسسة نادي النهضة النسائي في القدس عام 1937.
كما ستجد لوحة لمديرة المدرسة الحكومية بالناصرة لعام 1922 متيل عبود، والراهبة "منيل" من بيت لحم التي تعود للعام 1919، ولوحات لشخصيات نسوية عربية، كمديرة مدرسة الإناث في القدس عام 1933 باسمة فرح، كما ستجد لوحات أخرى تمثل سلسلة النضالات الفلسطينية التي كانت المرأة جزءا منها.
وستعطيك تلك اللوحات المرسومة بعناية فائقة نظرة على واقع المرأة الفلسطينية القديم، في كافة المجالات، التعليمية والابداعية أيضاً.
دخلنا إلى عالم المرأة ذلك من خلال لوحات زيتية للفنانة التشكيلية هناء حمش والتي عبرت عن سعادتها لتحقيق حلمها القديم حين تعرفت على شخصيات فلسطينية عبر الكتب مما جعل الفكرة تتوهج في عقلها فورا، فكان معرضها بعنوان " 13 مليون".
الفنانة حمش صاحبة المعرض اخبرتنا عن سر الاسم في بداية حديثها قائلة: "13 مليوناً" يحمل دلالة على عدد الفلسطينيين في الوطن والشتات، ودعوة للتوحد، فنحن 13 مليون فلسطيني، جميعنا أصحاب الهوية والقضية، ولنا الحق في الأرض المسلوبة منا".
كما أخبرتنا عن تحضيرات المعرض التي بدأت من شهر ديسمبر 2016 وذلك لتجسيد تاريخ المرأة الفلسطينية من خلال رسم كل صورهن، قائلة: "بحثت عن كثير من الشخصيات وتفاجأت بكثير من المعلومات حتى أن هناك أول ملكة جمال فلسطينية وهي اندولينا حوا عام 1948، الأمر الذي يمثل تجسيدا للجانب الجمالي، والمعرض لإظهار مدى تقدم المرأة الفلسطينية من خلال رسم أول طبيبة فلسطينية وأول مديرة مدرسة فلسطينية، بالإضافة إلى أسماء النساء المشهورات نضاليا كليلى خالد وأم محمد فرحات".
وتوضح حمش أنها رغم إنتاجها أربعين معرض في غزة وخارجها إلا أنها تمنت إقامة معرض عن أهم الشخصيات النسوية في التاريخ الفلسطيني.
وتحدث حمش عن ضعف الدعم النسوي للمؤسسات النسوية وبأن الفنان التشكيلي يبذل قصارى جهده لدعم موهبته، قائلة إنها تشعر بالإنهاك الاقتصادي في كثير من الأحيان لدعم مشاريعها الفنية، كما أن الحال لا تبدو أفضل عندما نتحدث عن دعم وزارة الثقافة للفنانين.
وقد أصيبت حمش بإحباط لعدم اهتمام الجمهور والاعلام بالمعرض رغم فكرته المتميزة، وحتى لم تحضر أي من المؤسسات الثقافية والفنية مقدمة الشكر لمصطفى زقوت مدير مركز رؤية للدراسات الاستراتيجية لدعمه للمعرض.
وحينما تتأمل اللوحات المعروضة تفكر في مدى أهمية وعي وثقافة الفنان قبل طرحه للفكرة، فهذا المعرض الأربعون للفنانة حمش والتي لم تكتف بمعارضها داخل غزة فعرضت أيضا في أوكرانيا والولايات المتحدة وجامعة القاهرة في مصر، كما كان لها عدد من المعارض الشخصية وتعتبر نفسها ممثلة للفنانات الفلسطينيات.
وتتمنى حمش أن يتغير الواقع الفلسطيني ليعطي الفنان التشكيلي فرصة للظهور والاهتمام، خصوصا أن العالم يستغرب حينما يرى إبداعات غزة، "لأنه للأسف لا يعرف عن غزة سوى الوجه المليء بالحروب والحصار، ونحتاج فعليا للفن ليقدم صورة مغايرة للعالم"، وفق قولها.
وقدمت الشكر لبعض الشخصيات النسوية مثل الاسيرة المحررة فاطمة الزق والنائبة جميلة الشنطي لدعمهما لعملها باستمرار وكذلك المناضلة ليلى خالد، وآمال حمد عن حركة فتح، لاهتمامهما بالمعرض.
يذكر أن المرسم الخاص بالفنانة هناء حمش تعرض للقصف في حرب 2014 وما زالت حتى الآن لم تعوض الخسارة التي تعرضت لها جراء ذلك.