قائد الطوفان قائد الطوفان

مكتوب: هيثم الجمل.. أبلغ أمه بموعد استشهاده مسبقا!

صورة ارشفية
صورة ارشفية

رفح-محمود فودة 

لم تشأ الأقدار أن تتوافق مع رغبة السيدة وردة الجمل بأن يكون حديث ابنها هيثم عن رحيله شهيدا يوم الجمعة الماضي مجرد مزحة عابرة، بل تحول إلى حقيقة تتردد في كل ساعة: "أنا اليوم شهيد يا أمي".

هيثم محمد الجمل ابن الـ 15 ربيعا ارتقى شهيدا في مليونية القدس على الحدود الشرقية لمدينة رفح جنوب قطاع غزة، بعد مشاركة لم تنقطع في فعاليات مسيرات العودة منذ بدايتها في 30 مارس الماضي.

أمام قناصة الاحتلال المنتشرين في نقاطهم المحيطة بموقع كرم أبو سالم العسكري أدى الشهيد هيثم صلاته الأخيرة برفقة الشبان الثائرين الذين هبوا للمشاركة في مليونية القدس، برغم الأجواء المشبعة بالغازات التي تلقيها قوات الاحتلال بشكل مستمر طيلة ساعات المسيرة.

وتقول والدة الشهيد لـ"الرسالة": "قلي اليوم أنا شهيد يمه، ادعيلي، فكرته بمزح، او هيك كانت امنيتي، لكن القدر كان أكبر من رغبتي، راح هيثم وما رجع، كان شهيد مثل ما اتمنى".

ولم يغب الفتى هيثم عن مسيرات العودة منذ بداياتها، بل كان في مقدمة الصفوف التي تنادي بشعارات العودة وكسر الحصار، فيما لم ينتظر دعما وإسنادا من أي جهة، حين أعد كمامة تقيه من غازات الاحتلال، بأدوات بسيطة.

وعن ذلك تضيف والدة الشهيد: "قبل شهر تقريبا جهز هيثم كمامة ليضعها على أنفه وفمه حين مشاركته في مسيرات العودة شرق رفح، فسألته عن السبب، فأجاب عشان يا أمي لما يرموا علينا غاز ما اضطر ارجع للوراء"، وهذا شهد به زملاؤه في الخطوط الأمامية لمسيرات العودة، بأن الشهيد هيثم كان محافظا على الحضور في الصفوف الأولى.

رغم ألم الفراق الذي أصاب والدة هيثم باستشهاد ولدها المقرب منها، إلا أنها كانت وفية في تنفيذ وصية الشهيد، حينما جهزت صباح السبت الذي تلا يوم الاستشهاد، ضمة من الورد، لتستقبله بها حين قدومه محمولا على أكتاف المشيعين لإلقاء نظرة الوداع.

على غير العادة غابت والدة الشهيد هيثم عن صلاة قيام الليل بمسجد ابن تيمية القريب من منزلهم ليلة السبت، فولدها الساعي دوما لمرافقتها في طلعاتها، بات ليلته في ثلاجات الموتى بمستشفى أبو يوسف النجار، وعن ذلك تقول والدة الشهيد: "ما رحت على صلاة قيام الليل امبارح، راح اللي كان يرافقني، وينتظرني لنخلص الصلاة ونروح سوا".

منذ أيام أنهى هيثم دراسته الإعدادية وحصل على شهادة الثالث الإعدادي بتقدير جيد جدا، وجهز ملفه للتسجيل في المدرسة الثانوية، في الوقت الذي اقترحت عليه أمه أن يسجل في مدرسة الدوحة الثانوية، كان ولدها هيثم مصرا على التسجيل في "مدرسة شهداء رفح"، وكان له ما تمنى بأن سجل نفسه في لائحة الشهداء، بعد ان قدم دماءه بعد اجتهاد على الحدود دام أكثر من شهرين.

ومع دخول وقت العصر، هبت والدة الشهيد للذهاب باتجاه الحدود الشرقية لإحضار هيثم، بعد ان شعرت بخطر سيدهم ابنها، وفعلا، حينما وصلت مخيم العودة شرق رفح أبلغت بإصابة ابنها هيثم برصاص قناص في بطنه، إلا أن ردها كان: "ابني استشهد ما اتصاوب"، ليعلن عن استشهاده بعد ساعة من نقله في وضع صحي خطير إلى مستشفى غزة الأوروبي.

جد الشهيد لأمه أبو أشرف أبو لبدة الذي حضّ النساء على إطلاق الزغاريد بقدوم الشهيد في زيارته الأخيرة للمنزل قال لـ"الرسالة": "هذا شهيد فلسطين، ضحى بروحه من أجل القدس"، ليلحق بزوج خالته ناجي غنيم الذي ارتقى قبل أسبوعين برصاص الاحتلال شرق مدينة رفح أيضا.

البث المباشر