مكتوب: "قشقيش".. شبح "السرطان" يتهاوى أمام ابتسامة التفوق

الطالبة قشقيش
الطالبة قشقيش

الرسالة نت - ياسمين عنبر

كان محقًا المهاتما غاندي حين قال "القوة لا تأتي من المقدرة الجسدية، إنما تأتي من الإرادة التي لا تُقهر"، تدرك ذلك حين تستمع إلى قصة طالبة الثانوية العامة "ندى قشقيش".

"ندى" التي نهش السرطان جسدها وجعله نحيلا هزيلا، كانت قوة إرادتها تفوق بمرات تأثير جرعات الكيماوي.

قبل عشرة أيام من امتحانات الثانوية ضعُف جسد "ندى" كثيرًا، فقررت الذهاب إلى الطبيب يتلمس الوجع لتكون صدمتها بأنها مصابة بـ"سرطان الدم".

وبينما يتحدث الجميع من حولها عن استحالة تقديم الامتحان، تحدتهم جميعًا كما تحدت المرض وأثبتت للجميع أن "المستحيل لا تعترف به ككلمة في معجم حياتها".

إلى المملكة الأردنية الهاشمية توجهت "ندى" برفقة أخيها، لتلقي العلاج فمكثت هناك أربعة أيام، ليتبقى على بدء الامتحانات ستة أيام فقط، ثم عادت لتستقر في مستشفى المطلع.

على سرير المرض في مستشفى المطلع بالقدس المحتلة، جلست ندى تراجع وتلملم ما فاتها من المنهاج الدراسي، واضعة نصب أعينها أنها فتاة فلسطينية ما يعني أنها "تهزِم ولن تُهزَم".

تدرك "ندى" أن ثمة لحظات في حياة الإنسان لن ينساها ليست لجمالها، ولكن لكبر التحدي الذي واجهه والإصرار الذي عاشه، وراحت تحكي عن طقوس تقديمها للامتحانات على سرير السرطان.

في أول الامتحانات كانت على موعد مع جرعة كيماوي، وفي اليوم التالي كان من المقرر أن تقدم امتحان التربية الإسلامية، تحكي لـ"الرسالة": "كنت متعبة جدًا يومها ولكن تحديت المرض وشحنت نفسي بعزيمة كبيرة لأحقق هدفي وأصل إلى مرادي".

يوم آخر لم تنسه "قشقيش" أيضًا حين كانت تقدم امتحان الرياضيات، واهتزت يدها كثيرًا أثناء الكتابة.

لم تسمح "ندى" لأحد أن يثبط من عزيمتها وأن يصور لها "سرطان الدم" شبحًا لا يمكن إزاحته من أمامها، فقد كانت تؤمن أن العقبات أمام المرء لا يزيلها غيره، وأن مشوار الحياة صعب إلا على الحالمين.

لم يكن نجاحها في الثانوية العامة أولى النجاحات التي تتحدى "ندى" بها ظروفها، حيث حازت قبل أعوام على المرتبة الثالثة في مسابقة "تحدي القراءة" على مستوى فلسطين.

ستة وثلاثون يومًا قضتها "قشقيش" على سرير المرض في مستشفى المطلع، يشد من أزرها على مواصلة دراستها والداها وأطباؤها.

صباح يوم الأحد الماضي كانت "ندى" على موعد مع حصاد ثمار الوجع والتعب، حتى جاءت لحظة الفرح العارمة حين وصلت رسالة نتيجتها دفعة واحدة على هواتف أفراد عائلتها.

حصلت "ندى" على معدل96.4 بالمائة، آمنت بعدها أن "لكل مجتهد نصيب" وأن "العجز هو انعدام العزيمة"، وأن "اليد الواحدة لا تصفق وحدها"، وراحت تسترجع كيف وقفت عائلتها بجانبها لتجتاز المرحلة هذه.

يسكن الأمل قلب "ندى" أن تقتل السرطان بعزيمتها، وتلتحق بجامعة بيت لحم لدراسة تخصص "ترجمة لغات" كما كانت تطمح منذ صغرها.

"ندى" شعرت بعد التحدي الذي عاشته مع ذاتها أنها أصبحت أيقونة لكل من يزور ذاك المرض اللعين جسده، ولكل طالب تعصف به رياح الحياة، خاتمة حديثها: "أؤمن بأن نجاح الإنسان أو فشله من صنعه ومسؤوليته"

البث المباشر