كتبت مقالي هذا واعتبرته إحدى رسائل الرفض لسياسة الاحتلال الصهيوني وعملياته التعسفية والإرهابية بحق الصحفيين والكتاب أصحاب الفكر والأقلام الحرة الذين لعبوا دوراً وطنياً مميزاً , وساهموا في رسم خريطة الوطن , وخطوا بأقلامهم طريق الشموخ لشعب مازال في الميدان , ولم يتراجع عن مطالبة حقه في تقرير مصيره , فتشربوا هموم شعبهم ووطنهم , ووظفوا كل طاقاتهم وفكرهم وأقلامهم في كتابة مقالاتهم النقدية لدعم أعمال المقاومة , وفضح جرائم الاحتلال دون خوف أو أي حذر من غدره , معبرين من خلالها عن قضية الشعب والوطن التي تبعثرت في ردهات المساومين والمستسلمين المنبطحين .
إن اعتقال الاحتلال للصحفيين والكتاب والمحللين السياسيين الفلسطينيين من حين لآخر ومنعهم قول كلمة الحق التي يحاول طمسها بكل الوسائل الإجرامية كالتهديد والوعيد والاعتقال والقتل يُعد تجاوزاً لكل الأعراف الإعلامية , وضربة بحق الإنسانية , ومخالفة للقانون الدولي الإنساني وما تعارفت عليه البشرية من حرية رأي , وضريبة للإعلام الفلسطيني ككل .
إن الاعتقالات الإجرامية والقمعية الصهيونية والإرهاب الفكري الممارس ضد الصحفيين والكتاب الفلسطينيين يدل على أن دولة الاحتلال مأزومة وباتت يخنقها كتابة المقالات الصحفية التي تفضح ممارساتها الإجرامية بحق أبناء شعبنا الفلسطيني , فالاحتلال لن ينال من عزائمهم أو كسر إرادتهم , ولم يثني عن مواصلة طريقهم بكتاباتهم الحرة .
الاحتلال يريد لهذه الأقلام الحرة التي تنبض بروح الوطن أن تنكسر وتتوقف عن الكتابة , لكن أصحابها سيبقون ولا يدخرون جهداً بأن يبقى فكرهم ناضجاً , وأقلامهم عامرة بمدادها في عروقها , فمهما اعتقلوا ومهما تفننوا في ألوان العذاب للصحفيين والكتاب فإنهم لم ولن ينالوا إلا خيبةً وحصاداً مراً لأعمالهم الإجرامية التي تقع في إطار الانتهاك الصارخ ضدهم , وعدم احترام أبسط الحقوق والقوانين والمواثيق الدولية التي تنص على حرية الرأي والتعبير .
رغم أن كل هذه الممارسات الإجرامية والإرهاب والقمع الصهيوني الممارس ضد الصحفيين والكتاب الفلسطينيين فإن الاحتلال لا يمكنه اعتقال فكرهم وعقولهم أو كسر أقلامهم وإرادتهم , ولن يستطيع النيل من عزائمهم أو منعهم من مواصلة طريقهم بكتاباتهم , فأقلامهم ستبقى مشرعة في وجه الاحتلال وأعوانه , فالكاتب المجاهد لا يخشى الاعتقال , وسيبقى حراً لا يتراجع عن حمل الأمانة والدفاع عن حق شعبه بتقرير مصيره .
ما دام حق الكتابة مكفول من قِبَل القانون وجميع الشرائع الدولية , إذن لماذا كل هذا القلق والخوف من الصحفيين والكتاب والمحللين السياسيين أصحاب الكلمة والرأي ؟ لماذا الخوف من آرائهم وكتاباتهم النابضة بحب وطنهم وإظهار كلمة الحق والحرية لشعبهم ؟ لماذا يُريدون لهذه الكتابات أن لا تخرج لطريق النور التي تضيء الفكر والعقول الناضجة المتعطشة لزاد العلم والمعرفة وحب الوطن ؟
لم يكن الكاتب إلا إنسان يدافع بالفكر والقلم عن قضية شعبه في حق تقرير مصيره والتحرر لنيل استقلاله , فمن حقه أن يسعى في مجال الدفاع عن حقوق شعبه لإبراز جرائم الاحتلال وفضح انتهاكاته الصارخة التي يرتكبها ضد شعبنا ومقدساتنا وتاريخنا وتراثنا , وبالتالي فإن اعتقال الصحفيين والكتاب هو تجاوزاً لكل القوانين الدولية والأعراف الإنسانية , وضريبة كلمة الحق التي يحاول الاحتلال طمسها بكل الوسائل الإجرامية كالاعتقال والتهديد والقتل .
لذا فإننا ندعو كل مؤسسات حقوق الإنسان والمواثيق الدولية القانونية بحماية حقوق الصحفيين والكتاب , وحرية آرائهم وكتاباتهم وتعبيراتهم والتدخل السريع لمحاسبة سلطات الاحتلال على انتهاكاته المتواصلة بحقهم , حيث أن الصمت يُعد تشجيعاً للاحتلال على المضي قدماً في جرائمه وضرب كل القيم والأعراف والقوانين الدولية والإنسانية ذات الصلة .
وبقي لي القول أن أدعو زملائي الكتاب والصحفيون والمحللون السياسيون والإعلام الفلسطيني ككل لأحثهم على أن لا تهنوا ولا تحزنوا , واصبروا وصابروا واصمدوا , فمن يسلك طريق الحق والحرية لا يهمه الاعتقال ولا يكترث به , وسيمضي في طريقه الذي رسمه لنفسه ولشعبه ولوطنه وخطه بقلمه وبفكره .