يمضي رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في مخططاته الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية عبر حسم الملفات الكبرى فيها مستغلاً وجود إدارة ترامب في البيت الأبيض المتبني لرؤية اليمين المتطرف فيما يتعلق بحل الصراع العربي الإسرائيلي، حيث أعلن صراحة الأسبوع الماضي أن حكومته ستطبق السيادة "اليهودية" على جميع مستوطنات الضفة الغربية، مضيفاً: "ستكون المستوطنات جزءا من (أرض إسرائيل الدولة الإسرائيلية)".
تعهّد رئيس الحكومة الإسرائيليّة، بضمّ كل المستوطنات في الضفة الغربيّة المحتلة، عبر فرض "السيادة اليهوديّة" عليها، قابلته السلطة الفلسطينية بقرار إلغاء المناطق (أ.ب.ج) حسب تصنيفات الاحتلال، واعتبار كافة الأراضي تحت السيادة الفلسطينية.
ووفقا لتعميم صادر عن وزارة الحكم المحلي، فإنه يتوجب على كافة الهيات المحلية العمل على توسيع مخططاتها الهيكلية ضمن الأحواض الطبيعية التابعة لها بغض النظر عن تصنيف هذه الأحواض.
وكان رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية قد أكد قبل شهر أن تقسيمات المناطق إلى (أ، ب، ج) التي تم الاتفاق عليها مع (إسرائيل) لم تعد موجودة، لأن (إسرائيل) لم تعد تحترمها، وخرقت بشكل واضح وعلني هذه الاتفاقيات.
وتقسّم الضفة الغربية وفقًا لاتفاق اوسلو إلى ثلاث مناطق؛ الأولى (أ) ومن المفترض أنها تخضع لسيطرة السلطة الفلسطينية أمنيًا وإداريًا، ويفترض أن تخضع المنطقة (ب) لسيطرة أمنية إسرائيلية وإدارية فلسطينية بحسب الاتفاق، فيما المنطقة (ج) وتشكل نحو 60 بالمئة من الضفة الغربية فتخضع للسيطرة الأمنية والإدارية الإسرائيلية.
المحلل السياسي د. إبراهيم حبيب أكد أن قرار السلطة الغاء التصنيفات في الضفة الغربية ليس له أي قيمة وهو مجرد خطوة استعراضية، حيث أن ذلك يتطلب فك الالتزام والارتباط مع الاحتلال وإلغاء اتفاق أوسلو وكل الالتزامات وعودة الأراضي الفلسطينية الى ما كانت عليه في العام 1967.
وقال حبيب في حديث للرسالة إن "السلطة تراوح مكانها وكل القرارات التي تتخذها هي للإعلام فقط وعلى الأرض ليس لها أي تأثير، معتبراً أن أولى الخطوات يجب أن تكون الغاء اتفاق أوسلو وذلك يتم عبر إلغاء الاتفاق الأمني وهو الجزء الذي تستفيد منه (إسرائيل)".
وأضاف: ربما لو أوقفت السلطة التنسيق الأمني سيشكل ذلك ضغطا حقيقيا على الاحتلال الذي بدوره قد يتخذ خطوة للوراء ويخفف من الضغوط التي يمارسها على السلطة.
وشدد على أن المخاوف من حسم الاحتلال لملف الضفة بالكامل والقضاء على السلطة هو مصلحة فلسطينية أكثر منها إسرائيلية لأن انهيار السلطة يعني أن يتولى الاحتلال المسؤولية الأمنية والمدنية عن الفلسطينيين وهذا سيضعه أمام مواجهة مباشرة مع الشعب وسيتحول الجميع لمقاومة المحتل وبالتالي قد تنفجر انتفاضة يخشاها الاحتلال بشدة.
من جهته اعتبر الكاتب والمحلل السياسي حسن عصفور أن قرار الحكومة الفلسطينية خطوة "استعراضية"، قائلاً "يبدو أن نتنياهو أراد أن يصفع حكومة السلطة بشكل عملي فأعلن أن المستوطنات في الضفة والقدس تحت "السيادة الإسرائيلية"، مضافا لها ما سبق الإعلان عنه، أن السيادة ستفرض على منطقة الأغوار، والأمن من البحر إلى النهر سيكون إسرائيليا."
واعتبر عصفور في مقال له أن إعلان نتنياهو يمثل نهاية الوضع القائم واستبداله بوضع جديد، تصبح فيه مدن وبلدات الضفة "مستوطنات" داخل "دولة (إسرائيل) اليهودية"، خاصة بعد ان تم فرض قوانين جديدة من "الإدارة المدنية" في أساليب التعامل مع سكانها، وهو ما تتجاهله "القيادة الرسمية"، وبدلا من الذهاب لاتخاذ قرارات فعل ردا على انهاء "ملامح الكيانية الفلسطينية" خرجت أصواتها لتشرح أن القرار يمثل خرقا للقانون والاتفاقات.
وشدد على أن موقف "السلطة الفلسطينية" بات واضحا، أنها لن تذهب إلى أي خطوة تضعها في مواجهة مع الاحتلال وأنها استبدلت صراعها مع المحتل بصراع مع المواطنين وخاصة في غزة، فمع كل قرار إسرائيلي ضد القضية الفلسطينية تذهب تلك "الرسمية" لتعاقب الإنسان الفلسطيني.