قائد الطوفان قائد الطوفان

مدير بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في غزة

كاسارس: الأوضاع الإنسانية في غزة تدق جرس الإنذار

الرسالة – محمود هنية 

على كرسي داخل مكتبه يحتفظ مدير بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في غزة اجناسيو كاسارس بكوفية فلسطينية أهداه إياها مزارع فلسطيني يقطن في المنطقة الحدودية شرق خانيونس.
يقول كاسارس إن الصليب الأحمر يجري زيارات دورية للمعتقلين كافة والاطلاع على أوضاعهم، لافتا إلى أنهم أجروا زيارة للأسير بسام قبل وفاته لكنه رفض الإفصاح عن مضمونها حفظا لخصوصيته ومراعاة لمشاعر محبيه.
****** الأسرى 
يحرص كاسارس على الحديث ببعض الكلمات العربية التي حفظها خلال عمله في العراق قبل المجيء إلى  غزة، مؤكدا وجود حوار دائم غير علني  مع السلطات (الإسرائيلية) حول جثامين الأسرى الشهداء، رافضا الإفصاح عن مضمونها.
وتحتجز سلطات الاحتلال جثامين ثلاثة من الأسرى الذين ارتقوا في سجون الاحتلال خلال عام، كان آخرهم الأسير السايح.
وقال كاسارس لفريق تحرير الرسالة في أول لقاء صحفي له منذ توليه مهامه مديرا للبعثة الشهر الماضي، إن الحوار غير العلني هو ما أثبت نجاعته عبر عمر اللجنة الدولية في تحقيق نتائج إيجابية على المدى البعيد.
وكان التصعيد الإسرائيلي ضد الأسرى بسجون الاحتلال حاضرا خلال اللقاء حيث شدد على أن الصليب يقوم بزيارات دائمة ومنظمة لهم، والاطلاع على الأوضاع الصحية الخاصة بهم، ورفع الملاحظات المرتبطة بهم للجانب الإسرائيلي.
وأشار إلى تفهمه "الإحباط الذي يحيط بقضية الأسرى"، وقال: "كل عائلة وصديق معتقل فلسطيني يرغب أن يفرج عنه لكن هذا لا يقع تحت عمل اللجنة الدولية".
وأضاف مدير بعثة الصليب الأحمر: "واجبنا تذكير الأطراف بواجبهم تجاه القانون الدولي، ونضع نصب أعيننا العوائل المتأثرة بهذا النزاع، لذلك نذهب للحوار غير المعلن، ونادرا ما نخرج للعلن وهذا معمول به في اللجنة الدولية بمناطقها كافة".
*** أوضاع كارثية 
كاسارس الذي عمل لمدة عام نائبا لمدير البعثة في غزة قبل توليه رئاستها تطرق إلى الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، ونبه إلى خطورتها، حيث تدق جميع المؤشرات أجراس الإنذار، مشيرا إلى أنّ القطاع يدخل مرحلة صعبة من الأوضاع الكارثية.
ولفت إلى ارتفاع معدلات البطالة بالقطاع التي وصلت حوالي 50% بين السكان و 70% في صفوف الشباب، عدا عن 97% من المياه غير صالحة للشرب، علاوة على النقص الحاد في الطاقة والمحروقات.
وأضاف: "إن كانت غزة لا تزال على قيد الحياة فالفضل يعود لبعض المساعدات التي تصل إليها من المنظمات الإنسانية وتحافظ على بقاء غزة تتنفس".
ونبه إلى أن الأوضاع في القطاع كانت تتدهور وتزداد سوءا بعد كل جولة حرب، "ولا يعود الوضع لما كان عليه قبل الحرب".
وتابع: "هناك تدهور في الأوضاع بشكل عام، لكن لا يزال الناس هم المصدر المهم؛ لذا جاءت استجابتنا لبناء وتعزيز صمودهم في القطاع، وخاصة القطاعات الأكثر تأثرا بالنزاعات".
وتابع: "إن الخدمات في غزة هي حلقة متصلة، فانقطاع الكهرباء المتواصل يؤثر على تقديم الرعاية الصحية، حيث تعتمد المستشفيات على المولدات مما يرهقها ويجعلها في حاجة دائمة للصيانة، كما يؤثر على المياه التي بدورها تؤثر على الزراعة وكافة مناحي الحياة اليومية للسكان وهكذا".
*** مشاريع اللجنة الدولية 
خلال اللقاء، لم يخف كاسارس الأسباني الجنسية الذي ولد في مدينة ريال مدريد تشجيعه للفريق الملكي حين قال بالعربية "ريالي وأفتخر"، واستعرض المشاريع التي تشرف اللجنة الدولية على تنفيذها، أهمها دعم المشاريع الصغيرة للمزارعين بغرض مساعدتهم على كسب العيش، مشيرا إلى أن اللجنة نجحت في توسيع المناطق الزراعية الحدودية ومساعدة المزارعين بالوصول إلى أراضيهم.
وأوضح أن عملية التوسعة وصلت إلى حد الزراعة على بعد مئة متر من السياج.
وذكر مدير البعثة أنّ اللجنة الدولية عملت على مشروع جديد يتمثل بدعم الصيادين، وتابع: "عشت جزءا من حياتي بجوار البحر، لذا أحب الشاطئ وأحب بحر غزة".
وعرّج على تدهور الأوضاع الصحية، لا سيما بعد الأعداد الكبيرة التي أصيبت في مسيرات العودة، مشيرا إلى أن الصليب الأحمر عمل مباشرة على تعزيز النظام الصحي ودعمه بالأدوات والمستلزمات التي تنقذه من حافة الانهيار.
وبحسب كاسارس فإنّ اللجنة الدولية شرعت بتدريب 20 جراحًا في مجال التعامل مع اصابات الأعيرة النارية، كما استجابت بالتبرع بالمستهلكات والاجهزة الطبية، إضافة لدعمها الأطراف الصناعية، وبرامج الدعم النفسي والمجتمعي التي تقيمها اللجنة بالتعاون مع مركز الأطراف الصناعية ووزارة الصحة بغزة.
كما لفت إلى رعاية الصليب الأحمر لدوري كرة السلة للكراسي المتحركة، وأقامت أول دوري كرة قدم لذوي البتر، منوها إلى أن غالبية المشاركين ممن أصيبوا في الأحداث العام الماضي.
ونوه رئيس البعثة إلى برنامج الدعم النفسي خاصة لمن يتعاملوا مع الأحداث الميدانية مثل فريق الدفاع المدني والمسعفين، إضافة لمن يتعرضون للإصابة.
وخلال حديثه، أشار كاسارس إلى عقدهم مخيمات صيفية في القانون الدولي الإنساني، تستهدف طلبة الجامعات المختلفة في القطاع، "فأهم ما لدينا الاستثمار بالشباب"، كما يقول.
وتطرق إلى اعتماد اللجنة الدولية على خطة تعزيز صمود الخدمات، "بحيث لو جرى استهداف قطاع معين وحدث طارئ في القطاع، ألا تتأثر بقية القطاعات".
ويشير مدير بعثة الصليب الأحمر إلى وجود حوار مع وزارة الأوقاف والأوساط الإسلامية الأخرى للمقاربة بين الشريعة والقانون الدولي الإنساني، خاصة أن هناك أشياء كثيرة متطابقة بينهما.
ونبه إلى أن هذه البرامج تنفذ رغم محدودية الإمكانيات، "وهذا يضيف تحديا كبيرا أمام عمل اللجنة"، مشيرا إلى ان المنظمات الدولية العاملة في فلسطين – كأحد مناطق النزاع في العالم تعاني من محدودية التمويل. 
واستدرك: "البعثة حافظت على ميزانيتها في السنوات الماضية وحين كان هناك داع استجابت للأحداث الأخيرة وزادت من ميزانيتها لقطاع غزة".
وحول إمكانية تدخل اللجنة الدولية في حماية المتظاهرين السلميين على حدود القطاع الشرقية، أوضح مدير البعثة في غزة أن اللجنة تتقصى الحقائق عبر مصادرها الخاصة، لكنها لا تستطيع التواجد هناك كونها ليست من اختصاصها.
أجريت هذه المقابلة مع مدير بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر إجناسيو كسارس، أسباني الجنسية، حاصل على درجة الماجستير في علوم الأمن والدفاع، خدم في جيش بلاده 23 عاما. في العام 2013 التحق بالعمل مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر وعمل في بلدان مختلفة مثل اليمن وكولومبيا والعراق كمسئول لملف التعاون مع القوات المسلحة. 
 

البث المباشر