الرسالة نت - لميس الهمص
بعد عناء شديد نجح مهند أحمد من أيجاد مكان له في مدرسة الشارقة الثانوية في الحي المجاور لبيته فبعد أن انتقل للمرحلة الثانوية وجد صعوبة في الالتحاق بالمدرسة القريبة على منزله بسبب الازدحام داخل المدارس والتي قد يتجاوز معها عدد الطلاب داخل الصف الخمسين طالبا.
ذلك الحال لم يتغير كثيرا في مدارس الابتدائي والإعدادي فمع بدء العام الجديد توجه جيوش الطلبة لمدارسهم وهم يعانون من الاكتظاظ داخل الغرف الصفية فتجد المقعد الدراسي يتشاركه ثلاث طلبة بدل من أثنين مما يشتت انتباه الطالب ويوقع عبء كبيرا على المعلم.
تربويين ومختصين تحدثوا عن مخاطر الازدحام في الغرف الصفية كونها تزيد العبء على المعلم في ضبط الصف ، كما تقلل من أمكانية استيعاب الطالب .
ويخشى البعض من تفاقم الوضع الراهن لتصل فترات الدراسة لثلاثة فترات بدلا من فترتين .
نقص حاد
المشكلات المرتبطة بالعام الدراسي الجديد تتمثل في النقص الكبير في عدد المدارس، الأمر الذي أدى إلى زيادة عدد الطلاب في الصف الواحد، إلى جانب أن جميع مدارس القطاع تعمل في الفترتين الصباحية والمسائية من أجل استيعاب الأعداد الكبيرة من الطلاب التي تنضم سنويا لهذه المدارس.
فمجرد دخولك غرفة صفية بأحد المدارس الابتدائية لك أن تتخيل الحالة في ظل وجود ما يزيد عن أربعين طالب في مساحة صغيرة ، فالرائحة تزكم الأنوف ثلاثة طلبة في مقعد دراسي واحد مما يشجع على الشللية والتحدث داخل الصف ، إمكانية كبيرة لانتقال الأمراض ، بالإضافة لثلاثة بلاطات هي المساحة المتاحة ليتحرك المعلم براحه فيها .
وتشتكي نهى يوسف التي يرتاد طفلاها احمد البالغ من العمر 9 سنوات ومحمد البالغ من العمر 7 سنوات احمد مدارس الاونوروا من الازدحام فقالت: "يعاني أطفالي من مشكلة في التحصيل بسبب العدد الكبير للأطفال في الفصل والذي عادة ما يزيد عن 40 تلميذاً في الفصل الواحد، كما أن الفصول الدراسية صغيرة ولذلك يضطر ثلاثة أطفال لتقاسم طاولة واحدة".
وتضيف يوسف: يواجه الطالب فصول وقاعات دراسية لم تعد صالحة للدراسة والتعليم إنما هي أشبه بعنابر يجب مراعاتها حتى تكون صالحة للعملية التعليمية، فمن شدة الازدحام تجد الطالب ينزوي إلى زميله ويبدأن بالحديث والانشغال عن شرح المعلم .
وقالت سحر فارس 16 عاما، الطالبة في الصف الثاني الثانوي إن هناك خمسين طالبة في الفصل الواحد، الأمر الذي يجعل قدرة الطالبات على الاستيعاب متدنية، وهو ما يوجب على الطالبات الاعتماد على الاهتمام بالدروس في البيت باستمرار.
أستاذ مادة العلوم عبد الغني يعتبر ظاهرة ازدحام الفصول ظاهرة منتشرة في مدراس القطاع وتظهر هذه المشكلة أكثر في مراحل التعليم الأساسي ومن أهم الأسباب التي كرست من هذه الظاهرة هو ازدياد عدد السكان الذي لا يقابله ازدياد في عدد المدارس لاستيعاب هذه الزيادة والكثافة الطلابية.
ويرى عبد الغني أن المشكلة يواجهها الطالب والمدرس وولي الأمر والمجتمع , وتعتبر عائق للعملية التعليمية فالفصل المزدحم مستوى تحصيل الطالب فيه يكون متدني نظرا لان المدرس لا يستطيع أن يعطي كل ما لديه فهو يحتاج لوقت لضبط الصف وحل النزاعات بين الطلبة علاوة على شرح الدرس.
ويقول الأستاذ عبد الغني يجب على وزارة التربية والتعليم أن تأخذ المشكلة بعين الاعتبار وتحاول أن تجد الحلول المناسبة لما فيه من مصلحة التعليم وتقدمه.
يجب التقليص
من جانبها رأت الأستاذة حنان يوسف مديرة أحد المدارس الابتدائية أن الصف المثالي يجب ألا يتجاوز عدد طلابه الخمسة وثلاثين طالب في أسوء الظروف ، لافتة إلى أن العديد من المدارس يكون فيها عدد الطلاب للصفين الأول والثاني أربعين طالبا بينما يصل للخمسين في باقي المراحل .
وأشارت إلى أن حجم الصوف صغير لا يتناسب مع عدد الطلاب كما أن المقعد الدراسي يتقاسمه ثلاثة طلاب مما يزيد فرص الاحتكاك بين الطلبة وبالتالي زيادة الإزعاج والمشاكل داخل الصف .
وطالبت يوسف وزارة التربية والتعليم بتقليل عدد الحصص لمعلمي المرحلة الأساسية وخصوصا الصف الأول والثاني كون الحصة في تعليم الأطفال تعادل حصتين فيما عدها ، مبينة أن تعليم المرحلة الأساسية يحتاج لعبء وجهد من المعلم يتطلب فيها مراقبة الطفل في النطق وطريقة إمساك القلم خصوصا وان هناك عدد من الطلاب لا يلتحق برياض الأطفال فهو غير مؤهل.
وذكرت أن الحصة تتضمن التفتيش على الواجب وحلة وشرح درس جديد في 45 دقيقة غير كافية لأداء كل تلك المهام ، موضحة أن امتحان الصف الرابع الموحد تظلم فيه العديد من المدارس بسبب أعداد الطلبة داخل الصف .
فقالت يوسف : لا يعقل مقارنة مستوى صف رابع في إحدى المدارس يبلغ عدد طلابه ثلاثين طالب بطلاب مدرسة أخرى يفوق عددهم الأربعين فالتحصيل في المدرستين لن يكون واحدا.
وتابعت : مديرة المدرسة هي من تتابع عدد الطلبة وقبولهم فالوزارة لا تحدد إعداد معينة لكل مدرسة ،بالإضافة لكون بعض المدارس فيها حالات خاصة تتطلب جهد عند متابعتها .
أما المرشدة الطلابية في أحدى المدارس الحكومية ماجدة.ل ذكرت أن ازدحام الصف يؤثر على العملية التعليمية فمن الصعب أن يحكم المعلم زيادة عن ثلاثين طالب داخل الصف الواحد ، مبينا أن الازدحام يسبب زيادة في المشاكل الصفية كما يقلل من النشطة التربوية داخل الصف .
وألمحت إلى أن الاكتظاظ يدفع بعض المعلمين إلى استغلال حصص الرسم والرياضة لشرح بعض الدروس الأخرى مما يقلل فرص الترفيه لدى الطلاب .
وذكرت أن ابتعاد مدرسة الطالب عن مكان سكناه يسبب نفور الطالب من المدرسة خصوصا في حال عدم تمكن الأهل من توفير مواصلات للطالب بسبب ضعف الإمكانات المادية فالمشي بالبرد أو الحر الشديد يؤثر على الطالب .
وطالب ماجدة المعلمين بجعل وقت للمرح داخل الصف علاوة على تقسيم الطلبة لمجموعات لتسهيل مهمة التفتيش على الواجبات والسماح للجميع بالمشاركة داخل الصف ، مبينة إلى ضرورة اخذ عينة عشوائية عند التفتيش على الواجبات للاستفادة من وقت الحصة .
مشاكل تربوية
دكتورة فتحية اللولو أستاذة التربية بالجامعة الإسلامية ذكرت "للرسالة" أن اكتظاظ الصف المدري بالطلاب يقلل من أمكانية احتكاك الطالب بمعلمه فتقل فرصة الطالب في المشاركة والتساؤل ، مبينا أن كثرة العدد داخل الصف تعرض الطالب الضعيف والمتفوق للإهمال بينما يكون التركيز فقط على الشريحة المتوسطة .
وبحسب اللولو فإن العدد المثالي للطلبة داخل غرفة الصف يجب ألا يتجاوز الثلاثين طالب في ظل حصة وقتها لا يتجاوز الخمسة وأربعين دقيقة فبذلك يخصص لكل طالب نصف دقيقة للمشاركة والتساؤل.
وترى أن العدد الكبير يرهق المعلم وتجعله غير قادر على ضبط الطلاب فالأصل أن يكون اليوم الدراسي يوم كامل يتخلله استراحتين للطلاب وترفيه ، منوهة أن وضع غزة الغير طبيعي بسبب الكثافة السكانية وقله عدد المدارس جعل كل مدرسة تتعامل بنظام الفترتين للتغلب على الأزمة .
ونصحت اللولو المعلمين التغلب على الأزمة من خلال الحرص على منح الطلبة فرص المشاركة بالتساوي من خلال نظام المجموعات والذي يجعل المعلم في كل حصة تركز اهتمامها على مجموعة معينة بحيث لا يظلم أي طالب ن لافتة غلى أن العمل التعاوني بين الطلاب وتوزيع المجهود وتقسيم وقت الحصة يقلل من أضرار ظاهرة زيادة العدد داخل الغرف الصفية .
نبهان عمر المختص في التربية وعلم النفس بين "للرسالة" أن الدول المتقدمة لا تسمح بوجود أكثر من ثلاثين طالب في الصف المدرسي وذلك ينشأ عن دراسات تربوية نفسية ، لافتا إلى أن الازدحام في الغرف الصفية يؤثر على تحصيل الطالب وأداء المعلم .
وذكر أن وجود أكثر من أربعين طالب داخل الصف يجعل الطالب مشتتا كونه غير قادر على المشاركة أو النقاش ، لافتا إلى أن العدد المثالي للطلبة داخل الصف يجب ألا يتجاوز الثلاثين طالب .
وأكد عمر أن الأزمة تتفاقم في حال الازدحام في الصفوف الأساسية وخصوصا الصف الأول والذي يحتاج الطالب فيه لمتابعة خاصة كونه في مرحلة التكوين وتعليمة يعتمد على الحواس والتفكير الحسي الحركي ، مشيرا إلى أن كثرة العدد تحرم الطلبة من المشاركة في الأنشطة المنهجية ولا منهجية وتزيد من أعباء المعلم في متابعة وضبط الطلبة .
ونصح عمر المعلمين بعدم الاعتماد على التلقين ومنح الطلبة فرصة للمشاركة والنقاش ليصبح جو الدرس ممتع ومفيد للطالب.
نحتاج لجديدة
وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أفادت أن الآلاف من أطفال اللاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة غير قادرين على الحصول على التعليم المناسب.
كريس غونيس، المتحدث باسم الأونروا، في القدس ذكر أن حوالي 39,000 طفل من أطفال اللاجئين في قطاع غزة لن يتمكنوا من ارتياد مدارس الأونروا هذا العام بسبب عدم تمكن الوكالة من بناء أو إعادة بناء المدارس نتيجة الحصار الإسرائيلي والأضرار التي خلفها الهجوم الإسرائيلي على غزة الذي استمر 23 يوماً (من 27 ديسمبر 2008 إلى 18 يناير 2009) بالإضافة إلى النمو السكاني المتزايد.
وتعمل مدارس الأونروا في غزة بنظام الدوامين بسبب الاكتظاظ وبسبب عدم قدرة الوكالة على توظيف معلمين جدد بسبب القيود المفروضة على ميزانيتها، حسب غونيس.
من جهته ذكر د. محمود الحمضيات مسئول برنامج التربية التعليم بوكالة الغوث "للرسالة" أن وكالة الغوث تخطط لبناء 100 مدرسة جديدة خلال الخمس سنوات القادمة بالإضافة لزيادة الغرف الدراسية ،مبينا أن الاونوروا بصدد بناء ثمانية مدارس جديدة لهذا العام كما قامت باستئجار بعد المدارس الحكومية لصالحها .
وشدد على حرصهم تقليل عدد الطلبة داخل الصف الواحد ، كما أنهم حريصين على جعل مدارس الطلبة قريبة من أماكن سكناهم ، مؤكدا على أنهم يحلون المشاكل الفردية في هذ1 الإطار .
من جانبه، أوضح الناطق باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" عدنان أبو حسنة أن 214 ألف طالب في غزة التحقوا بمدارس الوكالة موزعين على 220 مدرسة بمحافظات القطاع، ونحو55 ألفًا في الضفة موزعين على 97 مدرسة.
وأكد أبو حسنة أن مدارس الوكالة على أهبة الاستعداد لاستقبال الطلبة من حيث المعلمين والإداريين والمدراء والمقاعد وكافة الأمور المتعلقة بذلك.
وأشار إلى أن مشكلة الازدحام في المدارس تواجه وكالة الغوث نظرًا لأنها لم تتمكن من بناء مدارس جديدة لاستيعاب الطلبة خاصة أن هناك 30 ألفًا من الطلاب الجدد.
وقال:"إن الوكالة ستتمكن خلال الشهور المقبلة من بناء ثماني مدارس جديدة في القطاع، وإن هناك تنسيقًا مع
ٍعجز بالمدارس
وفي ذات السياق أكد عسقول أن وزارته تعاني من عجز في عددا لمدارس بقطاع غزة يصل إلى 120 مدرسة، وقال: "خلال السنوات الأربع الماضية لم يتم بناء ما هو مطلوب من المدارس لاستيعاب الطلبة جراء استمرار الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة".
وأوضح أن في الوقت الطبيعي حتى يتم استيعاب الطلبة الجدد، مبيناً أن عدم بنا المدارس التي تحتاجها الوزارة يشكل عبئاً على وزارة التربية والتعليم وسير العملية التعليمية وأكد أن الوزارة عاكفة على إنجاز العديد من المشاريع المتعلقة ببناء مدارس جديدة في الفترة القادمة للتغلب على أزمة نقص المدارس، معرباً عن أمله في أن تتوفر مواد البناء اللازمة من أجل إنجاز تلك المشاريع.
واستبعد عسقول أن تقدم وزارة التربية والتعليم العام الجاري على إيجاد فترة دراسية ثالثة للتغلب على مشكلة نقص المدارس في القطاع، مستدركاً أن الوزارة ستلجأ إلى هذا الخيار في حال واجهت عجزاً في عدد المدارس.
في حين أكد م. جمال عبد الباري مدير دائرة الأبنية بالوزارة على أن الوزارة أنهت الصيانة الشاملة ل 76 مدرسة و 31 دورة صحية، ويجري العمل في الصيانة الشاملة ل 98 مدرسة، وإزالة 13 مدرسة دمرتها الحرب بالكامل، إضافةً إلى توريد أجهزة ومعدات من حواسيب وطابعات وماكينات تصوير بقيمة 200000$ بدل تالف من الحرب.
وعن المدارس الجديدة أوضح م. عبد الباري أن الوزارة ستفتتح ثلاث مدارس جديدة هي مدرسة المكفوفين في مدينة الزهراء، ومدرسة عبد الرءوف الشريف في مديرية شرق غزة، ومدرسة الشوكة في رفح، إضافةً إلى الانتهاء من ترميم مدرسة أنس بن مالك لافتتاح مدرسة مصطفى صادق الرافعي الثانوية للصم بدلاً منها، مشيراً إلى أن العمل جارٍ لصيانة 18 دورة صحية، وإنشاء 5 دورات صحية جديدة.
من جانب ثان
من جانبه أوضح د. علي خليفة مدير عام الإدارة العامة للتعليم وعن أعداد الطلاب المسجلين لهذا العام أشار د. خليفة إلى أن 241.128 طالباً وطالبةً سيبدءون عامهم الدراسي في 390 مدرسة موزعين على مديريات القطاع الست، موضحاً أن هذه المدارس تعمل في 235 مبنى، منها 248 مدرسة أساسية و 142 مدرسة ثانوية، يعمل منها 76 مدرسة على فترة واحدة، و314 مدرسة على فترتين أي حوالي 80% من إجمالي المدارس.
وأكد مدير عام الإدارة العامة للتعليم العام أن 35 مدرسة خاصة، و300 روضة أطفال، و13 مدرسة للتربية الخاصة، و87 مركزاً تعليمياً سيبدءون بالعمل مع بداية العام الدراسي الجديد، منوهاً إلى أن وزارة التربية والتعليم العالي تشرف عليهم وأصدرت تراخيص لهذه المؤسسات التعليمية.
وتشير الدراسات أنه من المهم أن تضم الشعبة الواحدة لا يزيد عن 25 متعلما وذلك لأسباب عديدة منها قدرة الطالب على التعلم وللمحافظة على الجو الصحي النقي ضمن هذه الشعبة الصفية ولكن ما نلاحظه في أكثر مدارسنا أن هذه القاعدة مغيبة تغيبا تاما .