حذر عضو الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي لفلسطيني الخارج ياسر علي مما أسماه بـ "شبح المجاعة" التي باتت تطرق المخيمات الفلسطينية في لبنان، كتحد خطير فرض نفسه عليهم في الأشهر الثلاثة الماضية من عام 2019، ويسيطر عليهم مع دخول عام 2020م.
وأوضح علي في حديث صحفي أن 250 ألف فلسطيني من أصل 540 ألف لاجئ بلبنان غادروا البلد بحثا عن العمل، فيما يسيطر شبح الهجرة على بقية الموجودين، في ظل ارتفاع حالات الفقر والبطالة في المخيمات.
وذكر أن نسبة البطالة في المخيمات كانت 56% والفقر 65%، لكن في ضوء أحداث عام 2019، ارتفعت نسبة البطالة لتصبح 65% ووصلت نسبة الفقر 80%.
"الجوع والأونروا والأزمة اللبنانية الداخلية وقانون العمل" رباعية شكلت أبرز التحديات التي اعترضت الوجود الفلسطيني في المخيمات لعام 2019، ولا تزال تداعياتها تفرض نفسها عليهم في عام 2020، وفقاً لياسر علي.
شبح المجاعة
وفي ضوء ذلك، أكدّ علي أن التحدي الصارخ والأهم في تاريخ فلسطينيي لبنان، هو تحد المجاعة، خاصة وأن الشعب الفلسطيني لا يجد عملا وقد حرم بموجب قرار أصدره وزير العمل السابق كميل أبو سليمان العمل من المهن المسموح مزاولتها.
وتحظر الدولة اللبنانية اللاجئين من مزاولة 73 عملاً.
وقال علي إنّ المرتاحين مالياً من اللاجئين بدأوا يشعرون بضغط الحياة، خاصة وأن المصارف بلبنان لا تسمح لهم بسحب الأموال من خلالها أو حتى تلقي تحويلات من الخارج.
وأوضح أن عددا كبيرا من اللاجئين يعتمدون بشكل أساسي على تحويلات أبنائهم من الخارج وتقدر بمئة مليون دولار في السنة تقريبا.
ولفت إلى أنه جرى إطلاق نداء استغاثة عاجل لعدد من الدول العربية والمسؤولين الفلسطينيين لتوفير الطعام والغذاء لبيوت اللاجئين، ووزعت بعض الهيئات الخيرية عدداً من الوجبات الغذائية.
ولخص علي حال اللاجئين بالقول: "انتقلنا من الحديث عن مشاريع تنموية إلى إغاثية ومن ثم إلى المطالبة بغذاء، ثم اليوم نطالب بوجبات ساخنة لمئات المنازل التي تبيت دون عشاء أو حتى غداء".
وأكدّ أن اللاجئ في لبنان لديه إشكالية مضاعفة، فهو لا يجد عملا ولو وجده لا يحق له العمل.
كابوس الهجرة والبطالة
وفي ظل تدهور الوضع الاقتصادي بلبنان، أكدّ أن أبواب الهجرة باتت مشرعة ومفتوحة أمام الفلسطينيين، وأنّ الرقم الرسمي الوحيد الصادر عن الدولة يشير لـوجود 174، فيما كانت أعداد الفلسطينيين تصل لـ540 ألف.
وأشار إلى أنه تبقى قرابة 20 ألف فلسطيني نازح من سوريا من أصل 90 ألف لاجئ فلسطيني وصلوا لبنان من هناك.
وكشف عن تقارير تفيد بوجود مخطط لأن يصبح عدد الفلسطينيين دون المئة ألف في لبنان ليسهل توطينهم ضمن مخطط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من خلال صفقة القرن.
وشهدت المخيمات في الأشهر الثلاث الأخيرة مظاهرات عارمة تنديدا بقرار وزير العمل.
وأكدّ علي، أن الوزير تعامل مع الفلسطينيين بقانون العمل كأجانب، فيما يحرمهم القانون حق التملك المتاح للأجانب.
ولفت إلى أن الفلسطينيين نظموا خلال 12 أسبوعاً وقفات احتجاجية، نجحوا خلالها في تحقيق بعض المطالب، عبر تشكيل لجنة وزارية للنظر بالقرار.
وأوضح أن اللجنة شكلت برئاسة رئيس الوزراء السابق سعد الحريري، لكنها لم تجتمع خلال شهرين، وتوقفت الأمور عند اندلاع أحداث لبنان بعد موجتي الحرائق وغلاء الأسعار في أكتوبر الماضي.
وأضاف أنه بعد اندلاع هذه الأحداث، أوقفنا مسيراتنا لوجود أخرى نشبت في البلد نظراً للوضع السيء هناك.
الأزمة اللبنانية و"أونروا"
وشكلت الأزمة اللبنانية تحد خطير أمام اللاجئين الفلسطينيين خلال عام 2019، كما بين علي.
ويقول: "نحن في أوج ثورتنا ومظاهراتنا تراجعنا لداخل المخيمات وأخمدنا صوت ثورتنا ووقفنا على الحياد وأوصينا شعبنا بعدم المشاركة بالاحتجاجات في لبنان، كي لا يسجل علينا تدخلاً في الشأن اللبناني فنزيد الأمور الطين بلة".
وذكر أن هناك إجماعا فلسطينياً بعدم التدخل والمشاركة، لأن الفلسطيني مغضوب عليه وأي تدخل منه سيزيد الغضب تجاه الاحداث.
أما التحدي المستمر للاجئين، فيتمثل بوكالة "الأونروا"، خاصة مع الأزمة المالية التي تعصف بها، وتحديدا في ضوء عجزها الذي يصل لقرابة مئة مليون دولار تقريبا.
وذكر علي أن العام 2019، فتح أبوابه بحادثة الطفل محمد وهبي، الذي توفي على باب المستشفى دون السماح بعلاجه، في حادث عكس كارثية الوضع الصحي للاجئين، والذي تتحمل مسؤوليته الأونروا والدولة اللبنانية.
وقال إن الازمة شكلت تحد على صعيد الملفين الصحي والتعليمي، وأن العملية التعليمية بدأت بـ"صفوف مكتظة وخدمات ضئيلة"، كما أنه جرى تقليص دعم الصحة لـ50% بعدما كان الدعم لبعض الامراض 90%.
وأوضح أن قضايا الفساد في الأونروا شكلت تحد آخر أمام استمرارها، وهي جوبهت بعمل دبلوماسي وسياسي نجح في تعويض الأموال الأمريكية المقطوعة عن الوكالة.
وكالة سند للأنباء