نشرت صحيفة "الكونفدنسيال" الإسبانية تقريرا، تساءلت فيه حول ما إذا كانت (إسرائيل) بصدد استغلال الأشهر الأخيرة من عهدة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من أجل إلحاق أكبر قدر من الدمار بخصمها اللدود إيران، من خلال افتعال الانفجارات والحرائق في مواقع عسكرية ونووية.
وقالت الصحيفة في تقريرها، إن منشأة للطاقة في مدينة أصفهان، اهتزت على وقع انفجار قوي يوم الأحد الماضي، لم يؤد لأضرار خطيرة. ولكن في يوم الأربعاء اشتعلت سبع سفن في رصيف بوشهر في جنوب البلاد، وقبل ذلك في يوم الإثنين 13 تموز/ يوليو احترقت ست خزانات للغاز في مدينة مشهد، وفي يوم الأحد 12 تموز/ يوليو احترقت أيضا منشأة للبتروكيمياويات في نفس المدينة في جنوب غرب نفس المدينة.
وأضافت الصحيفة أن يوم 11 تموز/ يوليو شهد انفجار عدة اسطوانات للغاز في قبو مبنى سكني في طهران، وفي الثاني من نفس الشهر انفجر جزء من منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم، وفي 30 من حزيران/ يونيو جد انفجار آخر في المركز الطبي سينا أطهر أدى لوقوع 13 قتيلا، ويوم 26 من نفس الشهر تعرض مصنع الصواريخ البالستية في منطقة خوجير إلى تدمير جزئي.
وترى الصحيفة أن هذه السلسلة من الانفجارات والحرائق لم تتبناها أي من الحركات المعارضة للنظام الإيراني، وتم الإعلان عنها في الإعلام الحكومي بشكل رسمي، مع اعتبارها أحيانا مجرد حوادث ومواصلة التحقيق في البعض الآخر.
وتشير الصحيفة إلى أن الأخطر من بين هذه الحوادث هو ذلك الذي حصل في منشأة الوكالة الإيرانية للطاقة الذرية في نطنز، باعتبار أنه سوف يؤدي لتأخير بعدة أشهر أو حتى سنتين في البرنامج النووي. وكل المؤشرات تدل على أنه عمل تخريبي، رغم أنه من غير الواضح كيف تم ذلك.
شكوك تتجه نحو (إسرائيل):
وقالت الصحيفة إن (إسرائيل) لديها تاريخ حافل باللجوء للقوة لمنع جيرانها من امتلاك الأسلحة النووية، التي تمتلكها الدولة العبرية. فقد بادرت إلى قصف المفاعل النووي العراقي في 1981، ثم في 2007 قامت بنفس الأمر في سوريا.
كما أنها في العام 2009 أطلقت هجوما الكترونيا منسقا بالتعاون مع الولايات المتحدة، تحت اسم "حصان طروادة ستاكسنات"، وهو برنامج تمكن من السيطرة على أجهزة الطرد المركزي وجعلها تدمر نفسها. كما تعرض أيضا أربعة علماء إيرانيين مرتبطين بهذا البرنامج النووي للاغتيال في الفترة بين 2010 و2012.
وكعادتها امتنعت السلطات الاسرائيلية عن تأكيد أو نفي ضلوعها في هذه العمليات. إذ أن غابي أشكينازي وزير الخارجية قال: "إن (إسرائيل) تعمل على تحجيم التهديدات النووية الإيرانية، ولكن من الأفضل عدم التحدث بشأن ما تفعله."
كما أن بيني غانتزسوزير الدفاع قال: "إن إسرائيل ستفعل كل ما هو ممكن لمنع إيران للوصول إلى السلاح النووي". ولكنه أضاف لاحقا: "نحن لا نقف وراء أي حادث وقع في إيران."
وأشارت الصحيفة إلى أن "نيويورك تايمز" الأمريكية كانت قد نقلت عن مسؤول استخباراتي من الشرق الأوسط، تأكيده أن إسرائيل زرعت قنبلة في مبنى نطنز الذي أعادت إيران تشغيل أجهزة الطرد المركزي فيه. وهذا المسؤول بحسب الصحافة الإسرائيلية ليس إلا يوسي كوهين مدير الموساد.
وذكرت الصحيفة أن هذه ليست هي المرة الأولى التي تطأ فيها أقدام عناصر الموساد الأراضي الإيرانية لتوجيه ضربة لخصمهم اللدود. إذ أنهم في كانون الثاني/ يناير 2017 دخلوا مبنى في طهران نقل إليه الأرشيف النووي في العام السابق. وقد تمكنوا من الاستيلاء على 100 ألف وثيقة قام نتنياهو بالكشف عنها بعد سنتين.
وكانت طهران قد أعلنت عدم استبعادها أن تكون هنالك دولة معادية، على غرار إسرائيل أو الولايات المتحدة، هي التي تقف وراء هذه الأعمال التخريبية. وقد قال سيد عباس موسوي، المتحدث باسم الخارجية الإيرانية: "إذا كان هنالك نظام أو حكومة متورطة في حادث نطنز فإن إيران سوف ترد بكل حزم." أما إسماعيل غاني، قائد الحرس الثوري، فقد توعد واشنطن وتل أبيب بأيام صعبة قادمة.
ورجحت الصحيفة عدم وجود إجماع في طهران حول كيفية الرد على التهديدات الخارجية، ولكن يبدو أن خيار الانتقام يبدو مستبعدا في الوقت الحالي. إذ أن هذا الخيار قد يولد مخاطر كبيرة لهذا البلد الذي يعاني الآن من الإنهاك بسبب وباء كورونا والأزمة الاقتصادية بعد انهيار أسعار النفط، وتجديد العقوبات الأمريكية.
آخر أشهر ترامب؟
تعتبر الصحيفة أنه حتى لو كانت الحوادث التي تتعرض إليها إيران ليست كلها من صنيع (إسرائيل)، فإن تل أبيب في كل الأحوال بصدد استغلال آخر أشهر ترامب في البيت الأبيض، في حال لم يتم انتخابه، وذلك من أجل ضرب عدوها الوحيد الحقيقي في الشرق الأوسط اليوم.
وأضافت الصحيفة أن هذا هو التحليل الذي يتطابق مع آراء جزء كبير من وزراء الخارجية الأوروبيين، حول التوتر الذي ساد الآن بين إيران و(إسرائيل). إذ أن ترامب كان أكبر مساند لإسرائيل من بين كل رؤساء الولايات المتحدة عبر التاريخ. حتى أنه قام في آيار/ مايو 2013 بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني الذي وقع عليه باراك أوباما.
وأضافت الصحيفة في نفس السياق أنه في حال فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن بالانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، فإنه على الأرجح سوف يحاول إعادة إحياء الاتفاق النووي الذي وقع عليه أيضا الشركاء الأوروبيون إلى جانب واشنطن ولا يزالون متمسكين به. وأول شيء سيتوجب عليه القيام به في هذه الحالة هو وضع حد لتحركات الحليف الإسرائيلي.
عربي 21