مقال: إياك أن تصدق

بقلم: أ. وائل عبد الرزاق المناعمة   

إياك أن تصدق إذا ما قالوا أن موقع ويكليكس نشر أربعمائة ألف وثيقة عن الغزو الأمريكي للعراق, وإياك أن تصدق إذا ما قالوا أن أحد الحاضرين لجلسة إعدام صدام حسين الرئيس العراقي السابق سرب عبر جواله الشخصي صور الإعدام, وإياك أن تصدق أن بعض الجنود الأمريكان سربوا صوراً تظهر بشاعة ما يحدث داخل السجون العراقية.

وإياك أن تصدق الإدارة الأمريكية وهي تقول أنها جاءت لنشر السلام والديمقراطية في العراق وأفغانستان.

يجب أن تكون على قناعة تامة أنه لا تخرج كلمة أو صورة أو وثيقة إلا بعلم الإدارة الأمريكية وموافقتها المسبقة لأنها تخدم أغراضها الاستعمارية في نشر حالة من الرعب الخفي والتهديد المبطن لجميع من يعارض السياسة الأمريكية وحلفائها حول العالم أن مصيره هو ما يراه بعينيه ويسمعه بأذنيه.

بالإضافة إلى أغراض الاحتلال المتعددة والتي أهمها نشر الفتن الطائفية بين أبناء الوطن الواحد وإثارة النعرات بين الأشقاء ليتمكن المحتل من السيطرة على الأرض والإنسان، حيث ينهب خيرات ومقدرات الأرض ليتركها جرداء قاحلة، ويعمل على تدمير أهلها وتهجيرهم أو الخضوع لإرادة الاحتلال ورغباته.

فأي منطق هذا الذي يقول أن موقع ويكليكس الالكتروني يستطيع الحصول على أكثر من أربعمائة ألف وثيقة سرية وخاصة حول الغزو الأمريكي للعراق وكأن هذه الوثائق متاحة لكل من يرغب بالحصول عليها دون إجراءات أمنية معقدة تمنع الفضوليين من الاقتراب منها عدا عن الحصول عليها.

مما لا شك فيه أن الإدارة الأمريكية ومن خلال أجهزة مخابراتها سعت إلى نشر هذه الوثائق لتصل إلى أهم وسائل الإعلام في العالم وبالتالي تمثل رسالة واضحة إلى معارضي الإدارة الأمريكية حول العالم بأن الولايات المتحدة الأمريكية لا تحترم القانون الدولي الإنساني في حالة خوضها لأي معركة أو احتلال أي دولة في العالم، كما لا تمثل لها مبادئ حقوق الإنسان أي قيمة عندما يتعلق الأمر بصراع تقوده أمريكا.

إن سيطرة الإدارة الأمريكية على وسائل الإعلام أمر أصبح مفروغ منه خاصة بعد أن خاضت الولايات المتحدة حروبها الاستعمارية الأخيرة حيث وجدنا أن أبرز وسائل الإعلام الأمريكية التي كان البعض يتغنى بحريتها ويضرب بها المثل في قوتها كسلطة رابعة تشرف على أداء السلطات الثلاث، تحولت بين عشية وضحاها إلى بوق يردد ما تقوله وزارة الدفاع الأمريكية ويكتفي بالرواية الأمريكية في المعركة، بل تعدى الأمر ذلك إلى تبرير كل ما تقوم به الولايات المتحدة من جرائم ومجازر ضد المدنيين والآمنين وكأنها أدوات للدعاية الإعلامية والحرب النفسية توجهها حسب المصالح العليا للولايات المتحدة.

البث المباشر