أ. وائل عبد الرزاق المناعمة
منذ أن وطأت أقدام الاحتلال أرض فلسطين، وفي محاولة منه للسيطرة على شعبها وإخضاعه بشتى السبل غير المشروعة، قام المحتل بافتتاح السجون والمعتقلات التي لا تتوافق مع أبسط قواعد حقوق الإنسان، منها السري ومنها المعلن، ليزج بمئات الآلاف من رجال ونساء وشباب وأطفال فلسطين في ظروف اعتقالية أقل ما يقال عنها أنها عنصرية تسعى إلى طمس شخصية المعتقل، وإخضاعه لشتى ألوان العذاب منذ أن يقع بين جنود الاحتلال وضباط مخابراته، مثل التعذيب الجسدي الذي لا يخرج منه المعتقل إلا بمرض مزمن، أو عاهة دائمة، عدا عن أصناف العذاب النفسي الذي يترك آثاره السيئة على المعتقل ما بقي له من الحياة.
إن قضية الأسرى في سجون الاحتلال هي بحق من أخطر قضايا الصراع بيننا وبين المحتل، والتي يجب على كل حركة أو تنظيم مقاوم أن يسعى بشتى السبل لإيجاد حل يستطيع أن ينهي معاناة ثمانية آلاف أسير منهم نساء وأطفال ومرضى ومسنين يختطفهم المحتل في محاولات رخيصة لابتزازهم وإخضاعهم لإرادته.
وأستهجن هنا فعل من يقوم بالتفاوض مع المحتل وتقديم تنازلات حول ثوابت من حقوق شعبنا وقضيتنا، دون أن يجد صراخ الأسرى في أقبية التحقيق أذن لديه، بل والأنكى من ذلك يحاول أن يقلل من جهد أي فصيل يسعى إلى إطلاق سراح الأسرى من خلال اختطاف جنود المحتل المعتدين للقيام بعملية تبادل مع أسرانا، ويقوم بعمليات حساب مشبوهة ليحصى عدد الشهداء بعد اختطاف الجندي، وكأن المحتل لم يوقع بيننا الشهداء إلا بعد أسر الجندي الصهيوني، أو أن الاحتلال بحاجة إلى مبرر للاعتداء على أرواح شعبنا وممتلكاته.
إن قضية الأسرى في سجون المحتل الصهيوني لا يمكن أن يتم تناولها كردات فعل حول بعض الانتهاكات التي تصل إلى وسائل إعلامنا، أو هبات موسمية كيوم الأسير الفلسطيني وغيره، إنما تتطلب من جميع الفعاليات والفصائل وأبناء شعبنا في الداخل والخارج أن يتم تشكيل هيئات ولجان ومنظمات تسعى إلى تفعيل قضية الأسرى وجعلها القضية الحاضرة أمام جميع المنظمات والمؤسسات العالمية، ويتم حملها مع أي مسئول فلسطيني يغادر أو يستقبل أي وفود أو مسئولين أو شخصيات عربية أو أجنبية، في محاولة لجعلها قضية رأي عام عالمي نستطيع من خلاله أن نخفف العذاب عن أسرانا داخل سجونهم، ونسعى بشتى السبل لتبييض السجون حتى آخر أسير يعاني.