للمرء صورة وسيرة ، ذلك أنهما توأمان لا يفترقان ، ومن الصور المشرقة الجانب الإنساني والحنون وهو ما تميز به بطلنا علاء ابي محمد فرج الله كربته وخفف عنه وجع الإضراب وعجل حريته ليعود إلى حضن عائلته يزيل عنها عوائل الاعتقال والاختطاف والتغييب القسري .
لست انسى تلك اللحظة في حفل زفاف شقيق علاء وعلى منصة الحفل بدأ صديقي واخي علاء مراسيم وطقوس الحفل البهي الزاهي بالنزول إلى قدمي والده يقبلها عربون السعادة والتوفيق ودعا كل من عنده أب أن يحذو حذوه ويشبع من والده .
أما عن والدته رحمها الله فقد أوجعتني عباراته ذات حديث شيق بادرته به يوم تعزيته بوفاة والدتي رحمها الله ، إنطلاقة حديثه في التعزية بصوته الجهوري تنبئك عن وجع دفين وحزن عميق فاض به وشجاه ، ذلك أن الحكماء هتفوا في أذن الايام وكذلك فعل علاء ، من ذاق عرف .
تفجرت احاسيس علاء ، إبتلع كلماته ، تجرع الالم والحزن كؤوسا مترعة ، فإذا هو لم يعرف وجه أمه التي فارقت دنياه رضيعا ، لله درك كيف كانت طعم دنياك ، وأي طفولة عشت ، وأي حنان فقدت ، يا علاء كنت ألمح بريق عينيك اللامع حزنا وأنا الذي تحاشيت مرارا أن أفتح أطراف الحديث معك عن أسبابه ، وهدير صوتك في كل موقعة تكون سبعها الذي تزأر ينبيء بغضب لم أعلم محتواه ، وكأني بسبب الأسود إذا غابت أمه لم ينكسر ، فبات أسدا قبل موعد تفتح الأنساب وكذلك انت لم تكن يوما إلا جسورا .
وفي بطون السيرة لفتى بالكاد نبت شعر لحيته كزغب فراخ الحمام في ساحات سجن مجدو ، حادثة خطيرة ، تمكن متهم بالعمالة من الهروب بعد أن نال نصيبه حتى عند لحظة الهروب ، تبعه أسير وأشبعه ضربا حتى لا ينسى ، وإختفى الأسير في بطون الخيام ، أصرت إدارة السجن يومها على معاقبة من ضربه ، أخذ علاء قميص زميله الأسير وإرتداه وتقدم وقال لهم : انا من ضرب العميل الخائن وأقتيد للزنازين.
وعن حنانه يمكن لمن يتابع صوره الشخصية على صفحة الفيس يحتضن صغاره ، يتبادلان البسمات بينات ضاحكات وقد بدت نواجذه ، وهو الذي شغله عمله الإعلامي حتى شوشة أذنيه ، كيف يجد الوقت ليلاعبهم وينتزعون من جبال مشاغله وهمومه إبتسامة .
كم ضجت صفحتك على الفيس تستمطر المحسنين وذوي الايادي البيضاء أن هبوا لنجدة عائلة مكلومة ، وأسرة كشفت الايام ظهرها لبث الدفيء في جنباتها ، في حاجة يتيمة جامعية لمن يدفع قسط الجامعة والقائمة تطول ، وإن شاء الله رجاؤنا ودعاؤنا لله لك بالحرية وإنتظار اهلك وإخوانك لا يطول ، يا رعاك الله ...
