شيعت جماهير العاصمة الأردنية المهندس إبراهيم غوشة، والتي يقيم فيها منذ عقود، متأثراً بإصابته بمرض عضال عن عمر يناهز 85 عاما، وبعد مسيرة طويلة من العمل مع جماعة الإخوان المسلمين، وحركة حماس لخصها في كتابه الشهير "المئذنة الحمراء".
وُلد غوشة في القدس، في السادس والعشرين من نوفمبر- لعام 1936 في شهر رمضان، في حارة السعدية، قريباً جداً من مسجد المئذنة الحمراء، وهو عنوان الحي وعلامة من علاماته، لذلك حينما كتب إبراهيم غوشة كتابه أسماه باسم أكبر ما رأته عيناه وهو طفل صغير.
ترعرع في بيت لا يبعد عن الأقصى أكثر من خمس دقائق، كان ينزل من زقاق بجانب المئذنة الحمراء باتجاه باب الغوانمة ويلج إلى الأقصى.
سكن في بيت قديم صودر لاحقاً بعد احتلال القدس في حارة السعدية القديمة الأثرية، وفتح عينيه على عائلة متدينة ملتزمة، ودرس في مدرسة الشيخ جراح ولاحقاً في مدرسة الرشيدية في القدس المحتلة، وفي ذلك الوقت انضم للإخوان المسلمين حتى أنهى الثانوية العامة عام 57 وذهب إلى مصر.
تأثر منذ طفولته في البيئة الإسلامية والقراءات في التاريخ الإسلامي، وبدأ يداوم على متابعة محاضرات تقي الدين نبهاني في شعبة الإخوان المسلمين، وقد تأثرت ثقافة إبراهيم غوشة بدروسه.
وسمحت الأردن لقائد حركة حماس إسماعيل هنية، ومسئول الحركة في الخارج خالد مشعل بحضور جنازة غوشة والمشاركة في دفنه، ووري جثمانه الثرى في مقبرة شفا بدران بالعاصمة.
وعلى هامش مشاركته، ذكر هنية مناقب الفقيد، واصفاً إياه بأنه كان "الحارس الأمين للحركة ومبادئها الأصيلة".
"غوشة" قيادي تاريخي في "حماس"، وعضو سابق بمكتبها السياسي، وشغل منصب أول ناطق رسمي للحركة، كما شارك بالعديد من وفودها الدبلوماسية في زيارات الدول العربية والإسلامية.
ونال درجة البكالوريوس في الهندسة المدنية والإنشاءات من كلية الهندسة في جامعة القاهرة عام 1961، وعمل في مجال الهندسة في عدة دول بدءاً بالأردن حتى الكويت، وفيما بعد فتح مكتبه الهندسي الخاص في الأردن قبل أن يصبح متحدثاً سرياً في البداية باسم الحركة.
كان عضواً في اللجنة الصحافية للرابطة الفلسطينية في القاهرة والتي تضم الطلبة الفلسطينيين في كل الاتجاهات، وقد عمل فيها غوشة بصحبة خليل الوزير وصلاح خلف اللذين كانا ضمن جماعة الإخوان في ذلك الوقت.
كان واحداً من حلقة نقل الأخبار من أربعة أشخاص ضمن حركة الإخوان، ناقلا لأخبار الأردن، بينما كان خليل الوزير ناقلاً لأخبار غزة، في ظل الحكومة المصرية المتشددة على حركة الإخوان في عهد عبد الناصر.
في عام 1991 عمل إبراهيم غوشة ناطقًا إعلاميًا باسم حركة حماس في الأردن، وكان الأمر الأكثر إحراجاً بالنسبة للأردن هو كونه مواطناً أردنياً يحمل الجنسية الأردنية ورغم ذلك تجاهله النظام الأردني لفترة من الزمن رغم تبني الحركة لعمليات كثيرة صرح بها غوشة من مكان إقامته بالأردن.
وقد طلبت الأردن بعدها من غوشة الكف عن التصريح عن تبني العمليات الجهادية من الأردن نظرا لما تواجهه من إحراج أمام أمريكا وإسرائيل، وبعد رفضه اعتقلته السلطات من مقر نواب جبهة العمل الإسلامي في الأردن وأبعد عن الأردن في 1999، وعاد إليه عام 2001، بعد أن تعهد بالكف عن نشاطه السياسي.
في السادس والعشرين من أغسطس 2021 ارتقى غوشه، بعد معاناة مع المرض.