قبل أن يعلن تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية عن الخروقات في اختيار المستفيدين من صندوق "وقفة عز"، كان موقع "الرسالة نت" نشر تحقيقا الشهر الماضي بعنوان "مساعدات السلطة للعمال المتضررين من كورونا "لا عين رأت ولا أذن سمعت"، وكشفت من خلاله التلاعب في توزيع المساعدات من بينها ما ورد عن طريق "وقفة عز".
وجاء في التحقيق وعلى لسان نقيب العمال سامي العمصي أن التلاعب في توزيع المساعدات لم يكن فقط في منحة البنك الدولي، بل في صندوق وقفة عز والمساعدات التي قدمت للمتضررين فترة كورونا، حيث أعلن أسماء مستفيدة بأرقام هوية خاطئة مما دفع البنك لإعادة الأموال لأصحاب المنحة.
وكشف التحقيق أن هناك حوالي 5 آلاف متضرر من غزة حصلوا على 700 شيكل لكل منهم وكان الأشخاص الذي سجلوا الأسماء في بعض الأقاليم اشترطوا على المستفيد بإعادة 200 شيكل.
وخلال حديث "الرسالة نت" عند الإعداد للتحقيق تهرب عدد كبير من المستفيدين من الحديث عن تفاصيل المبلغ الذي حصلوا عليه من وقفة عز، لاسيما وأن غالبيتهم يعملون في السلطة أو أبناء موظفين في السلطة.
أحد الشبان الذين التقتهم "الرسالة نت" هو "عبد الرحمن" الذي حاول أن يدرج اسمه عبر أحد معارفه لكن لم يحصل على شيء مقارنة بزميله ابن لواء متقاعد في قطاع غزة حصل على المنحة عدة مرات رغم أنه يعمل في مؤسسة دولية ولا حاجة له بتلك المساعدات.
وذكر أنه علم من أحد العاملين في إقليم فتح بمدينة غزة أنه بحاجة لواسطة قوية للحصول على المنحة بشرط منح الواسطة مبلغاً مالياً بعد الاستلام، ولم ينكر أنه قبل بذلك لكنه لم يحصل على شيء مقارنة بزميله الذي يعاني من الظروف نفسها، إلا أنه حصل على المنحة مرتين وأعطى من سجله 300 شيكل في كل مرة.
يذكر أن صندوق وقفة عز تم تأسيسه بقرار من رئيس الحكومة الفلسطيني محمد اشتية بتاريخ 2 نيسان/ أبريل 2020، بناء على توجيهات رئيس السلطة محمود عباس، ويهدف إلى تركيز الجهود الوطنية للمساهمة في مواجهة تداعيات أزمة كورونا في فلسطين بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والصحية.
ويهدف إلى تعزيز التضامن والتكافل بين مختلف أبناء الشعب الفلسطيني، من خلال مشاركة جميع المؤسسات والشركات ورجال الأعمال والأفراد داخل فلسطين والشتات، والمساهمة في التخفيف من آثار الأزمة، ومواجهة جائحة كورونا في فلسطين.
وينحصر تبرع الصندوق في توجيه الدعم للعائلات المعوزة والمتضررة جرّاء الأزمة من خلال وزارة التنمية الاجتماعية، وتقديم الدعم لتلبية حاجات القطاع الصحي عن طريق وزارة الصحة الفلسطينية.
ما قام عليه صندوق عز يتناقض مع ما جرى على أرض الواقع في قطاع غزة عند توزيع المساعدات فلم يكن هناك معايير أو آلية تسجيل واضحة، حتى أن طريقة جمع كشوف المتضررين من كورونا التي لجأ إليها لؤي المدهون مفوض عام وزارة التنمية الاجتماعية التابع لحكومة اشتيه، وجدت معدة التحقيق الذي نشرته "الرسالة" فيها شيئا من التلاعب فتارة كان يدعي أنه حصل عليها من وزارة الصحة ومرة أخرى يعود ويقول عبر وزارة العمل التي تنفي ذلك بشكل مطلق.
كما ذكر المدهون أن من شروط تقديم المساعدة لمتضرري كورونا " أن يكون رب الأسرة من عمال المياومة ويفضل أن تكون امرأة، وأحد أفراد البيت لديه إعاقة بالإضافة إلى عدم استفادتهم من صندوق وقفة عز أو غيرها من مساعدات كورونا، وألا يمتلك المستفيد محلا تجاريا أو راتبا شهريا من القطاع الخاص أو لدية رقم سيارة عمومي – صاحب سيارة تعمل بالأجرة"، لكن واقعيا لم تنطبق تلك الشروط إلا على فئة قليلة ويبدو أنها جاءت لذر الرماد في العيون.
وفي السياق ذاته، يؤكد تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية ما كشفته "الرسالة" في تحقيقها حيث الخروقات في اختيار المستفيدين من صندوق "وقفة عز" الذي خصصته الحكومة لتوزيع مساعدات على الفئات التي تضررت في المرحلة الأولى من انتشار فيروس كورونا في الضفة وغزة، وأشرفت عليه وزارة العمل.
كما كشف تقرير الرقابة عن صرف مساعدات مالية من الصندوق لثلاثة أشخاص يحملون جواز السفر الدبلوماسي، مشيرا إلى خلل في عدم وضع معايير بشأن أعداد المستفيدين من الأسرة الواحدة، مما أدى لصرف مساعدات مالية لستة أفراد من نفس الأسرة في بعض الحالات.
وأشار الديوان إلى أن التدقيق الذي أجراه على آليات عمل الصندوق، شمل: القوائم النهائية للمستفيدين من البرنامج، وقوائم المتقدمين للاستفادة من البرنامج، وامتثال وزارة العمل للمعايير المعتمدة للاستفادة من البرنامج، والكشوفات البنكية.
وقال إن بعض المستفيدين من الصندوق تتجاوز رواتبهم 11 ألف شيكل، وبعضهم يعمل في البنوك الفلسطينية تتجاوز رواتبهم 16 ألف شيكل، كما أن مستفيدين آخرين يعملون في شركات الاتصالات وتبلغ قيمة رواتبهم 8 آلاف شيكل، في مخالفة واضحة لمعايير الصرف التي وضعتها الوزارة.
وجاء في التقرير: من واقع بيانات وزارة المالية وبيانات السجل التجاري ومراقب الشركات في وزارة الاقتصاد الوطني، تم صرف مساعدات لأشخاص لهم ملفات ضريبية أو مسجلين لدى وزارة الاقتصاد كمشاركين أو مساهمين في شركات مساهمة، أو أفراد مقيدين في السجل التجاري.