مجددا تطفو قضية "عظام الرقبة" على سطح الأحداث في المقاطعة برام الله، بعد تعيينات جديدة لأبناء مسؤولين في السلطة بالقناصل والسفارات التابعة لها.
هذه المرة كان الهدف ابنة انتصار عمارة مسؤولة ديوان رئيس السلطة، وهي ليست الوحيدة بل واحدة من مجموعة جرى تعيينهم مؤخرا من أبناء مسؤولي وقيادات السلطة، في حدث عدّه مراقبون شراءً للذمم، وترسيخا لدولة أقامت جذورها في الريح بين "رصاصة وفساد"!
واعتبر سياسيون وقانونيون هذه التعينات بمنزلة "تعبير صارخ عن حالة الفساد التي وصلت اليها قيادة السلطة، ورميها عرض الحائط بكل ما جاء في بنود القانون الأساسي".
شراء ذمم!
سياسيا، وصف النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي د. حسن خريشة، ترقيات وتعيينات أبناء قيادة مركزية حركة فتح التي يجري الحديث عنها بـ"شراء الذمم وتكريس الفساد والسعي للتوريث".
وقال خريشة لـ"الرسالة نت": "إنّ هذه الترقيات نوع من جوائز الترضية، ليصمت البعض عن قضايا أخرى، في إطار شراء الذمم بشكل واضح".
وعدّها محاولة لإطالة عمر الأشخاص الموجودين في العمل التنفيذي بالسلطة.
وأكدّ خريشة أنّ هذه التعيينات أثارت استهجانا وتندرا، "وبدا الناس كأنهم يعملون في شركة مساهمة لا تعين سوى أبناء المساهمين فقط، وأن الشعب بات كأنه ضيف عليهم وحمولة زائدة".
وأضاف: "السلطة ماضية في غيها بتكريس نهج الفساد، وأصبحت كأنها ارث ملكي لهم".
وشددّ خريشة على ضرورة "اعلاء الصوت؛ لأن الوظيفة ملك للكل الوطني وليس لفريق متنفذ بعينه"
مأسسة فساد!
قانونيا، أكد الحقوقي صلاح عبد العاطي مدير الهيئة الدولية للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني "حشد"، وجود حالة من التلاعب والتهرب من الرقابة على التعيينات والترقيات، في ظل غياب المجلس التشريعي واستمرار حالة الانقسام.
وقال عبد العاطي لـ "الرسالة نت": "إن معايير الترقيات والتعيينات يتم تجاوزها، وهناك شبهة فساد تتطلب مراجعتها وفق القانون، والعمل على وقف كافة التعيينات والترقيات التي تمت بناء على الواسطة والمحسوبية".
وأضاف: "التعيينات "تؤسس لمنظومة فساد وهذه تنطبق على كل الموظفين العموميين في الأراضي الفلسطينية المحتلة".
وذكر عبد العاطي أن التعيينات بهذه الطريقة، تعبر عن حالة التعدي على القانون الناظم للخدمة الوظيفية في السلطة الفلسطينية.
تدمير ممنهج
عضو اللجنة التنفيذية السابق بمنظمة التحرير عبد الجواد صالح، أشار من جهته لدور عباس وفريقه في تدمير النسيج الفلسطيني، بافتعال قضايا فساد بعد أن أحاط نفسه بحاشية متنفذة من الانتهازيين والمشبوهين، على حد وصفها.
وقال صالح لـ"الرسالة نت": " في عهده تشرذم السلم الأهلي، كما زاد الفقر والبطالة والهجرة والجريمة وفلتان السلاح وتجارة المخدرات".
وأكدّ أنّ عباس وفريقه استغلوا حالة الطوارئ لإصدار تعيينات خارج القانون وبعيدا كل البعد عن قيم العدالة وتكافؤ الفرص.
وذكر أنّ هذه التعيينات تهدف لترسيخ نفوذ فريق بعينه بعيدا كل البعد عن مصلحة الوطن والمواطن.
وأوضح صالح أن هدف هذا الفريق بات يتمثل فقط في الحفاظ على نفسه وحماية إرثه الاجتماعي والاقتصادي، ونقل امتيازاته لأبنائه.
وأكدّ أنّ هذه الأزمات لن تحل طالما لا توجد جبهة صد قوية تستطيع أن تواجه حالة الفساد المستشرية.