قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: انتفاضة النقب لن تتوقف.. لماذا؟

الكاتب والإعلامي أيمن دلول
الكاتب والإعلامي أيمن دلول

بقلم: أيمن تيسير دلول

اندلعت مؤخراً، على امتداد النقب الفلسطيني المحتل، مواجهات هي الأعنف والأوسع بين أهل الأرض الحقيقيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي، تلك المواجهات لا تزال متواصلة والاحتقان سيد الموقف، الراجح أن الجميع أدرك نقطة البداية لكن سيبقى الزمن هو الكفيل وحده لتحديد المحطة الأخيرة لهذا القطار الجارف.

جاءت أحداث النقب لإعادة القطار إلى سكته الحقيقية، فلا يمكن التعايش مع محتل سرقَ منذ أكثر من سبعة عقود ما يزيد عن نصف فلسطين التاريخية، ولما جاءت ردة فعل أهل الأرض على غير توقعاته بسكوت الأهالي وصمتهم على تمرير مخططاته كانت العصا هي وسيلة الاحتلال فلم يرحم امرأةً ولا طفل أو حتى رجل عجوز، الأمر سيكون طبيعي حينما تدوس عجلات آليات الاحتلال الديمقراطية المتبناة كذباً من قيادة الاحتلال في فضائيات الإعلام و وسائل إعلامه.

تأكيداً، فأحداث النقب تفتح شهية زعماء أحزاب الاحتلال يمينية أو غيرها للمزايدات على بعضهم البعض، لكن القاسم المشترك بين جميعهم أن فلسطين هي الوطن القومي لليهود انطلاقاً من وعد بلفور المشئوم وحتى يومنا هذا، ولذلك فرؤية الاحتلال تجاه أهل النقب أنهم يشكلون كتلة فلسطينية واحدة تشكلُ خطراً داهماً على الكيان الإسرائيلي طال الزمان أم قصُر، وهي كتلة يجب تفتيتها وإزالتها بشتى الوسائل.

الأحداث في النقب المحتل ليست وليدة الساعة فهي جاءت بفعل تراكمات لعب الدور الأبرز فيها المتطرفون لدى الاحتلال على مدار السنوات الأخيرة من خلال الوشاية والضخ المستمر لرؤاهم في آذان صناع القرار بأن أهل النقب المحتل هم من سيقف الحائل الأساسي تجاه إنجاز الحلم الإسرائيلي بإتمام مشروع "يهودية الدولة".

وفي سبيل القناعات المرتبطة بالحلم الإسرائيلي في النقب المحتل، بدأت قيادة الاحتلال مؤخراً بإطلاق مشاريع تجريف وتحريش للأراضي، وهذه خطوات للتضليل بتطوير النقب بينما الأهداف الحقيقية فتكمن في أنها مخططات تهدف للتضييق على السكان وقطع أي تواصل جغرافي بين القرى الفلسطينية هناك من خلال زرع المستوطنات والمزارع الفردية فوق الأراضي العربية التي تواجه التهويد الزاحف، وهذه مخططات يتم استنساخها من مثيلاتها التي تم تطبيقها على الضفة الغربية في عهد سلطة التنسيق الأمني.

قوات الاحتلال في تعاملها مع ملف النقب ستلجأ إلى تكتيك الخطوات المتدحرجة وليس الخطوة الواحدة فهي تسعى لتعزيز انصهار أهالي النقب في الكيان الإسرائيلي الدخيل من خلال زيادة نسبة المجندين في صفوف قوات الاحتلال وزيادة الانسياب في العلاقات الاجتماعية بين الفلسطينيين أهل الأرض والمستوطنين الوافدين إلى فلسطين بعيون الجشع والطمع، لكن يبدو بأن خطوات الاحتلال لن تجد النجاح هذه المرة وذلك للأسباب التالية:

1- على مدار سنوات طويلة يعاني أهالي النقب والفلسطينيين داخل الكيان الإسرائيلي من التهميش المتعمد فلا بنية تحتية ولا تطوير ولا مشاريع أسوة بما يتم تنفيذه داخل مدن الاحتلال.

2- استخدام العنف والقوة المفرطة من قبل قوات الاحتلال تركت ندوباً صعوبة الشفاء على الجسم الفلسطيني في النقب وإن عوامل الزمن والصحراء ستجعلُ من تلك الجروح أدوات نفخٍ على جمرٍ أسفل الرماد.

3- ستنعكس أحداث معركة سيف القدس بالإيجاب على العقل العربي في النقب المحتل، فقد أحدثت تلك الحرب حالةً من الصدمة لدى الكثيرين واستفاق بفعلها الكثيرين من غفوتهم كذلك، ليدركوا في نهاية المطاف أن هزيمة هذا الاحتلال أمر واقع وبالإمكان حدوثه مع أثمان أقل في حالة الرضوخ والتسليم لسياسات القهر والتمييز التي يمارسها بحقهم.

4- حالة التفاعل الشعبي مع انتفاضة أهالي النقب والتضامن الذي ارتسمت معالمه في العديد من الساحات مثل مناطق شمال فلسطين المحتلة عام 48 و غزة و الضفة وغيرها تؤكد بأن هذه الانتفاضة من السهل انتقالها وتمددها إلى باقي أراضي فلسطين، خاصة وأن حالة الاحتقان الحالية باتت تزداد بشكلٍ مضطرد مع زيادة إرهاب وغطرسة الاحتلال والضغط لن يولد إلا الانفجار.

إن انتفاضة النقب بالإمكان جعلها رافعة فلسطينية جديدة على قاعدة تثبيت قواعد الاشتباك مع هذا المحتل المجرم، ليتم تدوين نقاط جديدة في جولةٍ من المواجهة بين أهل الحق الأصليين والاحتلال الذي يعملُ جاهداً منذ احتلاله لفلسطين على تثبيت قاعدة الهدوء والأمن لوجوده على هذه الأرض، لكن على الجانب الآخر فتطور التفكير والأداء الفلسطيني يجعل من الصعوبة بمكان التسليم بوجود الاحتلال على هذه الأرض.

البث المباشر