قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ نحو مليون ونصف فرد من سكان قطاع غزة البالغ عددهم مليوني و300 ألف نسمة باتوا فقراء بفعل الحصار والقيود الإسرائيلية المفروضة على القطاع منذ 2006، داعيًا المجتمع الدولي إلى الضغط على (إسرائيل) لإنهاء حصارها غير القانوني على غزة.
ووثق المرصد الأورومتوسطي في تقريره السنوي الذي أصدره اليوم الثلاثاء -بعنوان "16 عامًا من المرارة: جيل وُلد محاصرًا- بالتزامن مع دخول الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة عامه السادس عشر، الآثار الوخيمة التي أحدثها الحصار طويل الأمد على مختلف المستويات في غزة، ولا سيما الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية، والتي تفاقمت أيضًا بفعل الهجمات العسكرية المتكررة على القطاع، وآخرها هجوم "حارس الأسوار" في مايو/ أيّار 2021.
وأوضح الأورومتوسطي أنّه ورغم وصول الحالة الإنسانية في القطاع لمستويات غير مسبوقة من التدهور، وتعاقب 7 حكومات إسرائيلية منذ بدء الحصار، إلا أنّ سياسة العقاب الجماعي الإسرائيلية ضد السكان في غزة ما تزال ثابتة، بشكلٍ يُظهر بوضوح تعمّد (إسرائيل) إلحاق خسائر مادية ومعنوية كبيرة وجماعية بالسكان في قطاع غزة.
ووثق التقرير تضاعف مؤشرات الأزمة الإنسانية في قطاع غزة بفعل الحصار الإسرائيلي، إذ كانت تبلغ نسبة البطالة قبل فرض الحصار –في عام 2005– نحو 23.6%، في حين وصلت عند نهاية عام 2021 إلى 50.2%، لتكون من بين أعلى معدلات البطالة في العالم.
وبالمثل، شهدت معدلات الفقر ارتفاعًا حادًا بفعل إجراءات الإغلاق والحظر الإسرائيلية، إذ قفزت من 40% في عام 2005 إلى 69% في عام 2021.
وعلى المستوى الاقتصادي، استعرض التقرير حالة الانهيار التي شهدتها سنوات الحصار، إذ دخل اقتصاد غزة حالة من الركود منذ بدء الحصار، حيث شهد القطاع إغلاقًا شبه كلي للمعابر التجارية، الأمر الذي تسبب في شـل الحركة الاقتصادية، خاصـة فـي الفتـرات التـي تشن فيهـا القوات الإسرائيلية هجمـات عسـكرية علـى القطـاع، ما تسبب بانكماش نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 27%. كما تقلصت على مدى العقود الثلاثة الماضية مساهمة قطاع غزة في الاقتصاد الفلسطيني الكلي بمقدار النصف، لتصل خلال عام 2021 إلى ما لا يزيد عن 18%.
وأبرز التقرير تعرّض آلاف المنشآت الاقتصادية والخدمية والانتاجية للتعطل والتدمير والضرر خلال الهجمات العسكرية الإسرائيلية التي تخللت سنوات الحصار، إذ تسبب الهجوم العسكري الأخير في مايو/ أيّار 2021 وحده بتدمير مئات المنشآت الاقتصادية، بإجمالي خسائر بلغت نحو 400 مليون دولار أمريكي.
ووفق التقرير، يعد القطاع الصحي من أكثر القطاعات تأثرًا بالحصار الإسرائيلي لارتباط الخدمات الصحية بشكل مباشر بمستوى صحة السكان، إذ تعمد السلطات الإسرائيلية إلى منع أو تحديد دخول الأدوية والمستلزمات الطبية إلى قطاع غزة، ما أدّى إلى تراجع خدمات الرعاية الصحية في قطاع غزة بنسبة 66%.
وعلى مستوى حرية الحركة، أشار تقرير الأورومتوسطي إلى أنّ السلطات الإسرائيلية ما تزال تسمح لعدد محدود- معظمه من الحالات الإنسانية- بالتنقل عبر معبر "إيرز"، وهو المعبر الإسرائيلي الوحيد المخصص لدخول وخروج الأفراد من وإلى قطاع غزة.
ويبلغ المعدل الشهري لخروج الفلسطينيين من المعبر بحسب منظمة "غيشاه" (مسلك) حوالي 30,000 حالة خروج، أما في عام 2021، فقد بلغ المعدل الشهري لحالات الخروج نحو 8,954 حالة، أي بتراجع بلغ نحو 70% عن معدل ما قبل فرض الحصار عام 2006. بينما شهد معبر رفح تحسنًا ملحوظًا في حركة المسافرين من وإلى قطاع غزة خلال عام 2021، حيث ارتفع المعدل الشهري لدخول وخروج الأفراد عبر معبر رفح ليبلغ نحو 15,000 حالة للمرة الأولى منذ عام 2013.
وطالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان (إسرائيل) بإنهاء حصار قطاع غزة، والسماح للفلسطينيين بممارسة حقوقهم كافة وفي مقدمتها حرية التنقل، والتوقف عن استخدام سياسة العقاب الجماعي ضد المدنيين.
وطالب المرصد الأورومتوسطي المجتمع الدولي بإلزام الاحتلال بأداء حقوق سكان قطاع غزة كافة بصفتها قوة احتلال وفق ما أقرته الأعراف الدولية ذات العلاقة، بما في ذلك تحييد الاقتصاد وقطاعات الصحة والغذاء والبنى التحتية وغيرها.
وحثّ المرصد الأورومتوسطي المحكمة الجنائية الدولية على فتح تحقيقات ضد القادة والجنود الإسرائيليين المتورطين في سياسة العقاب الجماعي والهجمات العسكرية ضد قطاع غزة، وتحقيق المحاسبة والمساءلة وفق معايير العدالة الدولية.