في المعارك التي يخوضها شعبنا الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي تتعدد الوسائل والأشكال والأدوات، وتعد الحرب النفسية والعمليات الأمنية من أهم وأبرز الوسائل التي تستخدمها المقاومة، باعتبار أن العمل الأمني والاستخباري عمل ممتد لا يتوقف عند أي حد، ولعل ما أعلن عنه الناطق الرسمي لكتائب الشهيد عز الدين القسام عن تدهور حالة أحد الأسرى المحتجزين بأيدي المقاومة الفلسطينية أحد فصول تلك المعركة الاستخبارية في خطوة لافتة وقوية، قد أحسن فيها مهندس العمليات النفسية في المقاومة استخدام التوقيت الذهبي، والمهارة العالية في تحديد المفردات والمنتقاة بعناية، وبكلمات ستلقي بظلالها على الجمهور الصهيوني أولاً، ومكونات الكيان السياسية والأمنية، وهو ما يوحي أن القسام والأجهزة الأمنية المساندة قد استطاعت أن تراكم من مهاراتها، وتوظف امكاناتها بجهد وعمل استخباري عالي الدقة، يرسم معه ملامح ما توصلت له تلك الاجهزة من الكفاءة التي جعلته يحقق نقاط فوز متعددة على مدار سنوات معركة العقول وصراع الأدمغة مع ذلك المحتل.
قد استطاعت كتائب الشهيد عز الدين القسام أن تشرع بحرب ممتدة تجمع بين حرب العصابات والحرب النفسية، من خلال عمليات تستخدم فيها وسائل الاقناع لتحقيق الأهداف والغايات المطلوبة في إطار منظم للتأثير على العدو، والتي حتما ستحقق الأهداف الاستراتيجية التي رسمتها المقاومة لإرغام المحتل بالقبول صاغراً لإنجاز صفقة تبادل مشرفة عاجلاً كانت أم آجلا، وقد استطاع القسام أن يستخدم كل واقع يحيياه الجنود الاسرى بين يديه لنقل رسائل الضغط والتوجيه لقتل الروح المعنوية، وكذلك لكسر إرادة صمود العدو، ومما يدفعه الى الاستسلام لمطالب المقاومة، وقد رفع بخطوة ذكية عن نفسه العتب والمسائلة القانونية والدولية والأخلاقية جراء تدهور الحالة الصحية للجندي الأسير ليضع الكورة في ملعب العدو ويحمله نتيجة قراراته بتجاهله لحياة أسراه أو حتى الاهتمام بهم، ليصب القسام الزيت على نيران المتضامنين مع أهالي الجنود الأسرى من دولة الكيان ويضعهم في أزمة أخلاقية جديدة طالما تباهى بها الكيان وهي حرصه الشديد على حياة جنوده، وجعل الصراع المصلحي الشخصي بين قيادات الاحتلال عائقاً حقيقياً لتنفيذ صفقة تبادل مع المقاومة الفلسطينية.
وستشكل تغريده الناطق باسم كتائب القسام مركز للحدث لأيام عديدة وستجد صداها على الجمهور الصهيوني، في ظل حالة الاختلال في نظامه السياسي، وعدم القدرة على الاستقرار لديه، مما يسهم في زيادة رقعة زعزعة الثقة الجمهور الإسرائيلي بقيادة أحزابه وعدم قدرتها على فكفكة ملف الأسرى وخصوصاً بعد معركة سيف القدس وما حققته المقاومة من كسر الحسم العسكري مع غزة ومقاومتها لتراكم المقاومة نقاط الفوز إيذاناً بتحقيق الانتصار عما قريب.