في مثل هذا اليوم من عام 1930، تم إعدام المناضلين الثلاثة “محمد جمجوم، وفؤاد حجازي، وعطا الزير” في سجن القلعة بمدينة عكا رغم الاستنكارات والاحتجاجات العربية.
بدأت قصة المناضلين الثلاثة بعدما اعتقلت الشرطة البريطانية مجموعة من الشبان الفلسطينيين إثر اندلاع ثورة البراق، التي بدأت عندما نظم يهود مظاهرة ضخمة في 14 أغسطس/آب من عام 1929 بمناسبة ما سموه “ذكرى تدمير هيكل سليمان”.
وأتبعوها في اليوم التالي بمظاهرة كبيرة في شوارع القدس، حتى وصلوا إلى حائط البراق وهناك أخذوا يرددون “النشيد القومي الصهيوني” ويشتمون المسلمين.
وفي اليوم التالي، الجمعة 16 أغسطس/ آب الذي وافق ذكرى المولد النبوي الشريف توافد المسلمون ومن ضمنهم الشهداء الثلاثة للدفاع عن حائط البراق الذي بيّت اليهود نيتهم الاستيلاء عليه فوقعت صدامات عمت معظم فلسطين.
واعتقلت شرطة الانتداب 26 فلسطينيا ممن شاركوا في الدفاع عن حائط البراق، وحكمت عليهم جميعا بالإعدام في البداية، ثم خففت العقوبة عن 23 منهم إلى السجن المؤبد، وأبقت الحكم بإعدام الشهداء الثلاثة محمد جمجوم، وفؤاد حجازي، وعطا الزير.
وحددت سلطات الانتداب البريطاني يوم 17 يونيو/حزيران من عام 1930، موعدا لتنفيذ حكم الإعدام في هؤلاء الأبطال، في وقت تحدى فيه هؤلاء الشهداء الخوف من الموت.
الشهداء الثلاثة
الشهيد عطا الزير من مواليد مدينة الخليل وعمل في مهن يدوية عدة واشتغل بالزراعة وعُرف عنه منذ صغره جرأته وقوته الجسدية، وشارك في المظاهرات التي شهدتها المدينة احتجاجا على الهجرة إلى فلسطين.
والشهيد محمد خليل جمجوم منحدر من مدينة الخليل أيضا، وقد تلقى دراسته الابتدائية فيها، وعندما خرج إلى الحياة العامة عاش ظلم الانتداب، وعرف بمقاومته للصهاينة ورفضه للاحتلال مثل العديد من أبناء الخليل.
وكان جمجوم يتقدم المظاهرات احتجاجًا على اغتصاب أراضي الفلسطينيين، وكانت مشاركته في الثورات دفاعا عن المسجد الأقصى مما جعل سلطات الانتداب البريطاني تقدم على اعتقاله.
كان فؤاد حجازي أصغر الشهداء الثلاثة سنًّا وهو مولود في مدينة صفد، وتلقى دراسته الابتدائية والثانوية في الكلية الأسكتلندية، وأتم دراسته الجامعية في الجامعة الأمريكية في بيروت، وعرف منذ صغره بشجاعته وحبه لوطنه، وشارك مشاركة فعالة في مدينته في الثورة التي عمت أنحاء فلسطين.
رسالة جماعية ووصية
وسُمح للشهداء الثلاثة بأن يكتبوا رسالة في اليوم السابق لموعد الإعدام، جاء فيها: “الآن ونحن على أبواب الأبدية، مقدمين أرواحنا فداء للوطن المقدس، لفلسطين العزيزة، نتوجه بالرجاء إلى جميع الفلسطينيين، ألا تُنسى دماؤنا المهراقة وأرواحنا التي سترفرف في سماء هذه البلاد المحبوبة”.
وكتب الشهداء “نتذكر أننا قدمنا عن طيبة خاطر، أنفسنا وجماجمنا لتكون أساسا لبناء استقلال أمتنا وحريتها وأن تبقى الأمة مثابرة على اتحادها وجهادها في سبيل خلاص فلسطين من الأعداء، وأن تحتفظ بأراضيها فلا تبيع للأعداء منها شبرا واحدا، وألا تهون عزيمتها وألا يضعفها التهديد والوعيد، وأن تكافح حتى تنال الظفر”.
وقال الشهداء في رسائلهم “لنا في آخر حياتنا رجاء إلى ملوك وأمراء العرب والمسلمين في أنحاء المعمورة، ألا يثقوا بالأجانب وسياستهم وليعلموا ما قال الشاعر بهذا المعنى: ويروغ منك كما يروغ الثعلب”.
المصدر: وكالات