يزداد الخطر والخوف في قلوب أهالي القدس يوما بعد يوم، فكل شيء مهدد بالمصادرة والهدم، فوفقا لأرقام نشرتها منظمة (عير عميم) (الإسرائيلية)، فإن 127 منزلًا ومبنى هدمتها سلطات الاحتلال (الإسرائيلي) شرقي القدس المحتلة، خلال النصف الأول من العام 2023، في حصيلة هي الأعلى منذ عام 2018.
وفي تفاصيل التقرير الذي نشرته المنظمة يظهر من بين المباني الـ127 التي جرى هدمها، 73 منزلًا، و 54 مبنى، ومقارنة بالنصف الأول من الأعوام السابقة جرى خلال العام 2022 هدم 94 مبنى شرقي القدس.
ويرى محللون أن هذا الازدياد في أعمال الهدم خلال النصف الأول من العام الجاري أتى بعد إعلان وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، في (فبراير) الماضي، عن حملة هدم منازل في شرقي القدس بحجة بنائها من دون تصريح.
وقد تعاظم التهديد الوجودي الواقع على أهل القدس الفلسطينيين البالغ عددهم 366 ألف في أحياء المدينة، وخصوصاً المناطق المستهدفة بالتضييق لغايات في داخل حكومة الاحتلال والفكر الصهيوني المتطرف، وهي: جبل المكبر الذي يخطط الاحتلال فيه لهدم 800 مبنى فلسطيني مقابل بناء 500 وحدة سكنية (إسرائيلية) ومحال تجارية، وفي جبل الزيتون (الطور) الذي يسعى الاحتلال إلى تنفيذ مشروع الحدائق القومية، وسلوان التي يدعي الاحتلال بأنها أقيمت على أنقاض (مدينة داود) ويسعى إلى إقامة (الحدائق التوراتية) بدلا منها.
ووفقا لتقرير نشره مركز رؤية للتنمية السياسية فإن مشروع القطار الهوائي وحدائق داوود هي أكبر المشاريع الاستيطانية التي أكلت معظم بيوت وأراضي المقدسين في البلدة القديمة، حيث يهدف الاحتلال إقامة قطار هوائي يربط شرقي القدس بغربها في وادي حلوة، والذي يمر ايضاً عبر وادي الربابة، فيما يسعى الاحتلال إلى رفع وتيرة الهدم في بلدة شعفاط ومخيمها.
بعد شهور طويلة من أعمال البناء والإنشاء التهويدي، افتتح الاحتلال رسميا، الجسر الهوائي المعلق، المقام فوق أراضي المقدسيين في بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى، ليستقبل المستوطنين بهدف تسهيل وصولهم إلى أحياء البلدة القديمة بالقدس.
ويطلق الاحتلال عليه اسم الجسر، لكن في الحقيقة هو مسار جديد للمستوطنين يمكنهم من السير عليه وهو يربط الجهة الجنوبية من وادي الربابة بالجهة الشمالية لجبل صهيون غرب سور القدس، ومن الملاحظ تركيز الاحتلال هذا العام على حي وادي الربابة بهدف خنق ومحاصرة المسجد الأقصى بالمسارات التهويدية والحدائق التوراتية.
فخري أبو دياب المختص بقضايا الاستيطان وعضو لجنة الدفاع عن أراضي سلوان في القدس يلفت إلى أن هناك حملة تطهير عرقي تعيشها القدس يوما بعد يوم وتتفاقم عاما بعد عام وذلك في إطار السعي إلى تهويدها، وتغليب الميزان الديمغرافي لصالح اليهود.
ويؤكد أن الاحتلال ينفيذ مخطط مركز المدينة الذي يقلص الوجود الفلسطيني إلى مساحة 689 دونماً في شرقي القدس، ويستخدم حجة الحفاظ على التخطيط العمراني وشكل المدينة ذريعة للهدم ومصادرة الأراضي.
ويذكر أنه وفي يوم 24 مايو/ أيار المنصرم، تمكّن الائتلاف الحكومي بزعامة بنيامين نتنياهو، من إقرار الميزانية بعد موافقة 64 عضواً في الكنيست، ومعارضة 56 آخرين.
وتقول الأرقام إن الميزانية الحالية تعد الأضخم في تاريخ دولة الاحتلال، وأن الاستيطان وتفرعاته، يتصدران الأولوية بالنسبة لتوجهات الحكومة الأكثر تطرفاً في تاريخ الحكومات الصهيونية المتعاقبة.
أبو دياب يقول إن حكومة الاحتلال خصصت جزءًا من ميزانياتها الضخمة لتهويد الجزء الشرقي من القدس، وتحديدًا ما يسمى بـ(الحوض المقدس)، الذي يبدأ من حي الشيخ جراح وصولًا إلى بلدة سلوان والبلدة القديمة.
ويوضح في مقابلة هاتفية مع (الرسالة) أن التركيز الأكبر من قبل الاحتلال على سلوان كونها الأقرب للأقصى والبلدة القديمة من الناحية الجنوبية والجنوبية الشرقية، والأكثر كثافة سكانية، وهي الشاهد على عروبة المنطقة بأثارها العربية والإسلامية، بينما تلتزم اليونسكو الصمت تجاه ما يحدث من تشويه لهذا التاريخ.
ويشير إلى أن حكومة الاحتلال حولت 41 مليون شيكل كميزانية إضافية لصالح نشاطات الجمعية الاستيطانية، بهدف تهويد سلوان، وطرد أهلها والاستيلاء على منازلهم.
عبد الكريم أبو سنينة عضو لجنة الدفاع عن سلوان يرى أن سلوان تتعرض بشكل خاص لمنهجية همجية وسريعة من الاستيطان في مجاولة لكسر المقدسي من خلال سلوان، فكلما ثار المقدسي أو هب للدفاع عن الأقصى زادت الهجمة الاستيطانية في الأحياء العربية تحديدا.
وقال أبو سنينة :" لا زالت محاكم الاحتلال تصدر كل يوم عشرات الأحكام لصالح الجمعيات الاستيطانية وتصادر بيوت وأراضي المقدسيين وخاصة القريبة من الأقصى"