قائد الطوفان قائد الطوفان

الكاتبة فرحات توثق 26 حكاية في مجموعتها "فقط في غزة"

غزة _ خاص الرسالة نت 

على غير العادة، تكتب الكاتبة رشا فرحات مجموعتها القصصية "فقط في غزة" لأول مرة خارج حدود قطاع غزة. كانت هذه المرة مختلفة، إذ خطتها بكلمات الناجي والشاهد على الحرب.

في الأيام الأولى من معركة طوفان الأقصى، اضطرت الكاتبة فرحات للنزوح إلى جنوب الوادي برفقة عائلتها، وهناك تحولت إلى أم تبحث عن الأمن والأمان والطعام لأفراد أسرتها. كانت تستوقفها الكثير من الأحداث التي عايشتها أمام عينيها، فهي لم تكن تسمع أو ترى الأخبار بشكل دائم بسبب انقطاع الإنترنت والكهرباء.

بعد وقت قصير، كانت من حين لآخر تحصل على دقائق قليلة لتشاهد القصص المصورة المنشورة عبر صفحات التواصل الاجتماعي. كانت تراها متأخرة بعد شهر تقريبًا من وقوعها، لكنها كانت تستوقف إنسانيتها وشغفها الأدبي، فتدون القليل من تلك الحوادث لتكتب عنها.

جربت عدة مرات الكتابة أثناء الحرب، لكن الظروف المعيشية والحياتية والهروب من القصف والمجازر حال دون ذلك، حتى وصلت إلى جمهورية مصر العربية برفقة أولادها.

في البداية، شعرت بالعجز عن الكتابة لأول مرة، رغم أنها كانت تصف المشهد من حولها بكلماتها الواقعية لمتابعيها عبر المنصات الاجتماعية. في مصر، لم تكن تنوي كتابة مجموعتها القصصية، كون مشاعرها لا تزال في غزة كما تحكي، إضافة إلى أنها وجدت نفسها أمام مجتمعات تعيش حياتها بوتيرة عادية: يغنون، ويذهبون إلى المسارح، ويتسوقون.

تقول الكاتبة الروائية فرحات: "في مصر، بدأت أتابع القصص وتفاصيل المأساة الحقيقية، ولا إراديًا صرت أكتب، خاصة بعدما نصحني الأخصائي النفسي بالكتابة كعلاج. شعرت مع أول حرف أنني أمام واجب وطني عليّ تأديته لتوثيق قصص الضحايا".

وتضيف لـ "الرسالة نت": "بسبب نجاتي من القصف وخروجي من غزة، قررت الكتابة. كتبت خلال شهر كامل المجموعة بوقت قياسي، بعكس المجموعات السابقة التي كنت أكتبها خلال عام. هذه المجموعة كتبت نفسها، وهي الأطول مقارنة بالسابقة التي كانت مختصرة، بينما الجديدة تحتوي على 26 قصة".

وتذكر أن من سيقرأ مجموعتها لن يصدق التفاصيل من هولها، فقد وثقت قصصًا لأشخاص تعرفهم عن قرب، ومنهم من عرفتهم من القصص الإخبارية وبقيت حكاياتهم عالقة في ذهنها، فبحثت عنهم وتابعت تفاصيلهم ودونتها في قصصها.

تألمت كثيرًا وهي تدون مجموعتها الأخيرة "فقط في غزة"، خاصة قصة السيدة أم أحمد التي رأت في منامها مكان جثة ابنها في جباليا. ذهبت حيث رأت في منامها، وجمعت عظامه، ودارت في مخيم جباليا تحمل ما تبقى من رفاته وهي تنادي: "أحمد حبيب الله"، ثم حفرت قبره ودفنته.

وعلى غلاف المجموعة القصصية، كتبت فرحات: "إذا كان لا بد أن أموت، فلا بد أن تعيش أنت لتروي حكايتي"، وهي كلمات الشهيد الدكتور الكاتب رفعت العرعير. وعند سؤالها عن سبب اقتباسها لهذا النص، أجابت: "لا بد من توثيق قصص الأدباء الشهداء، ولا بد أن يكون لهم حضور في مجالسنا وسطور كتاباتنا".

وتحدثت عن مقدمة مجموعتها المختلفة، فهي للمرة الأولى تكتب لمجتمع يختلف عن مجتمعها الغزاوي، فرأت أنه لا بد من أن توضح أن البداية لم تكن السابع من أكتوبر، بل ما قبله. وتعترف أنها جزء من المجموعة القصصية بنزوحها وألمها.

وعن "دار عامر" التي تبنت مجموعتها القصصية، تقول إنهم رحبوا بنشرها سريعًا، كون المجتمع المصري يبحث عن غزة وأصل الحكاية. موضحة أن المجتمع المصري من أكثر المجتمعات تأثرًا بما يجري في غزة، ويبحث بنفسه دون أن ينتظر أحدًا ليخبره بتفاصيل الأحداث.

وتختم تجربتها في "فقط في غزة" بأنها كانت رغم صعوبة كتابتها الأسهل والأسرع، فهي تتمنى قريبًا أن تحمل مجموعتها وتوقعها في مدينتها غزة.

البث المباشر