مع استئناف الاحتلال الإسرائيلي حربه على قطاع غزة، وجد الفلسطينيون أنفسهم محرومين مرة أخرى من أداء الصلوات في المساجد، خاصة في العشر الأواخر من رمضان، وهي الليالي التي ينتظرها المسلمون حول العالم للتقرب إلى الله بالصلاة والقيام والاعتكاف.
منذ بداية العدوان، دُمّرت مئات المساجد بالكامل، بينما تعرضت أخرى لأضرار جسيمة جعلتها غير صالحة للصلاة. ومع ذلك، لم يستسلم أهالي غزة، فحاولوا نصب معرشات صغيرة لأداء التراويح وقيام الليل، لكن مع استئناف الحرب، حُرم أهل غزة من الصلاة في هذه المعرشات خشية استهدافها وقتل من فيها من مصلين.
وفي مقابلة أجرتها "الرسالة نت" مع الشيخ فادي الدالي، إمام مسجد المحطة في حي التفاح، عبّر فيها عن الألم الذي يعيشه سكان غزة في هذا الشهر الفضيل، مشيرًا إلى أن المسجد كان يستقبل بين 500 إلى 700 مصلٍّ في الليالي العشر الأواخر، بينما كان العدد يصل إلى 3000 مصلٍّ في ليلة السابع والعشرين من رمضان، مما كان يستدعي إغلاق الشوارع المجاورة لاستيعاب المصلين.
وأوضح الشيخ أن الصلوات لم تكن تقتصر على القيام فقط، بل كانت تتخللها تلاوة القرآن، والدروس الدينية، والدعاء الجماعي، إضافةً إلى الاعتكاف، حيث كان بعض المصلين يعتكفون اعتكافًا كاملًا، يدخلون المساجد في ليلة العشرين من رمضان ولا يغادرونها إلا ليلة العيد.
لكن هذا العام، وكما في العام الماضي، فُرض على الغزيين واقعٌ مختلف، إذ لم تُرفع أصوات القرآن والدعاء في المساجد، بل حلّ مكانها دويّ القصف وصيحات الإنقاذ من تحت الأنقاض.
لم يكن الأمر سهلًا على أهالي غزة عندما سمعوا مكبرات الصوت في المساجد تنادي: "صلّوا في رحالكم"، ولم يكن ذلك بسبب ظروف جوية طارئة أو ظرف مؤقت، بل لأن الاحتلال اعتاد استهداف أي تجمع، حتى وإن كان لغرض العبادة، مما جعل أهل غزة أمام خيار واحد: الصلاة فرادى داخل منازلهم، وسط الخوف والدمار.