الرسالة نت-كمال عليان
بين اليافطات الكبيرة والبويات بكل أنواعها المتناثرة على جنباته بساحة الجندي المجهول وسط مدينة غزة كان الشاب علاء حمدي (25عاما)، منهمكا في كتابة الشعارات الداعية إلى انهاء الانقسام وإنجاز المصالحة بين حركتي حماس وفتح في أقرب وقت ممكن.
ومن بين الشعارات التي كانت تملأ المكان وتوزع على المجتمعين في المكان "الشعب يريد انهاء الانقسام"، "اعتصام اعتصام حتى انهاء الانقسام"، "مش حنروح مش حنام حتى ننهي الانقسام"، وغيرها الكثير من الشعارات والأعلام الفلسطينية التي زينت المكان وكأنه يوم عرس وطني كبير.
"لقد سئمنا الانقسام " هكذا يصف علاء لـ"الرسالة نت" حالة الملل التي أصابته وعدد كبير من الشباب الفلسطيني، بعد أن أثر الانقسام على حياته من جميع النواحي فهو خريج جامعي ولكنه لم يجد عملا منذ تخرجه قبل عدة سنوات.
ولا يعتبر علاء رأيه مخالفا لأي شاب فلسطيني مخلص لوطنه، فهو لا يطلب المستحيل وإنما تطبيق شعارات حركتي حماس وفتح إلى عمل ميداني على أرض الواقع.
وكانت مجموعة من الشبان الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية قد أنشأوا صفحة على موقع التواصل الاجتماعي تحت شعار " الشعب يريد انهاء الانقسام"، الامر الذي وجد ترحيبا كبيرا في أوساط الشباب الفلسطيني الذي بدا بالتجمع في ساحة الجندي المجهول بغزة وميدان المنارة بالضفة الغربية منذ الساعات الأولى من يوم 15 من آذار وهو التاريخ الذي كان قد اتفق عليه.
وعلى وقْـع أصوات عالية لمجموعة من المجتمعين وأناشيد وطنية كان يصدح به ستيريو كبير في المكان يتابع الشاب العشريني خالد قرموط باهتمام بالغ صفحة "انهاء الانقسام" على موقع الفيس بوك ويرسل رسائل ودعوات إلى كل شباب غزة والضفة للمشاركة في مسيرات الخامس عشر من آذار.
"نحن لسنا ضد فتح ولا حماس نحن مع الوحدة والمصالحة فقط"، عبارة لا يملّ قرموط من ترديدها على الدوام، وخصوصاً وهو يصف جهودهم المبذولة منذ اكثر من شهرين للوصول إلى اليوم الموعود أو "يوم الحسم" كما وصفه.
استطاع الشاب قرموط أن يدعي الكثير من الشباب الفلسطيني إلى التجمع في ساحة الجندي المجهول في فترة قياسية لم تتجاوز الساعة على حد قوله، "فالمصالحة مطلب كل فلسطيني حر حريص على مصالح شعبه".
بدأت رحلة الناشط قرموط في الصفحة من سماعه بصفحة خاصة على الفيس بوك تدعو غلى الوحدة الوطنية وانهاء الانقسام ، ومن ثم شارك فيها بكل اخلاص، واستطاع تعميم هذه الصفحة على العديد من الشباب الفلسطيني في غزة والضفة.
ويعبّر قرموط وهو متكئ على فرشته ويضم الـ"لابتوب" بين ذراعيه عن سعادة غريبة يصل إليها كلما ازداد عدد المجتمعين في الساحة فردا واحدا، ويمثل بالنسبة له أنهم جميعا على قلب رجل واحد.
وكان المئات من طلاب الجامعات الفلسطينية في قطاع غزة قد خرجوا ظهر الاثنين بمسيرة عفوية ولاقت إقبالا شعبيا واسعا من قبل المواطنين وحماية من قبل رجال الشرطة .
بدوره أكد رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية أنه يدعم الجهود الفصائلية والشبابية التي تهدف لإنهاء الانقسام على أساس حماية الثوابت الفلسطينية والوحدة الجغرافية والوطنية لشعبنا.
وأشار إلى أنه أعطى التعليمات اللازمة لوزارة الداخلية لتوفير المناخ الميداني الملائم لإنجاح هذه الفعاليات الجماهيرية.
وفي ذات السياق، أعلنت وزارة الداخلية الفلسطينية أنها ستعمل كل ما بوسعها من أجل توفير الحماية لفعاليات 15 آذار والتي ستنطلق يوم غدٍ الثلاثاء 15/3/2011.
ومن جانبها باركت حركة المقاومة الاسلامية حماس التحركات الشبابية الرامية لانهاء الانقسام، داعية كل شبابها في الضفة الغربية وقطاع غزة للمشاركة الفاعلة في مسيرات غد لتحقيق الهدف النبيل.
وقال القيادي في الحركة د.صلاح البردويل في تصريح خاص لـ"الرسالة نت" :" إن انهاء الانقسام هو الخطوة الأولى في طريق تحقيق المصالحة الحقيقية وتوحيد المرجعية الوطنية من خلال شراكة حقيقية في إعادة بناء منظمة التحرير وانتخابات نزيهة للمجلس التشريعي والرئاسة".
المحلل السياسي فايز أبو شمالة قال :" إنهاء الانقسام كلام جميل، وشعار ترقص له كل القلوب، لكن السؤال الذي يفتش عن جواب وسط هذه الدعوات هو: أيُّ انقسامٍ سننهي؟ وكيف ننهي الانقسام دون برنامج سياسي، يحافظ على أصول قضيتنا الفلسطينية، ويمهد الطريق لشعار: الشعب يريد إنهاء الانقسام؟!