هجرة الآباء بحثا عن عمل تقطع أوصال الأسرة

الرسالة نت - آلاء النمر

في إحدى زوايا حي الشيخ رضوان مكثت أسرة الخواجا ما يزيد عن ثماني سنوات في ظل غياب والدهم الأربعيني لأسباب تربطه بمصالح عمله الذي يدر دخلا لا بأس به في ظل شح فرص العمل وارتفاع حدة البطالة داخل قطاع غزة.

أسرة الخواجا ليست الوحيدة، فكثير من الآباء يهاجرون إلى بلاد الخليج العربي أو البلاد الأوروبية بحثا عن عمل يدر عليهم وأسرهم دخلا يغطي أعباء الحياة, بعضهم من هاجر ويتركون أفراد عائلاتهم في القطاع وبعضهم الآخر يهاجر بصحبة أسرته مما يؤثر سلبا على العلاقات الاجتماعية.

وعد بزيارة

وخلال حديث "الرسالة نت" مع أسرة الخواجا التي أصبحت أمهم هي المعيل المباشر للأولاد ,  جاء الاتصال الهاتفي المنتظر من قبل والدهم المهاجر ليطمئن على اولاده الذين تركهم يكابدون وأمهم عناء الحياة.

"أبوك وافته المنية قبل يومين وأخوك عقد قرانه وأختك انجبت ثلاثة من الأولاد"، أخبار بثتها الزوجة لزوجها خلال المكالمة، لتعلمه بآخر التطورات على نطاق عائلته في ظل غيابه الطويل.

الأب في كافة اتصالاته لا يتحدث عن موعد محدد لعودته إلى أحضان أسرته وعندما تذكره زوجته بطول غيابه يرد عليها قائلا :"إن أتيت إلى غزة سأجلس في البيت دون عمل ولكني أعمل هنا وأبعث لكم بالمال, فهل تريدون افضل من ذلك فانتم لا تحتاجون شيئا".

تتأوه زوجته لترد عليه :"وما قيمة المال دون وجودك بيننا!", الزوج يكتم بداخله مشاعر الحنين لأهله ولكن ولا يسعه في نهاية الاتصال إلا ان يعدها والأولاد بزيارة قريبة.

أم محمد عطا الله في عقدها الثالث مضى على هجرة زوجها إلى السويد مدة أربع سنوات, خيم الحزن على حياة أم محمد بأطفالها الخمسة الذين يجابهون مشقة الحياة بسبب تجبر جدهم حسب تعبير الأم.

تسرد ام محمد تفاصيل جور والد زوجها عليهم فتقول :"طوال فترة غياب زوجي عن البيت ونحن لا نتذوق طعم الحياة, فوالد زوجي يستلم بنفسه كل ما يرسله زوجي عبر البنك فيتسلط علينا ولا يتركنا نتصرف فيه".

وتتابع ام محمد :"زوجي في بلاد تدر المال الوفير ولكنه لا يعلم مدى سعادته لو كان بين زوجته وأطفاله في حياة بسيطة نتقاسم فيها المسؤولية والتخطيط لمستقبل اولادنا".

تفكك أسري

وقال د. درداح الشاعر الأخصائي الاجتماعي أن الأب هو خط الدفاع الاول لحماية الأسرة  وغيابه عن أسرته يتسبب في تفكك الأسرة وهو من أكبر المخاطر التي يمكن تحيق بالأولاد.

وأشاد الشاعر بدور الأم مشيرا إلى أنها لا تستطيع إلى حد كبير السيطرة على مسؤولية بيتها حيث تقع عليها كل المسؤوليات وكل الأدوار في ظل غياب الأب .

أما إذا نقل الأب أسرته معه إلى الخارج فإنه قد ارتكب ذنبا بحق العلاقات الاجتماعية وبحق بلده التي ينتمي إليها حسب قول الشاعر.

في صالح الاقتصاد

ورغم أن لهجرة الآباء تداعيات سلبية أثرت على أسرهم إلا أن د. محمد مقداد أستاذ الاقتصاد بالجامعة الاسلامية يشجع للمزيد من العمالة في بلاد الخليج والبلاد الأوروبية التي بدورها تدعم الاقتصاد المحلي في غزة.

وقال مقداد أنه يطالب على الدوام دول الخليج على وجه الخصوص باستيعاب الأيدي العاملة الفلسطينية وتوظيفها لديها لتحسين الوضع المعيشي في ظل أزمة البطالة التي لا تنتهي.

يذكر أن العمالة الفلسطينية قد توقفت في الأراضي المحتلة عام 48 بعد الانتفاضة الأولى ونتج عنها تدهور دخل الأسر الفلسطينية بشكل ملحوظ حيث بلغت نسبة الأيدي العاملة التي فقدت عملها ما يقارب 55%.

وتبقى أطياف الهجرة أحلاما يعلق عليها الرجل الفلسطيني أمانيه للرقي باقتصاد أسرته الصغيرة.

البث المباشر