الرسالة نت - وكالات
استقر نحو أربعة ملايين حاج على صعيد عرفات, وسط أجواء إيمانية, تلهج فيها ألسنتهم وقلوبهم بالذكر والدعاء, لأداء ركن الحج الأعظم, متضرعين إلى الله عز وجل أن يمن عليهم بالعفو والمغفرة والرحمة والعتق من النار في هذا اليوم المبارك.
وأدى الحجاج صلاتي الظهر والعصر جمعا وقصرا, بعد أن استمعوا إلى الخطبة التي ألقاها مفتي السعودية الشيخ عبد العزيز آل شيخ، الذي قال إن العالم الإسلامي يمر بأخطر مراحل حياته.
ودعا المسلمين إلى الحذر من الفتن الطائفية, وقال إن "الحج ليس منبرًا للمهاترات السياسية والمبادئ البغيضة، إنما لعبادة الله ووحدة الأمة المسلمة". وحذر من أن يحول الحج إلى ما يتنافى مع مقاصده "فلا دعوة إلا إلى الله وحده ولا شعار إلا شعار التوحيد والسنة".
وشدد آل الشيخ على أن الحج يهدم ما قبله، "ومن حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه، والحجة المبرورة ليس لها ثواب إلا الجنة، فهنيئا لمن ورد مشارع القبول وخيم بمنازل الرحمة ونزل بحرم الله الذي أوسعه كرامة وجلالة ومهابة".
وقال أيضا "ما أعظم هذه الأيام وما أجلها من مواسم، واليوم عرفة يوم شريف كريم وعيد لأهل الموقف، يوم تعتق فيه الرقاب ويسمع فيه الدعاء ويجاب، وما من يوم أكثر من أن يعتق الله عز وجل فيه عبدا من النار من يوم عرفة، وأنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول ما ذا أراد هؤلاء، فإن خير الدعاء دعاء يوم عرفة، فعلى المسلمين أن يظهروا فيه التوبة والاستغفار والتذلل والانكسار طمعا في رحمة الله ومغفرته".
أمن وسلام
وقد مضت بأمن وسلام حركة تفويج وتصعيد الحجاج من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة ثم إلى مشعر مِنى حيث قضى الحجاج أمس يوم التروية تأسيا بسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم قبل أن ينطلقوا إلى عرفات.
ولأول مرة شارك قطار المشاعر المقدسة بكامل طاقته في نقل الحجاج من مشعر منى إلى عرفات (حوالي عشرين كيلومترا) عبر تسع محطات إذ ينقل في الساعة الواحدة حوالي 75 ألف حاج، بالإضافة إلى الحافلات، لكن عددا غير قليل من الحجاج فضلوا قطع هذه المسافة سيرا على الأقدام، ويستغرق ذلك حوالي ست ساعات.
وبعد الغروب سينفر الحجاج من عرفات إلى مزدلفة حيث يصلون المغرب والعشاء جمعا وقصرا ويقضون ليلتهم هناك.
وبعد مزدلفة يتوجهون في ساعات الصباح الأولى من يوم غد -وهو أول أيام عيد الأضحى- إلى منى لرمي جمرة العقبة الكبرى وذبح الهدي ثم الحلق أو التقصير فيتحللون من إحرامهم تحللا أصغر. وعقب ذلك يتجهون إلى مكة المكرمة لطواف الإفاضة والسعي بين الصفا والمروة، وبذلك يتحللون تحللا أكبر.
وتشهد الطرق المؤدية من مشعر منى ومن مكة المكرمة إلى عرفات إجراءات أمنية وطبية مشددة، حيث تصطف دوريات الشرطة الراكبة والمترجلة بطول الطريق المؤدي إلى عرفات.
كما اصطفت سيارات الإسعاف وسيارات خدمات الحجاج التي توفر المياه والطعام للحجيج. وذكرت هيئة الأرصاد الجوية السعودية على موقعها الإلكتروني أن صعيد عرفات سيشهد طقسا معتدلا، حيث تبلغ درجة الحرارة 24 درجة، وتبلغ سرعة الرياح ستة كيلومترات في الساعة.
وقد قضى حجاج بيت الله الحرام يوم أمس في مشعر منى في ما يعرف بيوم التروية, اقتداء بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك في الوقت الذي تتواصل فيه استعدادات المملكة العربية السعودية تحسبا لأي طوارئ قد تحدث أثناء الحج.
وتشهد المشاعر المقدسة -التي يُقصد بها منى وعرفات ومزدلفة- اكتظاظا كبيرا في موسم الحج بسبب الازدياد المطرد في أعداد الحجاج. كما يشهد المسجد الحرام في مكة المكرمة ازدحاما شديدا ولا سيما في الأيام التي يؤدي فيها الحجاج مناسكهم في وقت واحد، رغم توسيعه عدة مرات على مر التاريخ الإسلامي.