الرسالة نت – رائد أبو جراد
لا تُنم البراءة المتوهجة في مقلتي الطفلة "جومانة أبو جزر" عن قوة إرادتها وكلماتها رغم عدم تجاوزها الربيع العاشر من عمرها.
"جومانة" التي لم تتجاوز بعد الفصل الخامس الدراسي، الطفلة الوحيدة للأسير الفلسطيني علاء أبو جزر - القابع في زنزانة انفرادية - من سكان مدينة رفح جنوب قطاع غزة .
اعتقل "علاء" في منتصف العقد الثالث من عمره عام 2001 أثناء عودته ووالده المريض المسن من رحلة علاجية في جمهورية مصر العربية وزُجَ به في المعتقلات (الإسرائيلية) 18 عاماً قَضى منها عشرة.
وعلى غرار والدها المضرب عن الطعام منذ 12 عشر يوماً ضمن معركة الأمعاء الخاوية، أصرت الطفلة -نحيفة الجسد- على خوض المعركة "القاسية" تضامناً مع أبيها الذي غاب عن ناظريها منذ ولادتها.
الطفلة أبو جزر أعلنت بكلمات ممزوجة بالدموع إضرابها عن الطعام تضامناً مع أبيها المضرب وأقرانه من الأسرى منذ اثني عشر يوماً على التوالي .
وخاطبت العالم بقولها "فلتعلموا جميعاً أني لن أكسر إضرابي حتى ينتصر الأسرى وتلبى جميع مطالبهم".
وقد دخل أكثر من 4 آلاف أسير فلسطيني إضراباً مفتوحاً عن الطعام في السجون (الإسرائيلية)، وبدأوا معركة أمعاء خاوية، في يوم الأسير الذي يصادف الـ17 من نيسان/إبريل الجاري.
جومانة وكارتر
"جومانة" صاحبة البشرة القمحية فقدت والدتها ولم تكن تجاوزت الشهر الرابع من عمرها، وأُسَر حنان والدها خلف قضبان السجون (الإسرائيلية) .
وحينما زار الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر غزة قبل 3 سنوات قابلته "جومانة" وتحدثت إليه بلهجة قوية "هل تقدر ما تشوف ابنتك الوحيدة 10 سنوات ؟" .. فصدم كارتر آنذاك .
الرئيس الأمريكي رد عليها متسائلاً عن سبب أسر والدها "من أين اعتقلوا والدك؟"، فأجابته جومانة بلغة الكبار "أسرته إسرائيل على المعبر عام 2001 عندما صاحب جدي في رحلة علاج بمصر؟" فصمت كارتر إزاء موقف الطفلة الغزية .
في حديثها الأول لـ"الرسالة نت" تساءلت جومانة باستغراب "أناشد كافة أحرار العالم أين مدعي الديمقراطية وأين مؤسسات حقوق الإنسان؟".
لهجتها القوية وكلماتها الإنسانية أبكت المتضامنين مع الأسرى قبالة خيمة الاعتصام أمام مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر بغزة .
وتسرد جومانة حكايتها "أمضيت من عمري عشر سنوات وأنا أنتظر شمس الحرية تشرق وأعانق أبي الذي حرمني منه الاحتلال كما حرمني من عمي الذي كنت أناديه بابا واغتالوه بدم بارد وأمي التي توفاها الله وأنا لم أزل بنت الأربعة أشهر".
ولم يتسلل اليأس بالفرج إلى جدتها التي تجلس بجوار جومانة والتي فقدت نجلها أيمن قبل سنوات إثر استهدافه بصاروخ (إسرائيلي) برفح وأبعدت عن مشاهدة ولدها الأسير علاء منذ عشر سنوات .
وتَصف الوالدة المكلومة نجلها المعتقل بقولها "كان نشيطاً في عمله بعد إنهائه دراسة بكالوريوس محاسبة بالجامعة الإسلامية وأثبت إخلاصه لوطنه وأهله".
وترى أم علاء أن ولدها المضرب عن الطعام منذ السابع عشر من نيسان (إبريل) دخل السجن ليدافع عن بلده وكرامة وطنه .
ممنوعة أمنياً
وتشير إلى أن حفيدتها الوحيدة "جومانة" تعتبرها أماً حنوناً منذ شهرها الرابع بعد الميلاد، فعلامات الاهتمام بطفلة نجلها تظهر علانية من خلال حديث الأخيرة لوسائل الإعلام مراراً لتنقل معاناة والدها .
وتؤكد الوالدة أبو جزر أن الاحتلال يمنع حفيدتها من زيارة والدها الأسير في سجنه منذ ولادتها، متسائلة: "لا أعرف سبب رفض إسرائيل لجومانة أمنياً رغم صغر سنها ؟".
وتُركت "جومانة" يتيمة الأم.. والأب المعتقل والعم الشهيد لتنام ظُلمة الليل في أحضان جدتها المسنة التي تجاوزت الستين عاماً .
ولم تَر الطفلة الغزية والدها حتى اللحظة إلا عبر الصور الفوتوغرافية التي تركها قبل رحلة سفره الأخيرة، لكنها تأمل كما تقول أن "تراه في أقرب صفقة لتبادل الأسرى على غرار وفاء الأحرار".