تفرض الأحداث التي تشهدها المنطقة العربية سنة 2011 التفكير في انعكاساتها على الجيش (الإسرائيلي)، ويمكن الحديث عن بعض تداعيات "الربيع العربي" على الصعيد العسكري التي حاول تلخيصها الخبر العسكري البارز "غابي سيفوني" على النحو التالي.
غزة والضفة
ما يزال احتمال شن الجيش هجوما على قطاع غزة واردا في كل لحظة بيد أن التحدي الأكبر الذي سيواجه الجيش مثل هذا الهجوم الواقع السياسي الجديد في مصر، ومن شأنه أن يجعل العملية العسكرية معزولة، لأنه من المرجح أن تواجه برد فعل حاد من جانب الرأي العام المصري الذي سيطالب حكومته بالرد على (إسرائيل)، مما سيقيد الحركة النسبية التي تمتع بها الجيش خلال عملية "الرصاص المصبوب".
وعليه، فإن الجيش مطالب بالتخطيط للعملية والمناورة وتنفيذها بسرعة، فهو لا يملك الوقت لشن ضربات بقوة نارية مكثفة لفترة زمنية طويلة، مما يعني أن إلحاق أضرار جسيمة بالبنى التحتية ومواقع حركات المقاومة يتطلب عملا سريعا وضربات جوية ومناورات هجومية، ودفاع الدوائر السياسية عن مشروعية العمل العسكري بتوضيح أهدافه أمام الرأي العام الدولي والعربي.
أما على صعيد الضفة فقد يكون الوضع الأمني المستقر فيها خادعا؛ فالانزلاق للمواجهة قد يحدث في أي لحظة، مما يتطلب من الجيش بناء جهوزيته للتصدي لأعمال المظاهرات الشعبية الكبيرة المذكرة بالانتفاضة الأولى، وإعداد قوات وتجهيزها بوسائل غير قاتلة لتفريق المظاهرات الواسعة النطاق، وبسط قدرات الدفاع "المناطقية" للمستوطنات واستكمالها، والتصدي لمحاولات الاختراق المنظمة أو العفوية.
سيناء والحدود المصرية
من الواضح أن شبه جزيرة سيناء آخذة بالتحول إلى شريط من الأراضي الواقعة تحت سيطرة المنظمات المسلحة بالتوازي مع تراخي قبضة الحكم المركزي المصري عليها رغم زيادة عديد قوات الجيش النظامي فيها، ومن شأن بناء الجدار العازل على امتداد الحدود الحدّ من نطاق تهريب الأسلحة لكنه لن يوقف إطلاق النار على أهداف (إسرائيلية).
في النتيجة فإن تلبية حاجات المناطق الحدودية الأخرى وتوفير وسائل تحسين الردّ تتمثل بزيادة الكفاءة، والقدرة على نقل قوات برية بسرعة من منطقة لأخرى فضلا عن تدخل القوات الجوية والبحرية، وذلك بتشكيل قيادات "عملية" دون وجود قوات عسكرية كبيرة، وتنتشر هذه القيادات على طول الحدود الجنوبية الغربية لـ(إسرائيل)، ومهمتها بناء الجهوزية وجمع الاستخبارات العملانية، مما سيمكّنها في حالات الطوارئ من استيعاب القوات القتالية وإشراكها في المعارك بسرعة.
مستقبل الأردن
رغم شعور الجمهور الأردني بالتململ فيمكن القول إن المملكة تخطت الاضطرابات في هذه المرحلة، ويبقى من الصعب معرفة كيف ستتطور الأمور، وبأي سرعة سيتغير الوضع، وهنا تجدر الإشارة إلى أن الحدود معها مخترقة، ومن المتوقع أن تحول جزء من الأعمال المعادية نحو الحدود مع الأردن غداة استكمال الجدار العازل على طول الحدود الغربية.
ويبدو أن استكمال التجهيزات الملائمة على طول الحدود معها سيستغرق وقتا طويلا، مما يحتم على الجيش الاستعداد للردّ الأمثل في هذه الأوضاع بما فيها العمل الاستخباراتي، وقوات اعتراض قليلة العدد وسريعة الحركة.
هضبة الجولان
في كل الأحوال التي ستسفر عنها الاضطرابات في سوريا فمن المهم توقع نهاية حقبة الهدوء على طول حدود الجولان في المدى القريب، ومن المحتمل أن يعود التوتر للحدود لأسباب عديدة بدءًا من اختراق عناصر معادية لها من جراء فقدان سيطرة النظام عليها وصولا إلى محاولاته توتير الحدود للدفاع عن بقائه في الحكم.
وفي الحالتين على الجيش الاستعداد لتحول الحدود مع سوريا إلى بؤرة للتوتر وأعمال العنف، ولذلك لا بد من تعيين البؤر المعرضة للاضطرابات والاختراقات على امتداد الحدود، وتعزيزها بواسطة إصلاح البنى الدفاعية ضد محاولات الاختراق.
وينبغي للجيش بناء وحدات عسكرية خاصة مهمتها التصدي بفعالية لأحداث مماثلة عبر استخدام الوسائل الملائمة بما في ذلك جمع المعلومات الاستخباراتية، ووضع قوات في حالة الجهوزية للعمل طبقا لجدول زمني ملائم، وتقوية نظام الدفاع "المناطقي"، والتأكد من أن مستوطنات الجولان مجهزة وآمنة ومتدربة على سيناريوهات تصعيد مماثلة.
أخيرا، فإن كل التغييرات الواردة أعلاه لم تصل إلى خاتمتها، مما يتطلب من الجيش (الإسرائيلي) عدم تجاهل الأخطار الكامنة فيها على المدى القصير، والتحقق من قدرته على تقديم أجوبة عن السيناريوهات المتعددة.