قائد الطوفان قائد الطوفان

السلطة تعترف بفشل "التسوية" وتستجديها..!

رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس
رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس

فايز أيوب الشيخ

منطق غريب تتعامل به السلطة برام الله, حينما تعترف بالإحباط من فشل خيار "التسوية" مع الاحتلال (الإسرائيلي), وتستجديه -في ذات الوقت- بطلبها توسط العرب والغرب للعودة الى المفاوضات.

ورغم اعتراف قيادة السلطة الواضح والصريح  بفشل خيار "التسوية" بعد 20عاماً من المفاوضات, فإنها لازالت تعول على المضي قدما فيما تسميها "الخيارات الأخرى" التي لا تتعدى أقصاها التوجه للأمم المتحدة.

وكان نمر حماد المستشار السياسي لرئيس السلطة محمود عباس، قد أقر بأن السلطة في حالة "إحباط ويأس" من الحكومة (الإسرائيلية) التي لم تقدم شيئاً للفلسطينيين، مشيراً إلى أن "الرسائل المتبادلية" الأخيرة بين عباس و"نتنياهو"  لم تفض إلى أي نوع من الاستعداد للالتزام بمرجعيات عملية السلام ووقف الاستيطان.

يذكر أن عباس قال" إنّ تبادل الرسائل بينه وبين نتنياهو، وصل إلى حائط مسدود وأنه ينتظر تحركا أميركيا، وفي النهاية سيذهب إلى الأمم المتحدة في محاولة للحصول على مقعد الدولة الفلسطينية".

مسئولية "فتح" المباشرة

عباس زكي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، أقر هو الآخر لـ"الرسالة نت" بفشل خيار "التسوية" بعد 20عاماً من المفاوضات، ولكنه حاول أن يزيح عن حركته مسئولية هذا الفشل واقتصاره على السلطة، علماً بأن "فتح" هي من قادت عملية المفاوضات وشكلت غطاءً لها بصورة مباشرة.

ويؤمن زكي بإبقاء الباب موارباً لطرق أبواب الأمم المتحدة بزعم "تعزيز الوجود الدولي للسلطة"، مؤكداً أن المفاوضات مجمدة على الأرض وانتهت إلى طريق مسدود بعد فشل مساعي الرباعية وانشغال أمريكا -كراع لعملية التسوية- بالانتخابات، واهتمام أوروبا باقتصادها، وبعد اتجاه العرب إلى التركيز على حراكهم الداخلي.

"

زكي: سنظل نتوجه للأمم المتحدة لتعزيز وجود السلطة الدولي

"

ولم يجد زكي ما يبرر به "خطيئة فتح" بعد توفير الغطاء للمفاوضات، سوى الادعاء بأن حركته " تستعد للتحدي والمواجهة القادمة بترتيب بيتها الداخلي والبيت الفلسطيني ومتابعة ملاحقة (إسرائيل) جنائياً و تصعيد المقاومة الشعبية لسد الثغرات والبدء بعملية رد الاعتبار للحالة الفلسطينية"، وفق تعبيره.

اختطاف للقرار الوطني

من ناحيته، رفض القيادي في حركة حماس يحيى موسى، منطق حركة فتح في التهرب من مسئوليتها عن ما وصفه "المأزق الوطني"، مؤكداً أن قيادات منظمة التحرير وحركة فتح يتحملون المسئولية في المقام الأول بعد أن اختطفوا القرار الوطني الفلسطيني وذهبوا به بعيداً باتجاه مغامرات سياسية أضرت بشكل كارثي بالقضية الفلسطينية.

وشدد موسى لـ"الرسالة نت" على أن القيادة التي تعلن بأن العملية السياسية أصبحت مسدودة وميؤوسا منها "ينبغي أن تقدم استقالتها وأن يحاسبها الشعب على الضرر الذي ألحقته بالقضية الفلسطينية والمشروع الوطني الفلسطيني".

وأشار القيادي في حركة حماس إلى أن الاعترافات المتوالية التي تصدر عن قيادات السلطة وحركة فتح بفشل خيار التسوية "لا تتوفر فيها الجدية المطلوبة والمسئولية الواجب إتباعها"، مؤكداً أن -قيادة السلطة وفتح- لا زالت حتى الآن تعول على التفاوض وخياراتها المطروحة هي نفس الخيارات العبثية التي تم تجريبها مرة تلو الأخرى وهي خيارات التفاوض من ناحية وخيارات الدوران مع ما تصفها الشرعية الدولية والمجتمع الدولي وما شابه ذلك من ناحية أخرى.

"

موسى: لا زالت حركة فتح عينها على التفاوض وخياراتها "عبثية"

"

وعبر موسى عن أسفه لاستبعاد قيادة السلطة وفتح للخيار والخط الأقصر للوصول إلى الخيارات الوطنية وهو مقاومة الاحتلال وجمع الساحة الوطنية على مشروع كفاحي ونضالي يجابه ويقاوم المحتل في جميع مواقع الصراع.

وأشار إلى أن قيادة عباس لا زالت تسير في اتجاه تعميق الأزمة والمشكلة الداخلية ولا تطرح حلولاً لها"، مضيفاً "عندما تطرح فتح قضايا الانتخابات وإعادة بناء السلطة على نفس الأسس التي قامت عليها في أوسلو، إذاً فهي تكرر نفس الأزمة والمشكلة".

ولخص موسى الحل –من وجهة نظره- للخروج من المأزق الوطني وتجاوز المرحلة الحالية من تاريخ القضية الفلسطينية بأنه "يستوجب على حركة حماس المضي في واجبها الوطني باعتبارها حركة جامعة وقائدة للحركة الوطنية لبناء مشروع وطني جديد قائم على أساس الشراكة الكاملة ويأخذ بعين الاعتبار كل الإخفاقات السابقة ويستنهض مشروع التحرر على قواعد ثابتة وواضحة تماماً ".

مضيعة وخروج عن الإجماع

ولم يبتعد كثيراً خالد البطش القيادي في حركة الجهاد الإسلامي عن موسى في تشخيصه لحل الأزمة الوطنية، معتبراً أنه طالما اعترفت السلطة بفشلها في المفاوضات "فإن الحل الوحيد يكمن في الالتفات إلى الجبهة الداخلية وسرعة إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية وترتيب البيت الفلسطيني الداخلي".

وشدد البطش في حديثه لـ"الرسالة نت" على أن الرد العملي على الفشل والاعتراف بهذا الفشل وإدارة الظهر من قبل العدو هو "الوحدة الوطنية وتصعيد خيار المقاومة والجهاد كطريقة وحيدة للنيل من العدو الصهيوني ولدفعه إلى الإقرار بالحقوق الفلسطينية المشروعة".

وبصرف النظر عن التوقعات بأن تتخلى السلطة عن المفاوضات أم لا – كما ذكر البطش- فإن الرهان على خيار التسوية هو "مضيعة للوقت وخروج عن الإجماع الوطني". ورفض كل مبررات السلطة لمواصلة المفاوضات مع الاحتلال، وقال "ليس من المفيد أن نراهن على المجتمع الدولي وخيار التسوية والسلام المفخخ".

"

البطش: الرهان على التسوية مضيعة للوقت وخروج عن الإجماع

"

وشدد على أن المطلوب بصراحة هو خروج السلطة من هذا النفق المظلم وأن تدير ظهرها إلى هذا الخيار الذي لم يعط شيئاً للفلسطينيين سوى المزيد من الجرائم وإضاعة الأرض الفلسطينية وتهويد المقدسات.

يجدر الإشارة إلى حركة فتح والسلطة برام الله عادةً ما كانت تطلق التهديدات بالاتجاه "الخيارات الأخرى" فارغة المضمون، فكما هددت بخياراتها حال فشلت التسوية والمفاوضات سرعان ما كانت تعود لها صاغرة.

البث المباشر