الأخوات برونتي Bronte sisters هن ثلاث كاتبات شقيقات إنكليزيات (شارلوت، وإميلي جين، وآن) من أب أيرلندي يدعى باتريك برونتي. اشتهرن في القرن الفيكتوري بكتابة القصص والأشعار.
ثلاث بنات عشن معا وتناوبن بالموت كل تشهد الأخرى، كن ستة وانتهين إلى ثلاث. والدهن كان قسا يحبس نفسه بعد كل قداس ولا يخرج إلا لقداس آخر، ولا يرينه إلا في الكنيسة كل أسبوع.
كلهن أبدعن في الروايات خصوصاً الدرامية الحالكة، وكانت لهن مشهدية تصويرية لم يصل لمستواها أحد، وعبقرية سيولة في الكتابة مما أغاظ أحد الناشرين فقال: إنهن الشيطان، نساء ويبدعن!.
ففي ذلك الوقت لم يكتب أحد القصة الروائية الطويلة المغرقة التفاصيل كما فعلت الأخوات المشدوهات ولم يحالفهن الحظ في النشر، نشرت قصصهن ألأولى تحت أسماء رجالية.. وكان بؤسا على بؤس، وقد كان فعلا المجتمع يحارب ظهور المرأة وإبداعها في أي المجالات في ذلك الوقت.
وقد كانت شارلوت برونتي صاحبة قصة "جين إير" وإيميلي برونتي صاحبة قصة "مرتفعات وذرنج" وآني برونتي صاحبة قصة "آجين قرايز"، وفي كل قصة إبهار روائي لوحدها.
كل أفراد أسرة برونتي أصيبوا بمرض السل، وماتوا به، كأنه كان أحد أفراد الأسرة.
كلهن كتبن قصصهن العظيمة مرة واحدة وأنهينها في وقت واحد، وكأنهن في سباق مع الزمن، وخرجت إبداعاتهن إلى عالم الأدب كإعجاز أدبي فريد من نوعه، خرج في وقت واحد ليتربع على عرش الرواية الإنجليزية: من غرفة نوم كئيبة ورطبة في بيت يتوسط حقلا تحيط به ثلاث مقابر، من ثلاث جهات، تلك كانت البيئة التي خرجت أولئك الفتيات.
انتعشت حالة البنات قليلا، شارلوت حققت قصتها جين إير نجاحا مهما وبدأت النقود تدخل البيت النائي في الحقول، وما بدا أنه بداية حياة سعيدة، اتضح أنه بداية النهاية.
كان عندهن أخ مفضل يحببنه كثيرا اسمه برانويل، كان وسيما، فائق الذكاء، بل إن مؤرخي آل برونتي يقولون أنه أذكاهم وأكثرهم موهبة، ولكن وقع من صغره بالكآبة لإهمال أبيه، وأسرف في الخمر والميسر، وصرفت عليه النساء لجماله مما جعله يحتقر نفسه، فيغوص في حمأة السكر.
بعد نجاح قصة شارلوت جين إير بأشهر، عمد برانويل إلى قتل نفسه بالشراب حتى التسمم وكانت رئته تغتال أصلا بالسل.. مات في العام1848. موت الشقيق الوحيد قذف الأخوات في اعصار الحزن والصمت الموحش، وإميلي الوسطى مشت حافية في جنازة أخيها من فرط الذهول وسط عاصفة من جليد.
لم يكن السل إلا وفيا للعائلة فاستوطن رئة أميلي بعد السير حافية، واختبأت عن أختيها وسط الدم والسعال، لم تعلم أن أختيها لم يفارقنها لحظة حتى أغمضت الجفن لآخر مرة، لقد نحفت إميلي حتى صارت هيكلا متآكلا، ومسجل حتى الآن في دكان الحانوتي بالمنطقة أنه صنع لها أضيق تابوت بعرض 15 بوصة فقط.
ثم بالغ مرض السل بوفائه الدائم مع العائلة ليضرب رئتي آني بعدوى من أختها الصغيرة الراحلة وماتت بعد الصغيرة بشهور قليلة.. ووقعت شارلوت فوق قبرها، ورحلت حزناً!
ماتت عائلة آل برونتي والتي كانت قصصهن عبقريات تمشي على الأرض، فقيرة، مريضة، ذاهلة.. ولم تتكرر بعد ذاك ذات العبقرية لأسرة واحدة، وبذات النكبات.
وقد اختيرت قصص البنات الثلاث بإجماع الأكاديميات الأوربية كأروع القصص الكلاسيكي في تاريخ الأدب الروائي.