مقال: التهيئة النفسية للطلاب مع بداية العام الدراسي

أ. هشام محمود المدلل
أ. هشام محمود المدلل

بقلم/ أ. هشام محمود المدلل

أيام قليلة باتت تفصل طلابنا وطالباتنا عن بدء العام الدراسي الجديد بعد انتهاء الإجازة الصيفية بما فيها من تغيير للروتين والنظام اليومي، وبعد طول فترة خمول وكسل واسترخاء, حيث يحرص كثير من الطلاب وذويهم على الاستعداد المادي للمدرسة، من شراء الادوات القرطاسية والملابس وغيرها من المستلزمات المدرسية، في حين يغفل البعض عن الاستعداد النفسي للطلاب الذي يعمل على تهيئتهم لاستقبال عامهم الدراسي الجديد بهمة ونشاط وبدافعية وقابلية للتعلم بعد فترة استرخاء جسمي وذهني سيطرت عليهم خلال الإجازة الصيفية مما يساعدهم على زيادة توافقهم النفسي والتكيف والتأقلم مع الجو الدراسي ويقلل من توترهم وخوفهم وخصوصا الطلبة الجدد منهم.

وبالطبع التهيئة والاستعداد النفسي للطالب مسئولية مشتركة بين الاسرة والمدرسة فكلاهما له دور كبير وإيجابي في عملية التحول والانتقال من فترة الإجازة التي من سماتها الراحة والتراخي والسهر إلى مرحلة الدراسة التي فيها نظام ومسئولية والتزام واستيقاظ مبكر. فالمسئولية الاولى تقع على عاتق الاسرة بما يحمله العام الدراسي الجديد من امال وتطلعات للطالب واسرته, حيث تلعب الاسرة دورا هاما في تهيئة ابنائها لبدء العام الدراسي الجديد سواء كانوا طلابا جددا او قدامى بالمدرسة او رياض الاطفال وذلك بتكوين اتجاهات نفسية ايجابية نحو المدرسة والمرحلة الدراسية الجديدة التي يدرس بها، وذلك من خلال الحديث الإيجابي عن المدرسة من خلال سرد القصص المشوقة عن المدرسة والحديث عن بداية العام الدراسي، ومناقشة أي تغيرات في الوضع سواء الانتقال من صف إلى آخر أو من مرحلة إلى أخرى أو من مدرسة إلى أخرى، من دون أن نشعرهم بالخوف أو التوتر، وبإلحاقهم بمدارس بها اخوة أو أصحاب أو أقرباء ليكونوا أكثر امانا وطمأنينة, ولا نغفل اهمية الالتحاق بمرحلة الروضة حيث يساعد على التكيُّف مع الجو المدرسي والاندماج مع الاقران, وايضا على ذوي الطلاب أن يبدؤوا قبيل بداية الدراسة بأيام في تعويد أبنائهم تدريجيا على تقليل ساعات مشاهدة التلفاز والسهر, والنوم مبكرا والاستيقاظ في الصباح الباكر, وحثهم على قراءة القصص وتوفير احتياجاتهم من ملابس وقرطاسية وغير ذلك مع بداية العادم الدراسي، وذلك لتخفيف المشاعر النفسية غير الإيجابية لديهم عند ذهابهم إلى المدرسة ومشاهدتهم زملائهم وهم على استعداد تام, وايضا بمصاحبتهم في الايام الاولى للمدرسة وخصوصا الملتحقين بالصف الاول او رياض الاطفال.

وتلعب المدرسة دوراً أساسياً في غرس حب المدرسة وزرع بذور الثقة بين الطلاب والمدرسين، وخصوصاً في الايام الاولى حيث تتشكل لدى الطلاب صورة وانطباعات اولية عن البيئة المدرسية يحملها معه طوال العام وتؤثر في شخصيته وسلوكه وتحصيله الدراسي, فعلى المدرسة اتخاذ خطوات تغرس في نفسية الأطفال الأمان وتساعد على تكوين علاقة وطيدة بين الطالب والمدرسة، كما تيسّر توافق الطالب مع عناصر مجتمعه الجديد من طلاب ومعلمين واداريين والتكيف مع الجو المدرسي والاستقلال عن الأسرة من خلال الاستقبال الجيد بالترحيب والتعارف فيما بينهم وبين مدرسيهم وممارسة الانشطة الترفيهية والأناشيد الترحيبية والعروض المسلية الهادفة المحببة بالمدرسة وتقديم الهدايا المعنوية والمادية, وتزيين المدارس والصفوف بشتى انواع الزينة والالوان الجميلة والجذابة بحيث يضفي على الجو العام داخل المدارس مشاعر الفرح والبهجة, والسماح لأولياء الامور مرافقة ابنائهم في اليوم الاول وخصوصا الجدد منهم, ايضا من خلال اعطاء صورة مبسطة وواضحة للطلاب عن المرحلة الجديدة أو الصف الجديد ومتطلبات هذا المرحلة مع تجنب خلق أي توتر وخوف بالنسبة إلى ما هو جديد, ومن خلال حثهم على بذل الجهد وإذكاء روح التنافس بينهم وهذا بدوره يدفعهم إلى زيادة الدافعية لديهم نحو التعلم بكل همة ونشاط.  ولتكن الايام الاولى بمثابة مرحلة انتقالية يتم فيها التدرج في استقبال الحدث الجديد لتقبل التغيير وتجنب التوتر والخوف بحيث يتم التركيز فيها على الانشطة اللامنهجية ويتم فيها الحديث المفتوح مع الطلاب عن فترة الاجازة واستعادة ذكرياتهم الجميلة وكيف قضى كل واحد اجازته وليحكي كل تجربته, ويتم استكشاف ميولهم وهواياتهم والتعرف على مستوياتهم وتوقعاتهم وطموحاتهم, وتعريفهم بأنظمة وقوانين المدرسة وضرورة الالتزام بها واعطائهم الجدول الدراسي وتسليمهم الكتب والكراسات.

اجل ان التهيئة النفسية للطلاب من أهم العوامل المؤثرة في تكيفهم مع الحياة المدرسية الجديدة مهما اختلفت صفوفهم الدراسية سواء المستجدين منهم أو أولئك المنقولين الى صفوف ومراحل عليا ومدارس اخرى, وهي مسئولية مشتركة ومتكاملة بين الاهالي والمدرسة ينبغي على كل طرف القيام بدوره من اجل ان يكون هذا العام الدراسي الجديد عاما مثمرا وان يتكلل بالنجاح الباهر لكل طلابنا وطالباتنا الذين هم ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا المشرق بإذن الله.

البث المباشر