قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: كفاية.. نرجوكم

مصطفى الصواف

كفاية.. كلمة بسيطة مشكلة من خمسة حروف، الكاف تعني كفوا عن الجري خلف سراب اسمه مصالحة وكيري والمفاوضات مستمرة. والفاء تعني فرق كبير بين ما تسعى إليه حماس وما يريده عباس، وما لم يتراجع أحدهما فلن يكون هناك مصالحة. الألف تعني أن الناس ملوا من كثرة الحديث والتصريحات عبر وسائل الإعلام ولم تعد تصدق احدا لأن ما يجري على ارض الواقع يخالف ما يدور على الألسنة، والياء تعني مثلنا العربي (يا قلة العقل تزرع في البرص بطيخ) وحماس تدعو للمصالحة ومن تدعوه يحرث في أرض بور فلا يسمع إلا صدى صوته. أما التاء فتعني تعالوا نحسبها صح، هل قرار المصالحة في يد عباس يا حماس؟.

كانت تصريحات إسماعيل هنية يوم الاثنين الماضي وقراراته تعبر عن صدق توجه لدى حركة حماس نحو تحقيق المصالحة، وكانت كل قيادات حماس تؤكد على أن إنهاء الانقسام وإعادة اللحمة للصف الفلسطيني ضرورة شرعية وواجب وطني وقدمت مبادرات طيبة في هذا السياق تدلل على نوايا طيبة وإدراك بضرورة تقديم تنازلات وعدم التصلب خلف خطوة مقابل خطوة، وآخرها قرارات هنية الأخيرة التي اعتبرها المنصفون والمراقبون بأنها إيجابية وتصب في الاتجاه الصحيح لتعزيز الثقة، وهي بحاجة إلى من يلتقطها ويبني عليها، لا أن يفهمها بشكل مخالف لحقيقتها، ويفسرها على أنها ناتجة عن ضعف أو أزمة تعيشها حماس، نتيجة تشديد الحصار والموقف المصري الجديد بعد الانقلاب، وان المسألة مسألة وقت وستسلم حماس وترفع الراية البيضاء وتأتي مرغمة.

في المقابل انظروا ماذا كانت ردود حركة فتح، أبو مازن في اتصال هنية معه اعتبر أن ما صدر عن هنية من قرارات أمر ايجابي ويصب في صالح المصالحة، محمد اشتية يقول أن عزام الأحمد سيتوجه إلى غزة من اجل المصالحة، عزام الأحمد نفى نيته التوجه إلى عزة واعتبر أن ما قاله هنية لا جديد فيه. أحمد عساف كالعادة ردد عباراته المحفوظة والممجوجة والتي تعطي مؤشرات سلبية أن فتح غير معنية بالمصالحة ولا بالوحدة ولا بالشراكة السياسية، وبيان فتح الذي صدر من غزة أيضا لم يكن بالمستوى المطلوب وطالب بالمزيد من الخطوات واعتبر حديث هنية على انه موقف إعلامي وحملة علاقات عامة. وسؤالي هل مثل هذه الردود والمواقف تعبر عن وحدة موقف لدى حركة فتح؟ أو تشير إلى وجود إرادة حقيقية ونوايا صادقة نحو المصالحة، وأن فهمها لتصريحات هنية راح بعيدا عن مقصدها الحقيقي وفسرت على أنها نابعة من أزمة تعيشها حماس.

صحيح أن المصالحة ضرورية ومهمة وان الحديث فيها وعنها يجب ألا يتوقف؛ ولكن على أن يكون في الوقت والظرف المناسبين من أجل تحقيق الهدف منها، ونعتقد أن لا الظرف ولا الوقت مناسبين لخطاب المصالحة في الوقت الحالي الذي يجري فيه تصفية للقضية الفلسطينية، وكان الأصل أن ينصب الحديث حول التحذير من المفاوضات ومشاريع التصفية التي يحملها كيري ومما تسعى إليه أمريكا من جولات ومشاريع تتبنى الموقف الصهيوني بعيدا عن مطالب فريق التفاوض الفلسطيني، والتأكيد على أن التعاطي مع مثل هذه المشاريع سيزيد حدة الخلافات ويعزز الانقسام إلى جانب انه مضيعة للحقوق وتفريط بالثوابت وأن على عباس الابتعاد عن هذه الطريق التي لن توصل إلى بر الأمان بل فيها التهلكة لمن يسير فيها.

كان من المفترض أن تحرك حماس الشعب الفلسطيني وقواه الحية في اتجاه الضغط على عباس وفريق التفاوض حتى لا نقع في شرك أمريكا الهادف إلى تحقيق مصالح الكيان الغاصب على حساب حقوق ودماء وعذابات شعبنا الفلسطيني في الداخل والشتات، أما الحديث عن مصالحة وتقديم تنازلات ستفهم على أنها ضعف من ناحية وتستخدم بشكل سلبي في اتجاه دعم مشروع التفاوض الذي قد يقضي إلى اتفاق كارثي يكون أخطر من اتفاق أوسلو.

البث المباشر