على غرار تبدل موضة الملابس وقصات الشعر تتغير موضات المواقف السياسية وتتلون لدى العديد من المشتغلين بالسياسة, تضيق آراؤهم وتتسع, بحسب الأجواء السياسية في إطار الترويج الشخصي والحزبي واقتناص الفرص, سلوك سياسي يتكرر للاستفادة والقفز في كل مرحلة, ويبقى لهم: "في كل عرس قرص".
يهتم أصحاب الموضة بسوق العرض والطلب, ويصل بهم الامر في تشكل مواقفهم حسب رغبة الآخرين: "شكل بإيدك ولا الزمان يكيدك".
التفاعل مع المصالحة آخر صرخة في عالم الموضات السياسية, تحولت فيها آراء سياسية ضيقة إلى "شارلستون", بينما يحتفظ آخرون بلون رمادي في انتظار الأزياء السياسية القادمة, ومن ثم ارتداء موقف بلون حسب فشل أو نجاح المصالحة.
هذه الفئة اعتادت تفصيل مواقفها في معظم المناسبات السياسية السابقة حسب الأجواء سواء ساخنة أو باردة, لهذا يظهرون في كل مناسبة بأقنعة مختلفة بل متناقضة, يعني: مرة صقر لا يقبل الحلول الوسط, قفل لا يعترف بالتنازلات, ويركب موجة التعبئة, "وعليهم يا أولاد", وعندما يتغير اتجاه الرياح, يتحول إلى حمامة, براغماتي, تصالحي, عقلاني, وحدوي, ينظّر للسلم المجتمعي, ويدعو إلى خفض الجناح حتى تسير المركب, شعاره "خف تعوم ولو من غير هدوم".
لهذا تثير المصالحة استغراب وحيرة المتابعين والمؤيدين نتيجة تذبذب مواقف القيادي, أو الكادر, والمسؤول: في الليل "مع" وصباحا "ضد", مرة "بيحب" وأحيانا "يكره", يهاجم ويشتم, ثم يقبّل ويحضن. حالة تثير حكاك الجلد وهرش الرأس, لأن الناس يريدون لونا واضحا, و"موديل" أصليا غير مزيف, إلى أن يكتشفوا أن موقف المسؤول أكبر من حجمه وموقعه ودوره, ويتعارض مع تحيزه لموضة سابقة "صدع راسهم" وهو يصف محاسنها.
ومع ذلك يمكن التغاضي عن المواقف الضيقة أو الواسعة, ويمكن تقبلها في إطار التعاطي مع موضة سياسية محافظة الى حد ما, لكن الخشية من مواقف "المني جيب" التي كشفت انحدارا في الوعود والمبادئ, بحجة الشفافية والمكاشفة, والتعاطي مع هموم ومصالح الناس, عندها ربما يصرخ الصامتون: "لا يا فهيم, لسنا عبيد موضاتك السياسية, نلتزم بالمواقف المتحجبة, ثم تطالبنا بارتداء "الشورت السياسي", لأنه يليق بمصالحك ومواقفك على الموضة".