مقال: فتح بحاجة إلى ثورة ومحاكم ثورية لرد الاعتبار

مصطفى الصواف
مصطفى الصواف

مصطفى الصواف

لم يكن محمود عباس رئيس حركة فتح في كلمته أمام المجلس الثوري مسئولا بمعنى الكلمة بل كان منتقما لذاته التي يرى أنها مست من عضو مركزية فتح المفصول محمد دحلان وأن كلام أبو مازن كان تصفية حسابات بين الرجلين وقيادات فتحاوية يرى عباس أنها مسانده ومؤيدة له .

كان الأولى بعباس ألا يتحدث بهذه التفاصيل وعلى وسائل الإعلام وبهذه الطريقة لو كان فعلا قائدا ومسئولا ، لأن مثل هذه القضايا لا تثار هكذا ولا تسرد بشكل شفهي دون أدلة أو وثائق تثبت الاتهامات، كما أن مثل هذه القضايا تناقش في اطر التنظيم وتقدم الإثباتات لمحاكم تنظيمية ومن ثم تحول للقضاء بعد رفع الحصانة البرلمانية عن المتهم بهذه الجرائم الوطنية والتي تصل إلى حد الخيانة العظمى.

محرك عباس في كلامه أمام الثوري ليس وطنيا أو نابعا من الحرص على تنظيم فتح وهذه مسألة من أخطر المسائل، إن هذه الاتهامات هي من العيار الثقيل وطنيا وقوميا وطالما ان هذه المعلومات متوفر بالادلة والمواثيق لماذا صمت عليها عباس وحركة فتح طوال هذه السنوات، ولماذا لم تقدم الى القضاء الفلسطيني ولماذا تم تقليد دحلان تلك المناصب العليا حتى شغل مستشار الرئيس للأمن القومي طالما انه قاتل ومتخابر ليس مع (إسرائيل) فقط لأن التخابر معها لم يعد خيانة من وجهة نظر عباس وإلا لأصبح هو أكبر خائن، ولكن يعمل لحساب أجهزة مخابرات عالمية وعربية.

  ما تفوه به محمود عباس هو دليل إدانة له قبل أن يكون لمحمد دحلان لأنه صمت عن مجرم وهو في قمة هرم المسئولية وقلده مناصب عليا ومنحه المسئولية الكبيرة وهو يعلم أنه قاتل ومجرم ليس لعناصر قيادية في حماس أو الفصائل الأخرى بل في داخل حركة فتح ومنهم هشام مكي والكاكاو عنصر كان مرافقا لموسى عرفات وكذلك قتل موسى عرفات نفسه ، ولم أكن أشك يوما أن أدوات تنفيذ اغتيال ياسر عرفات كان بعلم ثالوث مجرم مشكل من محمود عباس ومحمد دحلان والطيب عبد الرحيم.

الرجلان اليوم في خلاف وسيكشف ما أخفاه الرجلان عن بعضهما البعض على مدى سنوات طويلة وربما نشهد في الأيام القادمة كشف مزيد من الأوراق فلن يصمت دحلان وسيرد عباس بما لديه، وهذه حقيقة مؤلمة أن يكون من هم على سدة الحكم في السلطة وحركة فتح بهذا المستوى المتدني من الوطنية وهذه العمالة المعلومة لمن يدعي الطهارة والنقاء وهو يمارس اليوم نفس الدور وكان غطاء في السابق لهذه الجرائم.

حماس قالت رأيها من زمن طويل وهي تعلم أن دحلان متورط في دماء كثيرة وأنه كان يعمل لكثير من الجهات الأجنبية ومن بينها الاحتلال الصهيوني لأنه هو الذي أسس للتعاون والتنسيق مع الاحتلال، لذلك سيكون على الأقل في الوقت الحالي موقف حماس إعلامي سياسي يطالب بالتحقيق فيما تفوه به عباس لأن هذا يؤكد ما لدى حماس فيما يخص محمد دحلان فما قاله عباس لم يقدم جديدا لحماس بل أكد على ما خلصت إليه سابقا ليس في محمد دحلان فقط بل وفي غيره من القيادات الأمنية وغير الأمنية كالرجوب وغيرهم من يشغلون الآن مناصب أو من كان في هذه المناصب، اغتيال الشقيقين عوض الله ومحاولة اغتيال حسن سلامة والتي أدت إلى اعتقاله وتسليم خلية صوريف وغيرها الكثير.

فضائح كبيرة ومؤلمة على الشعب الفلسطيني والتي تكشف أمامه بهذا الوضوح الفج،  وستكون صادمة للبعض وغير معترف بها للبعض الآخر ولكنها ستشكل انتكاسة في البنية التنظيمية لحركة فتح التي تتولى السلطة عندما تكشف الأوراق كاملة ويتم كشف عورات المتنفذين وانحطاط أخلاقهم ومدى ارتكابهم للجرائم بحق القضية والشعب ، واعتقد أن هذا الذي جرى على لسان عباس وما سيجري على لسان دحلان بعد قليل سيكشف حقائق مؤلمة ولكن على ما يبدو أن الظروف مناسبة لذلك حتى يتم كشف المستور الذي حاول كل من عباس ودحلان تغطيته عن بعضهما البعض سواء سياسيا أو امنيا أو ماليا.

خسارة أن يصل الحال بحركة فتح إلى هذا المستوى من الإسفاف الذي جلبه إليها قادتها الذين نصبوا عليها بعد تصفية قادتها ومؤسسيها في الخارج تمهيدا لتسليمها لقيادات غير وطنية وغير مسئولة، فتح اليوم بحاجة إلى ثورة وانتفاضة داخلية كي تغسل عار من تولى أمرها وان يقدم عباس ودحلان وغيرهم إلى محاكم ثورية لا محاكم مدنية بعد التحقيق معهم وإثبات هذه الاتهامات الخطير ويكون الحكم وفق الجرم المرتكب.

 

البث المباشر