مقال: حماس وعاصفة الحزم السعودية

الكاتب إبراهيم المدهون
الكاتب إبراهيم المدهون

بقلم: إبراهيم المدهون

 "عاصفة الحزم" عملية عسكرية سعودية مفاجئة. دلت بما لا يدع مجالا للشك عن وجود تغيير حقيقي استراتيجي وتكتيكي أيضا في العاصمة الرياض، فمن سياسة التجاهل المصحوب بالرضا على أحداث وتطورات اليمن، جاء الملك الجديد حاسما وحازما ومفاجئا، لا يقبل بأنصاف الحلول، مع قدرة وإرادة على استخدام القوة والذهاب لأبعد مدى. علم قلة قليلة من الزعماء العرب بنية الملك سلمان وحزمه العاصف، وقلة قليلة من المحللين والقارئين المختصين للأحداث الخليجية تنبأت بجدية تحرك سعودي عسكري واسع، لهذا حتى اللحظة هناك اهتزازة حقيقية تسيطر على الإقليم، تنذر بتطورات وتداعيات خطيرة ودراماتيكية. حتى إيران استبعدت الحزم العسكري السعودي، وظنت للوهلة الأولى أنها كسبت الجولة بسهولة ويسر إثر توسع ذراعها اليمني وسيطرته، إلا أنها وقفت مذهولة تضرب أخماسا بأسداس حول آلية وكيفية التعامل مع التطور الجديد. إن الأخطر من القرار طريقة اتخاذه، وقد برعت المملكة برشاقتها الدبلوماسية وسرعة تحشيد وتشبيك هذه القوى مجتمعة، مع الحفاظ على عنصر المباغتة، واقناع الفرقاء على هدف مركزي واحد، مع اتقانه قانونيا وإعلاميا وسياسيا، حتى أن العراق حليف إيران العضوي لم يستنكر في القمة العربية العملية العسكرية واكتفى بالتحفظ. ردود الفعل الفلسطينية جاءت منسجمة فيما بينها من حيث الخطاب الرسمي والجماهيري، كان أوضحها وأسرعها موقف المقاطعة المؤيد للعملية العسكرية، وجاء موقف حماس منحازا لشرعية النظام العربي ومتبنيا لمنطق المملكة العربية السعودية، إلا أنه حافظ كعادة الحركة على توازن يحميها من الوقوع بتعقيدات الموقف. موقف حماس المتوازن يتبنى منطق وموقف المملكة العربية السعودية بشكل واضح، من خلال دعم شرعية الرئيس اليمني، وفي الوقت نفسه لا يعادي الطرف الآخر، فدعت للحوار، ويبدو أن حماس تسعى للدخول للمنظومة العربية الرسمية وتقبل وتثق بقيادة الملك سلمان في هذه المرحلة العصيبة، وتفضله على أي تحالفات أخرى، وهناك أمل كبير لدى قيادة حماس في نظام عربي قوي يكون سندا ونصيرا للشعب الفلسطيني ومقاومته، ومع هذا فالحركة حريصة ألا تعادي أي طرف من أطراف الصراع، خصوصا أن لها علاقات متداخلة مع قوى دولية وإقليمية كروسيا وايران. النظام العربي اليوم يتشكل من جديد وبرؤية مختلفة فيها تجديد جيوسياسي، وهو فرصة لحركة حماس أن تحجز مقعدا مركزيا، وعلى الحركة أن تتعلم من أخطاء حركة فتح، فلا تنتهج الإقصاء والتفرد، وتَحذَر الركون للحل السياسي دون بندقية تحمي المشروع وتضغط على الاحتلال. في الوقت الذي يصاغ المشروع العربي الرسمي بحزم وفق أجندات وخطط واضحة، على القيادة الفلسطينية حسم أمرها قبل فوات الأوان، فلم يعد العرب يلتفتون لسخافات الانقسام، فلتسارع الفصائل لترتيب البيت الفلسطيني عبر إصلاح منظمة التحرير والسلطة، وإنهاء الانقسام السياسي بتعزيز شراكة حقيقية تمثلنا في المنظومة العربية الجديدة.

البث المباشر