نقل لي زميل صحفي أنه استمع قبل أسابيع مضت إلى قائد كبير في كتائب القسام بأن الكتائب هي من قررت تمديد أمد الحرب الأخيرة على غزة "العصف المأكول" وذلك رغما عن نتنياهو حتى يعلم بأنه بإمكانه أن يقرر الدخول في حرب معنا ولكن مسارها وانتهاءها نحن من يتحكم به"، وفي ذلك رؤية واضحة لدى كتائب القسام في كيفية تعاملها مع الاحتلال لأنها خبرته، وهذا يشير إلى أنها تملك التخطيط والاستعداد ما يؤهلها بإدارة أي حرب مع دولة الاحتلال، خاصة أنها تستخلص العبر من أي معركة تخوضها ولا أذيع سرا بأن قيادة كتائب القسام قد أجرت بعد الحرب الأخيرة تعديلات وتغييرات على هيكليتها القيادية وبعض خططها وتكتيكاتها العسكرية حتى تكون أكثر تطورا وتماسكا واستعدادا لأي مواجهة قادمة مع العدو الصهيوني.
و من المعلوم أن كتائب القسام تتميز بشيئين اثنين وهما قيادة حكيمة وقوية من جهة، وخبرة ودراية من جهة أخرى تتفوق فيهما على بعض جيوش المنطقة، ولا شك أن القسام يعلم ماذا يريد واستراتيجيته واضحة وضوح الشمس وهي تحرير فلسطين والدفاع عن أبناء شعبنا الفلسطيني.
يأتي ذلك في ظل الكشف عن تقرير ما يسمى " بمراقب الدولة " الإسرائيلي الذي أشار فيه إلى فشل الجيش في حربه الأخيرة على غزة والتي استمرت لـ 51 يوما لم نحقق منها شيئا واحدا، وهذا ما دفع المسئول السابق في جهاز الشاباك إيلان لوتان بأن يقول " إن الحكومة الإسرائيلية لا تملك أي قرار استراتيجي تجاه غزة " فعندما يتفوه بذلك أحد مسؤولي الشاباك فهذا يدل على أن دولة الاحتلال في حالة من التخبط وأنها لم تستطع إدارة المعركة مع المقاومة في غزة، حتى فيما يتعلق بقضية الحصار المفروض على قطاع غزة منذ 10 سنوات تجد الجيش يدعم باتجاه إقامة ميناء لغزة تجنبا لأي انفجار قادم في حين نتنياهو يرفض ذلك نتيجة حسابات سياسية في المنطقة.
ومن هذا المنطلق نقول بأن نتنياهو الذي قاد الحرب الأخيرة على غزة هو في نزعه الأخير وأن تقرير ما يسمى بالمراقب العام سينهي حياته السياسية و سيحدث قنبلة سياسية كما قال مراقبون إسرائيليون، وبذلك تكون المقاومة الفلسطينية قد أسقطت ثلاثة رموز صهاينة في ثلاثة حروب مع غزة وهم أولمرت وباراك ونتنياهو.
وبالتالي عندما أتحدث في بداية مقالتي هذه عن تماسك كتائب القسام وأعرّج فيما بعد عن اهتزاز جيش الاحتلال وتخبطه فهذا لا يعني أنني خرجت عن المألوف وغردت خارج خط المنطق والعقل ولكنه الواقع بكل تجلياته، فكتائب القسام لم تعد مجرد مجموعات مسلحة ولكنها أضحت أقرب إلى جيش نظامي، وعندما يخرج الناطق باسمها ويتحدث عن موقف معين تجاه قضية ما فهو لا يأتي ذلك اعتباطا ولكنه يعبر عن موقف أو رؤية وحتى قرار بعد دراسة معمقة، فالقسام لديه مراكز دراسات وجهاز استخبارات ودائرة إعلام تمد القيادة بشكل يومي بتقارير ودراسات تضعها على الخط الصحيح وتكون رؤيتها واضحة لا لبس فيها.
وهذا حقيقة يجعلنا نفخر بمقاومتنا على اعتبار أنها تعرف ماذا تريد ولا يخطط لها ولكنها تخطط لنفسها ولا تنجر لفعل لا يصب في مصلحة شعبنا وقضيتنا، فحمدا لله على نعمة المقاومة الفلسطينية.