في الوطن روايتان .. رواية الحرب ورواية المصالحة، في الأولى بطلا الرواية المقاومة والاحتلال، وفي الثانية حماس وفتح.
رواية الحرب تطغى في الشارع الفلسطيني لأنها أكثر واقعية وصدقية من رواية المصالحة، ولأنها تمس جوانب مصيرية في حياتنا مثل الموت والحياة، الانتصار والاستسلام، التضحية والبطولة.
لكن رواية المصالحة باهتة، أفسدتها المشاهد المكررة، واللف والدوران مثل مسلسل تركي متعدد الأجزاء يفقد الاثارة مع طول الزمان.
الرئيس عباس مثل كاتب أو مخرج تلفزيوني لا يمل ولا يكل من المناورة وإعادة انتاج الرواية رغم استنفادها واستهلاكها، وحرق أفكارها كافة، كمسلسل باب الحارة الذي شاخ و"باخ" ورغم ذلك يفرض نفسه علينا في كل موسم رمضاني.
أما حماس فتتحول الى متفرج مع الجمهور، مجبره على المشاركة والمشاهدة سواء أعجبها او لم يعجبها، تنام على وعود وتستيقظ على آمال وتحلم بنهاية سعيدة لرواية المصالحة، بينما يصر عباس أن "يمرمرهم" بسيناريو يطغى عليه الإحباط والافشال والتراجع في كل فصل من الرواية.
في الجزء الأخير حاول عباس أن يخلق نوعا من الاثارة والتشويق، فقد أرسل أحد أتباعه واسمه أحمد مجدلاني أمين عام لفصيل اسمه جبهة النضال الشعبي، وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير... أرسله ليشارك ويلقي كلمة في المؤتمر السنوي الذي تعقده (إسرائيل) في مدينة هرتسليا، وهذه المرة تحت شعار "أمل إسرائيلي. رؤيا أم حلم" حيث يناقش المؤتمر مناعة (إسرائيل).
بالتزامن أرسل عزام الأحمد على رأس وفد من فتح الى الدوحة ليناور حماس حيث عدل السيناريو وألغى النص السابق للرواية، تراجع عن حل قضية الموظفين ورفض الاعتراف بشرعيتهم، وبلع كلامه في مسألة تفعيل المجلس التشريعي، ورفض برنامج الاجماع الوطني المتمثل في وثيقة الوفاق الوطني، وأصر على فرض برنامج المنظمة الذي يعترف بـ(إسرائيل)، ويحلل التنسيق الأمني، ويجرم المقاومة.
لكنها ليست النهاية... كالعادة يختم عباس هذا الجزء، بالتحضير لجزء جديد من رواية المصالحة، ربما الجزء العاشر او العشرين.
الخشية أن نكتشف في النهاية أن المصالحة حلقة بايخة من برنامج الكاميرا الخفية، وأن الرئيس "بينكش راس على الشعب".