قائد الطوفان قائد الطوفان

"الفواكه المثلجة" على باب الأسباط تثير غضب المستوطنين!

غزة-ياسمين عنبر

على باب الأسباط، ووسط حشود المرابطين، وصل "أبو إسماعيل" مصطحبًا ثلاثة من أبنائه، يحملون عبوات المياه الباردة، وبدؤوا يوزعونها على المرابطين الذين يتصببون عرقًا من شدة الحر والازدحام، وهو يتنقل بين المحتشدين، مشيرًا إلى طريق بيته في البلدة القديمة حول الأقصى، يردد: "بيتي هو بيت كل المقدسيين، فمن يحتاج شيئًا فبيتي مفتوح لكل الأبطال، لن أغلقه حتى ندخل الأقصى بعزة وفخار".

عبر اتصال هاتفي تحدث المرابطة هنادي الحلواني "الرسالة" عن نخوة المقدسيين ومساندتهم لبعضهم وقد وصفتهم أنهم "يتوحدون على قلب رجل واحد"، مؤكدة على أن المرابطين جميعًا اتخذوا من الآية "أشداء على الكفار رحماء بينهم" شعارًا لهم.

تقول الحلواني: "وحدتنا نابعة من إيماننا العميق بحقنا في الصلاة داخل المسجد الأقصى دون المرور عبر البوابات الإلكترونية "بوابات العار" ودون تضييق"، مضيفة: "وهذه الآلاف المحتشدة جاءت لتثبت للعالم أجمع أن الشارع المقدسي لن يرضى الذل والهوان، ومستعد أن يقدم الغالي والنفيس لأجل الأقصى، لأنه حق إسلامي خالص".

غضب الاحتلال

لم يتوقع الاحتلال أن يكون المقدسيون "كالبنيان المرصوص"، حيث لم يكن يعلم أن الضرر حين يمس الأقصى، فإن المقدسيين يصبحون وحوشًا، رغم ما يعانونه وما بذلوه وما زالوا يبذلونه ابتداء من الوقت والمال، وحتى تقديم أرواحهم وأبنائهم رخيصة من أجل الأقصى، وفق الحلواني.

وتضيف: "هذا التكافل يثير غضب الاحتلال، ونظرات السخط من المستوطنين لا تفارقنا ونحن نلحظها طوال وقت رباطنا، لا سيما حين يرون النساء يوزعن الأطعمة والرجال يهتفون هتافات واحدة مما يجعلهم يهاجمونهم بكل وحشية وقسوة وبكل ما أوتوا من وسائل قوة".

في مشهد صادم للمستوطنين، كما هو صادم للمرابطين، وقف ثلة من الشباب يوزعون الفواكه المثلجة و"قطع البطيخ" على المرابطين وهم يتحلقون في مجموعات ويهتفون بهتافات تشحذ الهمم، وما أن لمحهم المستوطنون حتى اشتاطوا غضبًا، وبكل ما أوتوا من قوة، هجموا على المرابطات والنساء المقدسيات اللاتي يقطن في البلدة القديمة، واللاتي زودوهن بالمياه الباردة والفاكهة، تمامًا بنفس حجم صدمة المرابطين والمرابطات بأن أبسط المشاهد، تثير غضب المستوطنين وتغيظ الاحتلال.

لكن لم يقف الشباب المقدسي متفرجًا، حيث أحاطوا النساء يتلقون الضربات بدلًا منهن، في مشهد يمثل أنبل صور التعاضد والفلسطيني.

كالمهاجرين والأنصار

تشعر الحلواني أن التاريخ يعيد نفسه، وأن تكافل المقدسيين يذكرها بتكافل المهاجرين والأنصار، حيث إن النساء في محيط البلدة القديمة يعددن الطعام لمرابطين، ويصنعن الحلويات ويحضرنها، كما عبوات الماء الباردة التي يتبرع بها الرجال طوال أوقات النهار.

 كما فتحوا بيوتهم وقلوبهم لاستقبال المرابطين الذين يأتون من جميع الأماكن، فيدخلونها للوضوء أو النوم أو الاستحمام بحسب الحلواني.

بنبرة فخر تحكي الحلواني أن ما أغاظ الاحتلال أكثر، أن بيوت البلدة القديمة كانت مأوى لكل المرابطين الذين لا يستطيعون الذهاب لبيوتهم في الليل، والعودة في اليوم التالي فيبيتون فيها، مقدمين لهم كل ما يحتاجونه، من مأكل وملبس.

لم يقتصر التكافل على ذلك فحسب، فكثير من السيارات التي لا يسمح لها الوصول إلى مكان المرابطين، تمر من بعيد وتعطي الشباب المقدسيين التبرعات من طعام وزجاجات ماء وملابس لتوزيعها على المحتشدين على أبواب الأقصى.

"دمت يا أقصى لنا يا وصية الرسول.. وعد ربي قد دنا فالظلام لن يطول" و"جيش محمد بدأ يعود" بهذه الهتافات وغيرها من الأناشيد الوطنية والدينية التي تصدح بها حناجر الشباب المقدسيين لا سيما بين الصلوات، ما من شأنه شحذ همم المرابطين وبث العزيمة في نفوسهم والشد من أزر كبار السن الذين ما انفكت الدموع تفارقهم مذ حرموا الصلاة في الأقصى.

تنهي الحلواني حديثها مع الرسالة: "لا تستهينوا بأي شكل من أشكال التضامن لمن ليس في القدس حتى لو كان شيئًا بسيطًا، فهو يثلج صدورنا ويسعد قلوبنا"، مضيفة: "لن نمر من البوابات الإلكترونية مهما كلفنا ذلك، ونحن نيقن أن النصر صبر ساعة وستزول البوابات وسندخل المسجد الأقصى معززين مكرمين".

ولليوم السابع على التوالي يستمر رباط المقدسيين على أبواب المسجد الأقصى، يقيمون الصلاة أمامها وأعدادهم في ازدياد متوحدين على موقف واحد وهو عدم طأطأة رأسهم لجندي صهيوني على البوابات الإلكترونية التي نصبها الاحتلال.

البث المباشر