"بلدة المجاهدين"، "حاضنة المقاومين"، هكذا لقبت بلدة "سلواد" شمال شرق مدينة رام الله، بينما تعود تسميتها إلى مجموعة الأودية على مشارفها، والتي كانت تشكل عدة طرق للمواصلات قبل ظهور وسائل النقل الحديثة، واسمها مأخوذ من كلمتين هما "سيل الواد" بحسب الحكايات الشعبية.
"فوق رقعة جبلية من مرتفعات رام الله نشأت بلدة "سلواد"، يقول ابن القرية "أحمد حامد" لـ"الرسالة"، ويكمل: "وتنحدر بشدة نحو وادي قيس والمنحدرات هذه مليئة بالأشجار المثمرة حتى اكتست بالغطاء الأخضر ما بين البلدة والوادي".
كما تحيط البلدة العيون المائية البلدة من الجهتين الشرقية والشمالية حيث تقع عين الصرارة وبركة عيون الحرامية في الشمال بينما تقع العباصة في الشرق من البلدة، كما يقول "حامد".
المصادر التاريخية أثبتت أن سكان هذه البلدة ينحدرون من بني مرة، الذين نزحوا من وادي موسى وحطوا في المزرعة الشرقية، أما "حامد، حماد، عياد" فهي حمائل مشهور فيها.
اصطحب حامد "الرسالة" في جولة بين المعالم الطبيعية التي تقع في قرية سلواد، حيث منطقة الجبال، يقول: "تل العاصور يقع إلى شرق البلدة، ويبلغ ارتفاعه 1016 م وهو أعلى ثالث جبل في فلسطين، أما تلة البرج: وتقع إلى الغرب من البلدة وفيها موقع أثري".
ولأن سلواد تقع على تلال مرتفعة، فقد تكثر فيها الأودية كوادي الحومة، إلى الشرق، ووادي قيس ووادي النمر من الشرق والشمال، وادي أبو شريف من الغرب.
"لسلواد تاريخ نضالي ممتد عبر سنين طوال" يحكي "حماد" بفخر باد على صوته وحماسه باسترساله في الكلام، حيث تعاون أهل البلدة مع أهالي المزرعة الشرقية المجاورة في مساعدة جيش صلاح الدين الأيوبي.
كما شكّلت سلواد أوّل خلية مسلحة للمقاومة الفلسطينية عام 1968، تألّفت من 12 فردًا، ونفذت عمليات موجعة ضد الاحتلال الصهيوني، ما دفعه إلى الانتقام وهدم (8 منازل) لأهالي المقاومين.
شخصيات بارزة كثيرة كانت مسقط رأسها "سلواد"، كخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، وهي أيضًا قرية قائد كتائب القسام في الضفة الغربية الأسير إبراهيم حامد، ويسترسل "حامد": "تعد سلواد من أكثر بلدات رام الله التي قدمت شهداء وفدائيين ضد الاحتلال الإسرائيلي".
كان من أبرز حديث "حامد"عن بلدته عن "عملية عيون الحرامية" الذي نفذها المناضل ثائر حماد عام 2002، والتي كانت أخطر العمليات النوعية في تاريخ المقاومة الفلسطينية.
حيث قتل بـ24 رصاصة فقط 11 جنديًّا ومستوطنًا، وأصاب آخرين، هذا الثائر والمقاوم زعزع أمن جنود الاحتلال.
بعمليات الدهس، وإطلاق النار، والزجاجات الحارقة، والحجارة، ينتفض شباب سلواد دومًا، وفي كل ميدان يكون لهم دور في كفاح شعبنا ضد المحتل، يحكي "حامد": "توارث شبابها حب المقاومة من أجيال البلدة الذين لهم باع طويل في إيلام العدو".
ويتعرض سكانها بشكل دائم للاعتقال، حيث ما تزال سلواد في مواجهات مستمرة مع الاحتلال، وذلك نتيجة دفاعهم، وإشعالهم حدة المواجهات، كلما حاول الاحتلال إخمادها.
"سلواد القطين" هكذا أطلق عليها حيث لها تاريخ عريق في زراعة التين، الذي كان يزرع في المنطقة الشرقية والجنوبية والشمالية.
وسلواد مقامة على أنقاض قرية رومانية قديمة، وعلى أراضيها مواقع أثرية كثيرة مثل برج البردويل، يقول عنه "حماد": "يقع على تلة البرج في الجهة الغربية للبلدة، وهو بقايا قلعة حصينة أقيمت أيام " بلدوين " ملك بيت المقدس خلال الحروب الصليبية".
وأيضًا خربة كفر عانا جنوب سلواد وهي آثار قرية عربية دارسة، التي هجر سكانها بالقوة على أيدي أهالي سلواد سنة 1834 م، وجاء تهجيرهم نتيجة ابتزازهم للمسافرين المارين عبر طريق نابلس - القدس.
كما أن هناك آثارًا تنتصب شامخة فيها كالمسجد الشمالي، معصرة الزيتون، المقبرة، وبئر أبو خشبة وغيره من الآبار القديمة جدًا، ويوجد خرب أخرى فيها بقايا آثار، مثل: خربة المزارع، وخربة دار إسماعيل.