قائد الطوفان قائد الطوفان

انتخابات حماس بين "السقيفة" و"الصندوق"

وسام عفيفة
وسام عفيفة

وسام عفيفة

كشفت انتخابات حركة حماس الداخلية، عن تدافع بين الأجيال والرؤى في إطار اللوائح التنظيمية الخاصة بالحركة، التي تجمع بين الوسائل الديموقراطية، والقواعد الشورية، في ظل تمدد تنظيمي أفقي، وتطور في الفكر السياسي للحركة، وتراكم تجاربها في المقاومة والحكم، وتنوع علاقاتها الداخلية والخارجية، ما زاد مساحة الاجتهادات داخل دوائر الحركة وأجهزتها.
لقد أظهر المشهد الانتخابي الأخير لدروة 2021-2025 حرص قيادات وأطر الحركة الاحتكام لصندوق الانتخابات سواء لناحية التغيير أو التجديد في المستويات القيادية والادارية، متجاوزين العقم الذي أصاب فصائل وقوى فلسطينية جراء الديكتاتورية التنظيمية أو تقديس الرموز والمؤسسين.
إن حجم الاهتمام الفلسطيني والمتابعة الخارجية لانتخابات حماس ونتائجها، وتأثيرها على المشهد الوطني، يعكس نجاح الحركة في تقديم نفسها مكونا حيويا في المشهد الفلسطيني، يتفاعل حراكها الداخلي مع سلوكها الخارجي، ورغم بصمتها الوراثية كحركة مقاومة وتحرر وطني، إلا أنها تحاول الاقتراب من تجربة مكونات سياسية وهيئات حاكمة ذات تجربة ديموقراطية عتيدة.
 الانتخاب في حماس عبر الصندوق لا يعني أن اللوائح والأنظمة الخاصة بالعملية الديموقراطية أو الشورية كاملة ونموذجية، وبالتأكيد يعتريها عديد من جوانب النقص أو القصور، شأنها شأن غيرها من الانظمة الانتخابية التي تشوبها كثير من الثغرات وتترك أثرا على نتائج الانتخابات بنسب مختلفة، كما أن التحفظات والانتقادات وحتى الطعون لإدارة أي عملية انتخابية هي ظاهرة تنسحب على أكبر وأقدم التجارب الديموقراطية في العالم، لكنها تبقى أفضل المتاح.
من العلامات الأخرى التي يمكن قراءتها في انتخابات حماس، أن قياداتها لم تستسلم لواقع المحنة، أو مبررات الاستهداف، كما لم يمنعها تعدد الساحات التي تتوزع عليها الحركة تحت ضغوط سياسية وأمنية لا محدودة- وكلها حجج قوية- كان يمكن أن تستند اليها القيادة لتحجيم مستوى المشاركة في اختيار القيادة في أضيق نطاق تنظيمي، أو تجميد الأنظمة واللوائح الشورية إلى حين تهيؤ ظروف أفضل.
إن الانتخابات الداخلية تمنح قواعد وكوادر الحركة فرصة لمحاسبة القيادة، ووضع بطاقة حمراء مع ورقة التصويت في صندوق الانتخابات، لتكون بمثابة رسالة احتجاج على إدارة قيادات بعض الدوائر، أو استبانة تقييم أداء لسلوك القيادة في مرحلة مفصلية من مسيرة الحركة.
تجربة حماس الانتخابية لا تزال قيد التطور، وهي تتقدم بحذر في كل دورة اتجاه تحديث لوائحها الانتخابية، والمزاوجة في اختيار القيادة بين آليات "سقيفة بني ساعدة"، والاحتكام إلى لوائح الصندوق.
 ومع كل دورة انتخابية، في المحطات المستقبلية، ستزداد فرص التأثير بالمشاركة والانتخاب، وتتضح أكثر آليات الترشيح، والمنافسة بناء على برامج ورؤى تمكن أبناء الحركة من الاختيار وفقا لأدوات قياس وتقييم واضحة، وتعطي مساحة أيضا للشعب الفلسطيني للحكم على قيادات الحركة الذين أصبحوا عاملا مركزيا في إدارة مسيرته الوطنية، ومؤتمنين على مصيره في الانعتاق والحرية.

البث المباشر