قائد الطوفان قائد الطوفان

ماذا لو انهارت قيمة البتكوين حتى الصفر؟

ارشيفية
ارشيفية

الرسالة نت-وكالات

كان هناك حوالي 6 آلاف عملة رقمية مُدرجة على منصة "كوين ماركت كاب" (CoinMarketCap) قبل عام واحد فقط، أما اليوم فوصل عددها إلى 11 ألفًا و145 عملة.

وقد ارتفعت قيمتها السوقية الإجمالية من 330 مليار دولار إلى 1.6 تريليون دولار في الوقت الحالي أي ما يعادل تقريبا الناتج المحلي الإجمالي الاسمي لكندا.

وتعد المؤسسات مسؤولة عن 63% من تداول العملات الرقمية، بعد أن كانت هذه النسبة في حدود 10% في عام 2017.

لكن هذا النضج الذي شهدته سوق العملات الرقمية فشل في الحد من التقلبات الشديدة في الأسعار، فقد تراجعت قيمة البتكوين (bitcoin) من 64 ألف دولار في أبريل/نيسان الماضي إلى 30 ألف دولار في مايو/أيار الماضي.

واليوم، يتأرجح سعرها في حدود 40 ألف دولار، بعد أن انخفض إلى 29 ألف دولار في 29 يوليو/تموز الماضي.

وأشارت المجلة إلى أن كل هبوط في أسعار العملة الرقمية يثير أسئلة حول مدى سوء التداعيات. ويبدو أن تأثيرات هبوط الأسعار تتجاوز مساندي العملة الذين يرون أن البتكوين تمثل مستقبل التمويل.

وفي الوقت الراهن، يستأثر المتداولون الخوارزميون بحصة كبيرة من المعاملات، ولديهم أوامر "شراء" تلقائية عندما يتراجع سعر البتكوين إلى ما دون عتبات معينة، ولكن فهم الروابط المتنامية بين مجال التشفير والأسواق الرئيسية يقتضي تخيّل انهيار سعر البتكوين إلى الصفر.

يشار إلى أن سعر البتكوين ارتفع الاثنين، لأعلى مستوى منذ منتصف مايو/أيار الماضي، بدعم تصريحات إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا (tesla) عبر فيها عن دعمه مجددا للتعامل بالعملات المشفرة.

وارتفع سعر وحدة بتكوين بنسبة 2.8% إلى 45.6 ألف دولار  بإجمالي قيمة سوقية 856.57 مليار دولار، موزعة على 18.780 مليون وحدة من إجمالي 21 مليونا مخصصة للتداول.

مستثمرو العملات المشفرة

أوضحت المجلة أن هذا الانهيار يمكن أن يحدث إما بسبب الصدمات التي تنشأ داخل النظام مثل عطل فني، أو وقوع اختراق خطير لعملية تبادل كبيرة للعملات الرقمية، أو يمكن أن يأتي من الخارج، مثل قمع يمارسه المنظمون أو نهاية مفاجئة "لارتفاع الأسعار" في الأسواق، ردا على قيام البنوك المركزية برفع أسعار الفائدة.

وحسب محمد العريان من شركة "أليانز" للتأمين وإدارة الأصول (Allianz)، ينقسم مستثمرو العملات المشفرة إلى 3 أنواع: "الأصوليون" الذين يعتقدون أن البتكوين ستحل يوما ما محل العملات التي تصدرها الحكومة، و"التكتيكيون" الذين يعتقدون أن قيمتها سترتفع مع زيادة الاستثمار فيها، و"المضاربون" الذين يريدون المقامرة.

وأشارت المجلة إلى أن انهيار سعر البتكوين إلى الصفر قد يسبب اضطرابا هائلا بين صفوف المجموعة الأولى من المستثمرين، إلا أنها من غير المرجح أن تتخلى عن العملة.

في المقابل، سوف تهرب المجموعة الثالثة عند أول بادرة على وجود متاعب. ولتجنب التخلي النهائي عن العملة، يجب إقناع المجموعة الثانية بالبقاء، إلا أنه من غير المحتمل حدوث ذلك إذا انهار السعر إلى الصفر.

إن انهيار الأسعار -تقول المجلة- يمكن أن يضر باقتصاد العملة الرقمية، إذ سيكون لمعدني البتكوين حافز أقل للمواصلة، مما يؤدي إلى توقف عملية التحقق وإيقاف عرض العملات.

ومن المحتمل أن يتخلص المستثمرون أيضا من العملات المشفرة الأخرى. وقد أظهرت التقلبات الأخيرة أنه حيثما تتجه البتكوين، تتبعها بقية العملات الرقمية الأخرى، وذلك حسب ما أكده فيليب غرادويل من شركة "تشاين أناليسيس" للبيانات (chainalysis).

خسائر

سيعاني مالكو العملات المشفرة على المدى الطويل من خسائر صغيرة مقارنة بالسعر الذي دفعوه، لكنهم سيتنازلون عن مكاسب ضخمة غير محققة. وستُسجل أكبر الخسائر لدى أولئك الذين اشتروا العملة قبل أقل من سنة بمتوسط سعر 37 ألف دولار، ويشمل ذلك معظم المستثمرين المؤسسيين، بما في ذلك صناديق التحوط والهبات الجامعية والصناديق المشتركة وبعض الشركات.

كما سيؤدي هذا الانهيار إلى القضاء على الاستثمارات الخاصة في شركات التشفير مثل البورصات، ويؤثر سلبا على قيمة شركات التشفير المدرجة (التي تبلغ قيمتها السوقية حوالي 90 مليار دولار).

كما ستفقد شركات المدفوعات مثل "بايبال" (PayPal) و"ريفولت" (Revolut) و"فيزا" (visa) جزءا كبيرا من الأعمال التجارية المتنامية، مما سيقلل من تقييماتها.

وعموما -تؤكد المجلة- قد تصل الخسائر إلى تريليوني دولار في الصدمة الأولى، وهو مبلغ يزيد قليلا على القيمة السوقية لشركة "أمازون".

العدوى

وأشارت المجلة إلى أن هذه العدوى قد تنتقل من خلال عدة قنوات إلى أصول أخرى، الرقمية منها والسائدة على حد سواء.

وإحدى هذه القنوات إستراتيجية الرفع المالي، حيث يقع إنفاق 90% من الأموال المستثمرة في البتكوين على مشتقات مثل العقود الآجلة الدائمة، كرهانات على تقلبات الأسعار المستقبلية التي لا تنتهي أبدًا.

ويمكن أن تؤدي تقلبات الأسعار المتواضعة إلى إطلاق نداءات هامش كبيرة، التي يسبب عدم الوفاء بها مسارعة البورصات إلى تصفية أصول عملائها، وهذا ما يسلط ضغطا كبيرا على أسعار العملات الرقمية. ونتيجة لذلك، يمكن أن تتكبد البورصات خسائر كبيرة جراء التخلف عن تسديد الديون.

وأضافت المجلة أن الاندفاع إلى تلبية نداءات الهامش في العملات المشفرة قد يجبر المضاربين على التخلص من الأصول التقليدية من أجل توفير السيولة، لكنهم في المقابل قد يتخلون عن محاولة تلبية تلك النداءات لأن مخزوناتهم من العملة الرقمية تكون قد فقدت قيمتها، مما سيدفعهم إلى تصفيتها.

وذكرت المجلة أن قناة العدوى الثانية هي "العملات المستقرة" التي تعمل كمحرك للعملات الرقمية.

ونظرًا لأن عملية مبادلة الدولار مقابل البتكوين بطيئة ومكلفة، فإن المتداولين الراغبين في تحقيق مكاسب وإعادة استثمار العائدات غالبًا ما يتعاملون بعملات مستقرة مرتبطة بالدولار أو اليورو، مثل تيثر (Tether) والدولار الرقمي، التي تعتبر العملات الرئيسية التي يقع إجراء مبادلات بها على منصات التشفير.

يمكن أن يؤدي انهيار العملة الرقمية إلى الاستمرار في الاستثمار في العملات المستقرة، مما يجبر هيئات إصدار الأوراق المالية على التخلص من أصولها لإجراء عمليات الاسترداد.

ويولي المسؤولون من لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية والاحتياطي الفدرالي اهتماما أكبر للمخاطر الناجمة عن العملات الرقمية، والعملات المستقرة على وجه الخصوص.

تأثير واسع النطاق

وأشارت المجلة إلى أن انهيار قيمة العملة الرقمية قد يكون له تأثير واسع النطاق على الأجواء العامة أكثر من مسألة البيع بأسعار متدنية جدا، ذلك أن العديد من الكيانات معرضة الآن للعملات الرقمية، لكن بما أن القليل منها راهن عليها بحصص كبيرة من الثروة، فستكون الخسائر واسعة النطاق ولكنها غير  كبيرة.

وتعتبر البنوك محصنة، ولن يتسرع معظمها في الاحتفاظ بالبتكوين في أي وقت قريب. وقد اقترح نادي بازل للمشرفين مؤخرًا على البنوك تمويل ممتلكاتها من البتكوين من خلال مخزوناتها من رأس المال فقط وليس من الديون.

لكن ليس من الصعب تخيل حالة أسوأ، فقد دفع انخفاض أسعار الفائدة المستثمرين إلى مزيد المجازفة. وقد يؤدي انهيار العملة الرقمية إلى التوجه أكثر نحو الاستثمار في الأصول الغريبة.

وخلال الأشهر الأخيرة، تنامت العلاقة بين أسعار البتكوين والأسهم بشكل عام. ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن المراهنين يعيدون استثمار المكاسب التي تحققت من الأسهم الأخرى في مجال العملات الرقمية والعكس صحيح.

وأشارت المجلة إلى أن عملية البيع قد تبدأ مع المراهنين الأكثر نفوذا -الذين يكونون عادة الأفراد وصناديق التحوط- في المجالات عالية المخاطر. وسيتّبع المستثمرون المعرضون لهذه المشكلات، الذين يواجهون تدقيقا من لجان الاستثمار الخاصة بهم، هذا المسار أيضا، مما يجعل الأصول الخطرة أقل سيولة، وربما هذا ما سيتسبب في حدوث ركود عام.

وخلُصت المجلة إلى أن اضطراب السوق يرتبط بالكثير من العوامل، بما في ذلك انخفاض سعر البتكوين إلى الصفر. مع ذلك، يشير أسوأ سيناريو إلى أن الرفع المالي والعملات المستقرة والجو العام هي القنوات الرئيسية التي سينتشر من خلالها أي تراجع في أسعار العملات الرقمية على نطاق أوسع، سواء كان كبيرًا أم ضئيلا. كما ستصبح العملات الرقمية أكثر ارتباطا بشركات التمويل التقليدية.

المصدر : إيكونوميست + وكالة الأناضول

البث المباشر