قائد الطوفان قائد الطوفان

أطفال غزة..أقلامهم ترسم الحصار وأبجدياتهم تنطق بالدمار

غزة/ أمينة زيارة            

كرست المخيمات الصيفية هذا العام مفهوم التفريغ النفسي لأطفال غزة الذين خرجوا من حرب شعواء قضت على البشر والحجر، حيث عكس الأطفال الواقع الذي عايشوه بأقلامهم وأناشيدهم وألعابهم ضمن فعاليات المخيمات، فقد رسمت أقلامهم الحصار والخيم والتشرد وأنشدوا للدمار والشهداء، "الرسالة" نزلت إلى المخيمات الصيفية ونقلت الصورة الحية للقراء.

**رسومات وأناشيد الحرب

الطالبة صفاء حسونة من مخيم "الجيل الصاعد" انهمكت في رسم لوحة حملت عنوان "غزة تحت النار" وبدأت تتفنن في رسم طائرة تقصف مسجد ومنزل في آن واحد وإسعاف ينقل المصابين والشهداء ولونت الدماء النازفة باللون الأحمر القاني،

وتحدثت "للرسالة" قائلة: طلبت المنشطة من المجموعة أن ترسم لوحة فنية للمشاركة في معرض يقام في ختام المخيم فرسمت لوحة "غزة تحت النار" وكيف تقصف الطائرات ويسقط الشهداء والإسعافات، وليس ببعيد عنها تجلس الطالبة إيناس فروانة التي بدأت تخط بريشتها أصعب لحظات عاشتها ألا وهي التشريد والحرب فقد رسمت مجموعة خيم اصطفت إلى جانب بعضها البعض ويجلس على بابها أصحاب البيوت المدمرة ووضعت في ركن الصفحة مجموعة لبيوت أصبحت ركاماً، وفوجئت "بمراسلة الرسالة" فرفعت رأسها عن اللوحة وقالت: "أليست جميلة لوحتي" وبدأت تتحدث عن مضمونها بأبجديات لم نعهدها على طفلة في عمرها حيث أتقنت كلمة الاباتشي والزنانة، والحصار والدمار، والتشريد والخيم والغربة.

في مكان آخر حيث كانت فقرة النشيد واختيار أجمل الأصوات، وقفت الطفلة أية التتر تنشد "حاصرونا هالظلام" وتعبر بإشارات يدها عن الواقع المر وكيف أثر الحصار على الحياة الفلسطينية وزميلاتها يسودهم الصمت المطبق وكأنهن يتذكرن ما مر بهن في سنوات الحصار، وما أن انتهت حتى اعتلت المنصة الطفلة شريهان بدر وبدأت تنشد "غزة من وسط الحصار" والأخريات يصفقن لها وكأنهن يقاومن الظلم والحصار بالتصفيق والترديد معها.

**التفريغ النفسي

وفي هذا الصدد تقول المنشطة أماني ضاهر: طلبت منهن أن ترسم كل واحدة لوحة فنية تجد نفسها فيها ففوجئت بأقلام تخط الحصار والدمار والنار والتشريد، كانت كوقع الصدمة على نفسي خاصة أننا سعينا في المخيم للتفريغ عن النفس بعد الحرب الأخيرة إلا أن الطالبات لازلن يطبقن واقعهن على رسوماتهن ونشيدهن وحتى حديثهن الذي لا يخلو من أبجديات الاباتشي والشهداء والمقاومة والدمار والخيمة والدماء، وتشاركها الرأي نور الخضري مسئولة مخيم "الجيل الصاعد" في حي الشجاعية قائلة: وضعنا خطة للعمل ألا وهي التفريغ النفسي والترويح عن الطالبات اللواتي خرجن لتوهن من حرب نفسية ،مستدركة: لكن ما كان من الطالبات إلا أن عكسن الواقع على الأرض ضمن برامج المخيم، وأضافت الخضري: نحن نحاول جاهدين أن نُخرج الفتيات من الجو الذي عايشوه في الحرب على غزة، ولقد لمسنا المشاركة الفاعلة منهن والاندماج في برامج المخيم الذي يهدف لإخراج جيل مبدع وموهوب. 

رد طبيعي للصدمة

ويرجع د. درداح الشاعر أستاذ علم النفس بجامعة الأقصى أسباب تطبيق الأطفال ما عايشوه في الحرب من خلال رسوماتهم وأبجدياتهم إلى الواقع الذي عايشه الطفل الفلسطيني وما عاناه جراء الحرب والعدوان الأخير على غزة، فإن المفردات المستخدمة في الرسم والإنشاد هي متصلة بشكل مباشر بالقتل والتدمير والتهجير والألم وهذه المفردات استخدامها طبيعي وكرد فعلي للصدمة النفسية التي عاشها الأطفال، واشار الشاعر الى ان ثقافة الطفل مستمدة من الوسط الذي يعيش فيه حيث أنه يستخدم بعض الألفاظ التي تتحول إلى ثقافة لديه وهذا ما نلاحظه في ألعاب الأطفال "عرب ويهود، قاتل وشهيد"،

وأضاف الشاعر: إن ما ينطق به الطفل من ألفاظ أو خطه لرسومات تدل على الحرب ما هي إلا استجابة ورد فعل طبيعي لحدث غير طبيعي فليس مستنكراً على الطفل أن يأتي بها، مؤكداً الشاعر على أنه يجب عدم إدراجها بين الطلاب في المدارس أو رياض الأطفال بصورة دائمة لأنها ثقافات طارئة مصحوبة بالألم والمعاناة، فإذا أبقينا على لفظ طائرة فالطفل يستدعي صوتها والقصف التي كانت تصدره والخوف والتوتر فنحن معنيون بتخفيف هذه الألفاظ شيئاً فشيئاً وفهم الطفل لواقعه حتى لا يصطدم به.

ويؤكد أستاذ علم النفس على دور الأسرة في التخفيف من وطأة هذه الألفاظ على الطفل , ويقولً: على الأسرة أن تتحول إلى وحدة علاجية للتخفيف من هذه المشاكل بحيث تعيش حياة طبيعية وتمارس أنشطتها من طعام وشارب ولعب وترفيه وزيارة الأصدقاء بحيث لا تعطل أنشطتها أمام الطفل،

وتابع الشاعر في ختام حديثه للرسالة: على الوالدين أن يتمتعوا برباطة جأش واتزان انفعالي لأنهم مصدر الأمن للطفل وأن يبتعدوا عن مصادر الخوف والقلق حتى لا ينعكس على نفسية الطفل، كما على الأهالي إخبار الطفل أن القصف والتدمير والخوف هي مواقف طارئة وعابرة وستنتهي المشاكل قريباً.

 

البث المباشر