يسمونها في بيت لحم حرفة أم اللآلئ، فهي قطع منحوتة ترص بعضها إلى جانب بعض فتلمع وكأنها قشرة من اللؤلؤ، وهي حرفة يدوية تقليدية في المدينة، ويقال إنها وصلت إلى المدينة عن طريق الرهبان الفرنسيسكان من إيطاليا في القرن الخامس عشر، حيث كانت ولا زالت بيت لحم مدينة مسيحية مهمة لعدة قرون ويتدفق إليها الحجاج المسيحيون كل عام.
منها تُصنع الهدايا التذكارية التي تملأ الأسواق القديمة في بيت لحم والخليل والقدس، وعليها ينحت الصناع صورًا للمسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي والسيدة العذراء، ويكتبون فوقها بلغة عربية ما يدل على فلسطينية الصنعة.
كما عملت النساء أيضاً في هذه الصنعة منذ القدم، وتعود بدايات عملهن فيها إلى القرن السابع عشر على الأقل. وقد دُوّن ذلك في كتب الرحالة أمثال ريتشارد بوكوك، الذي سافر إلى بيت لحم في عام 1727، وقد كان الصدفُ سابقاً يأتي من محار البحر الأحمر واليوم يأتي من استراليا وكاليفورنيا ونيوزيلاندا.
وفي أحد المصانع في بيت ساحور الذي تأسس عام 1956، توارثت عائلة الأطرش هذه الصنعة التي تعد من الصنائع المهددة بالاندثار وأبقت على هذا العمل التقليدي حتى اليوم مع إدخال بعض التكنلوجيا في العمل.
وحسب ما يقول ناصر الأطرش صاحب المصنع: "حينما يمسك العامل الصدف الخام يدخله على عدد من المراحل ويقطعه ويرصه بعد فرز الألوان، ثم يبدأ بالنقش والكتابة عليه يدوياً، ونحن المصنع الوحيد والأكبر في الشرق الأوسط الذي لا يزال محافظاً على تقليدية الصناعة".
انتقلت صناعة الصدف من بيت لحم إلى سوريا أيضاً، التي تشتهر بصناعته حتى اليوم، وقد كان المعرض الأول في الغرب لعرض القطع الأثرية لصدف أم اللؤلؤ من فلسطين في معرض عالمي في نيويورك عام 1852. وعرض الشقيقان، جريس وإبراهيم منصور، أعمالهما وحققا نجاحاُ كبيراُ.
في الوقت الحالي تقتصر الصناعة على التحف والهدايا والأقراط والدبابيس وإطارات الصور، وتؤخذ كهدايا تذكارية فلسطينية تعبر عن التراث كالتطريز ومنحوتات خشب الزيتون.
وتبدأ الصناعة بتوفير الأصداف من البحر ثم تدخل في عملية الصنفرة لتأهيل الصدفة وجعلها ناعمة الملمس قبل أن تُقطع إلى شرائح رفيعة تُسمى الشريحة الواحدة منها مبرزة.
ويصل سمك المبرزة إلى 2و3 ملم ثم تُقطع بأشكال هندسية مربعة أو سداسية أو ثمانية حسب تصميم التحفة التي تُستخدم القطع في زخرفتها.
اندثرت هذه الصنعة في بيت لحم تقريبا ولم يبقَ إلا بعض المصانع القليلة التي لا تتجاوز الخمس، وكلها تتركز في بيت ساحور التي حافظت على الصناعة، وتصدرها إلى العالم ، ورغم أن بعض أصحاب المصانع تلقوا عرضا لنقلها إلى الأردن وإلى دول أخرى لكنهم رفضوا هذه العروض معتبرين أن وجودها في بيت ساحور حفاظ على الهوية الوطنية.