الصراع على أرض النقب كان منذ النكبة الفلسطينية 1948، سعى فيه الاحتلال (الإسرائيلي) لتفريغ مدن وقرى النقب من سكانها البدو، ضمن سياسة تهويدية ممنهجة تبناها مؤسس دولتهم وأول رئيس وزراء لها ديفيد بن غوريون حين قال صراحة "إذا لم نصمد في الصحراء، فستسقط تل أبيب".
ووصف في خطابه أمام الكنيست عام 1951، صحراء النقب بأنها "مشروع الأمة"، معطيًا بذلك الإشارة للمؤسسات الصهيونية لبدء العمل على إيجاد الاستراتيجيات اللازمة لاستيطان النقب وتهويدها، عبر آليات مصادرة الأراضي وتجريفها وهدم البيوت والقرى.
وتتبع الحكومات (الإسرائيلية) سياسات مختلفة لتهجير البدو من النقب عبر هدم منازلهم وتدميرها وسرقة أراضيهم وملاحقتهم لتهجيرهم، لكن مؤخرا وقبل عام زاد الصراع على الأرض فجاءت "هبة النقب" التي انتفض فيها السكان في وجه الاحتلال وعمليات التهويد.
وتشكل أراضي النقب مطمعا للاحتلال بسبب مساحتها البالغة 14 ألف كيلو متر مربع أي ما يقارب 60% من مساحة فلسطين البالغة 27 ألف كيلو متر.
قنبلة ديمغرافية موقوتة
يقول ابن النقب عامر الهزيل الأكاديمي والباحث السياسي إن بقاء (الدولة اليهودية) مرهون بالسيطرة على النقب وبالتالي تركز الحكومات المتعاقبة على سياسة التهويد فيها وفقا لاستراتيجية بن غوريون حيث أنها هي قلب الخطة الاستيطانية.
وأوضح الهزيل "للرسالة نت" أن النقب هي مستقبل اليهود والمهاجرين منهم إلى (إسرائيل) كونها مساحة شاسعة ويبلغ عدد الفلسطينيين فيها 53 ألف نسمة أي 35% من سكان النقب.
هبة النقب 2022.. إليك القصة كاملة
ويرى أن سبب قلق الاحتلال من النقب هو الخشية من وصول عدد السكان البدو إلى 770 ألف فلسطيني، وفي عام 2050 سيصلون إلى مليون نسمة" وفق دراساتهم، موضحا أن (الإسرائيليين) يسمون ذلك "معركة الرحم الفلسطيني" التي تشكل قنبلة ديمغرافية موقوتة.
وأشار الهزيل إلى أن ما سيحدث في 2050 يشكّل خطرا ديمغرافيا على الاحتلال لذا يحاول بكل الأساليب جلب المستوطنين لأراضي النقب لإقامة مستوطنات، ويسلكون خططا أخرى للتهويد عبر التشجير وذلك من خلال منح مستوطنين مزارع فردية تصل حوالي 5 آلاف دونم لزرعها وبالتالي في حال حاول أي فلسطيني الاقتراب يمكن قتله أو اعتقاله.
ويؤكد أن ما يجري داخل (إسرائيل) من خطط استيطانية لسرقة أراضي النقب يهدف لمنع السيطرة الفلسطينية، لافتا إلى أن لدى الاحتلال قناعة بأن مصير دولتهم مرتبط بحجم سيطرتهم على النقب.
وتطرق الهزيل خلال حديثه إلى أن الحكومة (الإسرائيلية) السابقة أقرت إقامة 14 مستوطنة داخل التواجد الفلسطيني في النقب، والحكومة الحالية المتطرفة ستنفذها بالقوة.
التلاحم الاجتماعي
أما صمود السكان رغم الاعتداءات اليومية يبرره الناشط عزيز الطواري من قرية العراقيب بالقول: "مستمرون لإيماننا بالنضال وهو الحل الوحيد لإفشال المخططات الاستيطانية وذلك منذ 1948".
وتابع الطواري: "في الفترة الأخيرة نرى الاحتلال يزيد جرائمه حيث هدم البيوت وقتل السكان ومطاردتهم".
ويشير إلى أن الانتهاكات الواقعة على أهالي النقب قابلوها بالتلاحم الاجتماعي للوقوف في وجه عدو واحد، مما أكسبهم قوة للاستمرار في النضال والوقوف بوجه المخططات التهويدية.
ويؤكد الطواري أن أهالي النقب يرفضون الاستسلام وترك أراضيهم لتتحول إلى صالح المستوطنات، مشيرا إلى أن هناك صحوة للنضال أكثر من ذي قبل، أدت إلى تمسك السكان بأراضيهم.
ويرى أن التمسك بالأرض هو أكبر سلاح يملكه السكان، فهم لا يقبلون المساومة أو التنازل رغم المغريات التي يقدمها الاحتلال لهم.
ويختم الطواري: "ما يحتاجه سكان النقب هو تنظيم الصفوف والوحدة ووضع خطة وطنية من الكل الفلسطيني للتصدي للمخططات الاستيطانية التي تستشري كالسرطان في أراضي النقب".